يثير بطء تقدم خطة أكبر الاقتصادات لمساعدة الدول النامية المثقلة بالديون على إعادة هيكلة ديونها مخاوف صندوق النقد الدولي والبنك الدولي حيال نقاط الضعف مع استحقاق مبلغ 35 مليار دولار عليها، فيما تلوح زيادة أسعار الفائدة الأمريكية في الأفق.
عاق الافتقار إلى التنسيق والشفافية العملية منذ أكثر من عام، أي حين وضعت مجموعة العشرين ما يسمى بـإطار العمل المشترك لإعادة تنظيم ديون البلدان المعرضة لخطر التخلف عن السداد. لا تزال تشاد وزامبيا وإثيوبيا، وهي التي انفردت بين نحو 70 دولة مؤهلة بالتقدم بطلبات، عالقة في محادثات شاقة. خُفّض تصنيف إثيوبيا الائتماني لمجرد تقدمها بطلب، ما دفع دولاً مثل موريتانيا إلى تجنّب هذه العملية.قالت كبيرة اقتصاديي البنك الدولي كارمن راينهارت: “لا يزال يتعين على إطار العمل المشترك تقديم شيء قد يحفز الآخرين”. وأضافت أن الدائنين كانوا بطيئين للغاية بتقبل حقيقة أنهم سيكسبون أقل من استثماراتهم.
رأت المديرة التنفيذية لـصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا أن إلحاح الحاجَة إلى تجنّب ما وصفته بأنه “انهيار اقتصادي” بالنسبة إلى بعض البلدان يزداد بعدما انقضت في ديسمبر فترة إرجاء مدفوعات خدمة الدَّين من 70 دولة متعثرة، التي أقرتها مجموعة العشرين بدءاً من مايو 2020. يقدر البنك الدولي أن أفقر دول العالم، وتشمل معظم الدول التي تأهلت للانقطاع عن خدمة الديون، تستحق عليها مدفوعات قدرها 35 مليار دولار في 2022.يُلزِم إطار العمل المشترك دائني القطاع الخاص أن يشاركوا بشروط مشابهة للمقرضين الحكوميين، وأيضًا نادي باريس الذي انطلق منذ ستة عقود ويتشكل من دائنين في دول معظمها غربي، إضافة إلى الصين، التي تُعَدّ الآن أكبر مقرض للبلدان منخفضة الدخل. تزعّم صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، اللذان تعهّدا بالمساعدة في تحليل القدرة على تحمّل الديون والسياسات والإقراض الجديد، المبادرة باعتبارها عملية أسرع ومن شأنها تقليل التكاليف.
تعديلات مقترحة
اقترحت المؤسسات تعديلات على إطار العمل المشترك، بما في ذلك تعليق ديون الدول في أثناء تفاوضها مع الدائنين. دعا رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس الشهر الماضي الصين للمشاركة بشكل أكبر في إعادة هيكلة الديون.قالت سوزان لوند، كبيرة اقتصاديي “مؤسسة التمويل الدولية” (International Finance Corp)، وهي مؤسسة مختصة بإقراض القطاع الخاص تتبع البنك الدولي، إنّ اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين في إندونيسيا هذا الشهر يمثل فرصة لجعل إطار العمل المشترك أكثر فاعلية، وقالت إن دائنين كثراً يترقبون وينتظرون أن يتقبل الآخرون الخسائر.أضافت لوند: “إنها مشكلة التنفّع التقليدية… الدائنون بحاجة إلى زيادة تقبّلهم لحقيقة أنهم سيكسبون أقل، فأنتم لا تريدون أن يتفاقم هذا الوضع أكثر”.تتزايد قائمة الدول المتأزمة، إذ يقول صندوق النقد الدولي إنّ نحو 60% من البلدان منخفضة الدخل معرضة لخطر ضائقة ديون كبير أو ترزح تحته فعلاً، وهو ضِعف مستوى 2015. توجد ثمانية اقتصادات نامية لديها سندات حكومية مقومة بالدولار تدفع ما لا يقل عن 1000 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأمريكية، وهو أعلى من عتبة الديون التي تُعتبر متعثرة، وفقاً لبيانات جمعتها “بلومبرغ”.فجوة بين نظرتينيقول غيوم شابير، نائب مدير إدارة الاستراتيجية والسياسات والمراجعة في صندوق النقد الدولي، إنّ الفترات الزمنية في إطار العمل المشترك بحاجة إلى التحسين، كما تحتاج إلى تشكيل لجان الدائنين، ويجب أن تسرّع التعامل المبكّر مع الدول المدينة.قال كيفين دالي، مدير الاستثمار في “أبردين ستاندرد إنفستمنتس”، التي تحوز سندات من زامبيا، إنّ دائني القطاع الخاص ليس لديهم منظور كافٍ ليأخذوا بعين الاعتبار تحليل صندوق النقد الدولي لتخفيضات الديون المطلوبة. أضاف دالي أن هذا يخلق خطر “هوّة كبيرة بين ما يطلبه صندوق النقد الدولي وما يراه هؤلاء الدائنون ضرورياً”.بيّن شابير أن صندوق النقد الدولي يتعامل بانتظام مع دائني القطاع الخاص، بما في ذلك عبر “معهد التمويل الدولي”، الذي يمثل الشركات المالية العالمية. وأضاف أن مفاوضات إعادة هيكلة الديون تُعقَد مباشرة بين الدولة المدينة ودائنيها.صندوق النقد الدولي يحث الدول المثقلة بالديون على التحرك فوراً لتجنب المشكلاتقالت وزارة المالية في زامبيا إنّ الدولة ملتزمة الشفافية ومعاملة الدائنين بشكل مشابه،فيما قال وزير الدولة الإثيوبي للشؤون المالية، أيوب تيكالين، إنّ إثيوبيا كانت متعاونة مع هذه العملية، وهي تشعر بخيبة أمل لعدم اكتمالها، داعياً جميع الأطراف إلى تكثيف الجهود.لكن رفض متحدث باسم وزارة المالية التشادية التعليق.قال مسعود أحمد، رئيس “مركز التنمية العالمية”، وهو مركز أبحاث يتخذ في واشنطن مقراً له، إنّ العملية تحتاج إلى مزيد من الاستعجال.أضاف أحمد أنه حتى الآن في ظل الوباء كانت الحاجة إلى إعادة هيكلة الديون “هي في الغالب مشكلة البلد منخفض الدخل… لكن إذا ارتفعت أسعار الفائدة فعلاً وتسببت بمفاجآت غير متوقعة في السوق، فقد ترى بعض الأسواق الناشئة، التي لديها مستويات عالية من الديون، تشعر بالضعف”.