طوى العراق واحدا من أكثر الملفات استنزافا لاقتصاده، بعد تسديده جميع المستحقات المترتبة عليه في ملف تعويضات الكويت، وسط تفاؤل بانتعاش اقتصادي وانفتاح على الاستثمار العالمي.وقال مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية مظهر محمد صالح إن العراق أنهى ملف تعويضات حرب الكويت، مبينا أنه “بذلك سدد العراق كافة التزاماته التي فرضت عليه بموجب الفصل السابع بميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة عام 1991”.
واعتبر صالح أن إغلاق ملف تعويضات الكويت يعتبر صفحة جديدة في تاريخ العراق الاقتصادي.وأوضح أن “هذا الملف كان يكلف العراق يوميا من 6-7 ملايين دولار”، لافتا إلى أن قيمة هذه الأموال من صادرات العراق الحالية -التي تبلغ أكثر من ملياري دولار سنويا- ستضاف إلى موازنة العراق وتسد بابا من أبواب الصرف.التنمية والاستثماروأعرب صالح عن أمله في أن تذهب هذه الأموال إلى التنمية، واستثمارها في المشروعات المشغِّلة للقوى العاملة والمنتجة للدخل.
وبين مستشار الكاظمي أن العراق فُرض عليه من مجلس الأمن نحو 40 قرارا بسبب حرب الكويت وكبِّل تماما حتى الوقت الحاضر، فنهاية هذا الملف معناها صدور قرار من مجلس الأمن الدولي، ويتوقع أن يكون بداية العام المقبل لإخراج العراق من مشاكل الفصل السابع بميثاق الأمم المتحدة.وأشار إلى أن للعراق آفاقا كبيرة باندماجه بالاقتصاد العالمي، موضحا أن العزلة التي يعيشها كبيرة ولا تزال طائرات كثير من دول العالم لا تصل مطار بغداد، مما يدل على أن العراق ما زال محاصرا جزئيا، مما يترتب عليه اعتباره منطقة حرب تجعل تكاليف التأمين والشحن عالية، وهو ما يعوق التقدم الاقتصادي.خطة عشريةوشدد صالح على الحاجة إلى خطة تنمية عشرية تستمر إلى 10 سنوات للاستفادة من واردات النفط، حيث يتم البدء بتطوير البنية التحتية وتنتهي بالمشاريع المدرة للدخل، متوقعا أن يكون عام 2022 عام تقدم وازدهار للعراق ومؤشرات إيجابية بعودته للحياة الاقتصادية الطبيعية والاندماج بالمجتمع الدولي.
إعادة الثقة بالعراق
في حين أكد الخبير الاقتصادي باسم أنطوان أن إغلاق ملف تعويضات الكويت سيعيد الثقة بالعراق واستثماراته إضافة إلى تحسين صورته وسمعته بين عدة دول وشركات لخدمة أبناء البلد فضلا عن ثقة الأجانب في العراق، لافتا إلى أن الخروج من البند السابع ستتبعه بعض الإجراءات، وتقع على البنك المركزي جهود في ذلك.وبين أنطوان أن المصارف العراقية ستعيد تعاملاتها كاستخدام مراسلين من دول الخارج لتحقيق إنجازات كبيرة وواسعة مع هذه المصارف، مثل مصرف الرافدين الذي يعدّ مصرفا عملاقا بشكل رئيس، إضافة إلى الحاجة إلى مصارف وسيطة مع العراق.وذكر أن النسبة التي كانت تقتطع من مبيعات النفط العراقية لصالح الكويت، سيتم الاستمرار في استقطاعها، ولكن هذه المرة لصالح صندوق سيادي أسوة بدول الخليج.من جهته، حث الأكاديمي في جامعة البصرة نبيل جعفر الحكومة على المطالبة بإخراج العراق من الفصل السابع إلى السادس، وتحرير حساباته المالية، خاصة عائدات النفط التي تذهب إلى البنك الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) ليستقطع منها حصة التعويضات.وأوضح أن التعويضات انتهت، وبالتالي ينبغي أن تذهب عائدات النفط -وهي بالعملة الأجنبية- إلى العراق مباشرة، مشددا على ضرورة أن يطلب العراق من مجلس الأمن حماية أمواله المودعة بالخارج.وأشار إلى أن التوجه الحكومي بعد هذا الملف هو تأسيس صندوق سيادي تودع به الـ3% من مبيعات النفط التي كانت تذهب للكويت والتي كانت تصل أحيانا إلى ملياري دولار سنويا، لاستثمارها في الداخل والخارج، وتكون نوعا من المصدات تجاه الأزمات الدولية التي تحل بالعراق بوصفه من الدول الريعية.مكاسبوأكد المحلل الاقتصادي طارق الأنصاري تحقيق العراق مكاسب من إنهاء ملف التعويضات وتخفيف العبء على الموازنة، وهو ما سينعكس إيجابا على البلاد عبر استثمار المبالغ التي كانت تدفع تعويضات -والتي تقدر بمليارين ونصف المليار سنويا- في البنى التحتية وامتصاص البطالة والحد من التضخم والفقر.وشدد على ضرورة وضع الاقتصاد العراقي في مساره الصحيح من الناحية العلمية والمنهجية وإعادة هيكلية الاقتصاد بسياسته النقدية والمالية والاستثمارية والنفطية كما أوردتها “الورقة البيضاء”.