رفعت المكسيك سعر الفائدة الرئيسي بمقدار نصف نقطة مئوية في الاجتماع الثاني على التوالي، والذي بحث فيه صانعو السياسة المرحلة التابعة لحال الركود الاقتصادي، بهدف معالجة التضخم القريب من أعلى مستوى له منذ عقدين.
في أول اجتماع للسياسة النقدية، بقيادة المحافظة الجديدة، فيكتوريا رودريغيز سيجا، رفع البنك المركزي سعر الفائدة القياسي بمقدار نصف نقطة إلى 6% يوم الخميس، وتطابقت الزيادة مع توقعات 19 من 22 محللاً اقتصادياً شملهم استطلاع بلومبرغ، في حين توقع ثلاثة ارتفاعاً بمقدار ربع نقطة.أيدت القرار “رودريغيز سيجا”، وثلاثة أعضاء آخرين من مجلس الإدارة المكوّن من خمسة أشخاص، وصوّت نائب المحافظ، جيراردو إسكيفيل، مرة أخرى لصالح زيادة أقل.
قال مجلس الإدارة في بيان مصاحب للقرار إنه “ما يزال ميزان المخاطر لمسار التضخم في أفق التوقعات منحازاً إلى الاتجاه الصعودي”. و قام البنك كذلك بتعديل تقديرات التضخم بالزيادة لهذا العام.يمضي البنك المركزي المكسيكي، “بنكسيكو”Banxico ، في طريق دورة التشديد الثانية خلال العقد الأخير، حيث رفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 200 نقطة أساس منذ يونيو مع زيادات في كل اجتماع من اجتماعاته الستة الأخيرة.رغم تباطؤ التضخم بشكل طفيف عن أعلى مستوى له في عقدين بشهر نوفمبر وانزلاق الاقتصاد إلى الركود وسط أزمات سلسلة التوريد العالمية، إلا أن الوتيرة السنوية للزيادات في أسعار المستهلكين ما تزال ترتفع عن ضعفي هدف صانعي السياسات البالغ 3%.قالت غابرييلا سيلر، الخبيرة الاقتصادية لدى “بنكو باس” (Banco BASE): “من المتوقع أن يواصل (بنكسيكو) رفع أسعار الفائدة في وقت لاحق، ومن المحتمل للغاية أن يُنهي سعر الفائدة في المكسيك العام عند 7%”.
يعمل “بنكسيكو” على زيادة تكاليف الاقتراض بشكل مطّرد في أول دورة تشديدية منذ أواخر 2015 إلى 2018، لمحاولة إبطاء التضخم الذي تجاوز 7%. قامت كذلك البنوك المركزية في البرازيل وتشيلي وبيرو وكولومبيا، التي تواجه ارتفاعات مماثلة في أسعار المستهلكين، بتسريع قراراتها المتشددة منذ الجزء الثاني من عام 2021، وأظهرت تساهلاً أقل مع الارتفاع التضخمي مقارنة بنظائرها من الدول الغنية.وتتعلق المسألة المثيرة لقلق “بنكسيكو” بشكل أكبر بتسارع بيانات التضخم الأساسي المُراقبة عن قرب، وتهدف إلى تتبّع الاتجاهات الأساسية من خلال استبعاد الأسعار الأكثر تقلباً، والتي قفزت إلى 6.21% في يناير، في أعلى مستوى لها منذ سبتمبر 2001.توقع الاقتصاديون الذين شملهم استطلاع للبنك المركزي في أواخر الشهر الماضي معدل تضخم نسبته 4.42% في نهاية العام، وزيادة بمقدار 20 نقطة أساس في توقعاتهم الشهر السابق مع قراءة أساسية نسبتها 4.31%، وهي قفزة بمقدار 32 نقطة أساس عن الاستطلاع السابق.المحافظة الجديدةتقود المحافظة الجديدة “رودريغيز سيجا” البنك المركزي خلال هذا المنعطف الحرج، وتولّت منصبها الشهر الماضي لمدة ست سنوات، لتصبح بذلك أول امرأة تقود “بنكسيكو”. في وقت سابق من هذا الشهر، عيّن الرئيس التشيلي المنتهية ولايته، سيباستيان بينيرا، روزانا كوستا كأول امرأة تتولى رئاسة البنك المركزي في ذلك البلد.اختار الرئيس، أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، في شهر نوفمبر المحافظة الجديدة “رودريغيز سيجا”، المسؤولة السابقة في الميزانية والتي لم تكن معروفة قبل ذلك، لقيادة أحد البنوك المركزية المرموقة في أمريكا اللاتينية، رغم خبرتها المحدودة في السياسة النقدية. وما تزال تحاوطها حالة من الشك بشأن الطريقة التي ستتعامل بها مع معركة “بنكسيكو” ضد التضخم في الأشهر المقبلة.بالنظر إلى المستقبل، قال نائب المحافظ، جوناثان هيث، الأسبوع الماضي إنه سيكون من الصعب، اعتباراً من شهر مارس، الاستمرار في زيادات قدرها نصف نقطة في كل اجتماع. و انكمش ثاني أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية في الربعين الثالث والرابع من عام 2021، ودخل في حالة ركود بعد انتعاش من انخفاض نسبته 8.2% في عام 2020.يترّقب “بنكسيكو” صورة أخرى مبهمة تتعلّق بقياس تحركات السياسة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، الذي أشار إلى بدء الارتفاع في مارس لأول مرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، وبدء تقليص موازنته بعد فترة وجيزة من ذلك.يميل “بنكسيكو”، ربما أكثر من أي سوق ناشئ آخر، إلى ربط سياسته النقدية تاريخياً بسياسة “الاحتياطي الفيدرالي”، نظراً لقرب المكسيك الجغرافي من الولايات المتحدة والتكامل الاقتصادي للدولتين.قالت جيسيكا رولدان، كبيرة الاقتصاديين لدى “كاسا دي بولسا فينامكس” (Casa de Bolsa Finamex): “للمضي قدماً، نتوقع من حيث المبدأ محاكاة البنك المركزي لسياسة رفع أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي. تزداد حالة الشك على عدة أصعدة وستظل قرارات السياسة النقدية مدفوعة بالبيانات”.بينما اتخذت حكومة “لوبيز أوبرادور” خطوات محدودة للسيطرة على أسعار المستهلكين مثل فرض حد أقصى لتكاليف غاز الطهي، وإنشاء مزوّد حكومي للغاز السائل للتنافس مع بائعين القطاع الخاص العام الماضي، لكن تقع الكثير من المسؤولية على عاتق البنك المركزي.