رغم التزام كبار أعضاء الاتحاد الأوروبي بردّ قوي، لكن البعض أعرب عن مخاوف من رد فعل أمريكي قد يلحق الضرر باقتصاداتهم، حسبما ذكر بعض المصادر المطلعة، الذين قالوا إنّ التحالف يواصل تقييم التداعيات الاقتصادية والقانونية للعقوبات المحتملة.
قطع إمدادات الغاز
قلق الدول الأوروبية الرئيسي هو مِن ردّ روسي محتمل بقطع إمدادات الغاز الاستراتيجية عن القارة التي تعاني من ارتفاع قياسي في أسعار الطاقة.يحتاج أي ردّ قوي على روسيا إلى إجماع دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة متباينة من حيث وجهات النظر بشأن روسيا بشكل عام.تُجري الولايات المتحدة مشاورات مع عدة دول أوروبية قبل محادثات روسيا، ومن بينها ما يُعرف باسم التجمع الخماسي للدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، منها فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا، كما أجرت محادثات أيضاً مع بعض دول أوروبا الشرقية.قالت المصادر المطلعة إنّه توجد صعوبات في ترجمة التصريحات المتناسقة لاتفاق مشترك بشأن اتخاذ إجراءات محددة. تعكس تلك الخلافات حجم التحدي الذي تواجهه الولايات المتحدة وحلفاؤها ضمن محاولاتهم الضغط على الرئيس فلاديمير بوتين للتوقف عن حشد تعزيزات عسكرية ضخمة بالقرب من الحدود الأوكرانية.
خيارات العقوبات
ناقشت الدول خيارات، من بينها استبعاد روسيا من نظام المدفوعات المالية الدولية “سويفت”، والحد من قدرة البنوك الروسية على تحويل العملات، وفرض ضوابط على التصدير والتقنيات المتقدمة المستخدمة في الطيران وأشباه الموصلات والمكونات الأخرى، وكذلك أجهزة الكمبيوتر والسلع الاستهلاكية الأخرى، في حالة الوصول إلى سيناريوهات أكثر تطرفًا.قال مصدر آخر مطلع على النقاشات إنّ العقوبات على روسيا قد تصل إلى كل شيء، من إلكترونيات الطائرات والمعدات إلى الهواتف الذكية ووحدات التحكم في الألعاب والأجهزة اللوحية وأجهزة التليفزيون. كما تقضي بعض الإجراءات بفرض قيود صارمة على الصادرات، مثل تلك المفروضة على كوبا وإيران وكوريا الشمالية وسوريا، التي انقطعت إلى حد كبير عن التجارة والتمويل العالميَّين.”الدبلوماسية هي الطريقة الوحيدة المسؤولة عن حل هذه الأزمة. نحن ملتزمون الحوار المتبادل الهادف مع روسيا والتشاور والتنسيق مع الحلفاء والشركاء، ونفضل الدبلوماسية، لكننا على استعداد للرد على مزيد من العدوان الروسي على أوكرانيا”.موافقة ألمانياأشار مسؤول سابق على صلة بالإدارة الأمريكية الحالية إلى أن القلق يتمحور حول مدى موافقة ألمانيا التي أكملت للتو خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2” القادم من روسيا. وقال المصدر إنّ رحيل أنغيلا ميركل مؤخراً بعد 16 عاماً تولت خلالها منصب المستشارة الألمانية ترك فجوة أيضاً في ما يتعلق بالزعيم الأوروبي الذي يمكنه قيادة الاتحاد الأوروبي نحو اتفاقية، والانخراط مباشرة مع بوتين.لم يبدأ خط أنابيب “نورد ستريم 2” في ضخ الغاز، إذ ينتظر موافقات الجهات التنظيمية من برلين وبروكسل، فيما قال جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي في تغريدة يوم الأحد: “ننسق استراتيجيتنا من كثب مع شركائنا عبر الأطلسي وغيرهم من الشركاء المتفقين في التفكير، فلا أمن في أوروبا دون أمن أوكرانيا”.يجتمع مسؤولون من روسيا والولايات المتحدة في جنيف اليوم، كما من المقرر عقد اجتماع بين روسيا وحلف شمال الأطلسي هذا الأسبوع، بالإضافة إلى محادثات في فيينا في إطار اجتماعات منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.قال بوتين إنه لا يخطط حالياً لغزو أوكرانيا، لكنه طالب “الناتو” أيضاً بتزويده بضمانات أمنية.أرضية مشتركة في المحادثاتيعلق المسؤولون الأمريكيون آمالهم على أرضية مشتركة في المحادثات حول قضايا مثل الحد من التسلح وزيادة التعاون العسكري بين الجيوش، وفقاً لمصادر مطلعة على الخطط المتعلقة بالضمانات التي يطلبها بوتين من “الناتو” قبل بدء المحادثات. وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية إنهم على استعداد لبحث قيود متبادلة على القاذفات الاستراتيجية والتدريبات العسكرية للقوات البرية.المسؤول الأمريكي أضاف أن الولايات المتحدة ستؤجل تقديم التزامات محددة خلال المحادثات، فيما تخطط لإجراء مناقشات مع الحلفاء قبل عقد أي اتفاقات مع الجانب الروسي، وأنها لن تتفاوض بشأن تقليص انتشار القوات في أوروبا الشرقية، نافياً ما ذكره تقرير “شبكة إن بي سي” الإخبارية.في المقابل، قال سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي لوكالة “إنترفاكس” إن روسيا ليست متفائلة قبل الاجتماع، وإن فريق مفاوضي بلاده يسعون للتوصل إلى حل سريع. كذلك صرح وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكين لشبكة “إيه بي سي نيوز” يوم الأحد أنه لا يتوقع انفراجة.حشد 100 ألف جندييُظهِر تقييم عسكري اطلعت عليه “بلومبرغ” أن التقييمات الاستخباراتية وصور الأقمار الصناعية تؤكد حشد أكثر من 100 ألف جندي روسي على الحدود مع أوكرانيا. كما طورت روسيا أيضاً قدراتها لنشر مزيد من الوحدات في فترة زمنية قصيرة تمتد من أسبوع إلى أسبوعين.قال مسؤولون إنّ روسيا لم تُظهِر أي مؤشر على وقف التصعيد، فيما تكثف جهودها لاستهداف أوكرانيا بمعلومات مضللة.أحد المصادر المطلعة قال إنّ تقييماً عسكرياً آخر أشار إلى احتمال انتقال روسيا إلى منطقة دونباس شرق أوكرانيا قبل حلول فصل الربيع في نصف الكرة الشمالي، بدلاً من غزو واسع النطاق من مواقع متعددة.بدأ الصراع بين أوكرانيا وروسيا منذ رد بوتين على الثورة الأوكرانية عام 2014 التي أطاحت بالرئيس الموالي لموسكو بسيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم. كما دعمت روسيا الانفصاليين في شرق أوكرانيا وقدمت لهم أفراداً وأسلحة، مما ساعد على تأجيج الصراع الذي أودى بحياة أكثر من 14 ألف شخص.