الطاقة المتجددة في المغرب… كيف يبدو مصيرها؟

4 مارس 2022
الطاقة المتجددة في المغرب… كيف يبدو مصيرها؟


 يشهد العالم تسارعا نحو الطاقات المتجددة مدفوعا بالتغيرات المناخية وتحقيق حياد الكربون، وحل المغرب في المركز الثامن بين دول العالم في مؤشر أداء تغير المناخ لعام 2022، إذ صنف في صدارة مجموعة الدول التي تبذل أكبر قدر من الجهود للتخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري، ويراهن المغرب على زيادة حصة الطاقات المتجددة في المزيج الكهربائي إلى أكثر من 52% وتحقيق 20% من طاقة الرياح في مزيج طاقته بحلول عام 2030.

الجزيرة نت استقت مجموعة من المعلومات من قبل خبراء وفاعلين في القطاع؛ منهم المكتب الوطني للماء والكهرباء ووكالة “مازن”، وهي المجموعة المسؤولة عن ريادة وتسيير قطاع الطاقات المتجددة في المغرب، والخبير الاستشاري في مجال الطاقة الريحية سعيد كمرة، تجدونها ضمن أجوبة الأسئلة الستة التالية:
متى بدأت طاقة الرياح بالمغرب؟
يعتبر المغرب من أوائل الدول في منطقة شمال أفريقيا التي استغلت طاقة الرياح لتوليد الكهرباء، واختبر المغرب إنتاجا واسع النطاق للكهرباء من مصادر متجددة منذ إنشاء أول مزارع رياح شاسعة في عام 1999 مع مزرعة عبد الخالق طوريس الممتدة على مساحة 230 هكتارا بطاقة مركبة تبلغ حوالي 50 ميغاوات.

وتفيد وكالة مازن أن طاقة الرياح بدأت في مطلع القرن الـ21، وشكلت نقطة التحول الحقيقية للطاقات المتجددة في المغرب.وبعد إعداد الدراسات الضرورية أطلق المكتب الوطني للماء والكهرباء في أقل من 5 سنوات، دعوتين دوليتين لتقديم عطاءات لمشروعي مزرعة رياح “أموجدول” بقدرة 60 ميغاوات في “الصويرة”، و”ضهر سعدان” بقدرة 140 ميغاوات بطنجة، بالإضافة للانفتاح الأول على القطاع الخاص الصناعي من خلال صيغة “الإنتاج الذاتي” التي أتاحت للصناعيين إقامة مزارع الرياح الخاصة.وقنن المغرب صيغة التعامل بين الفاعل الخاص والعام في عام 2009 من خلال قانون (09-13) الذي سمح للمستثمرين من القطاع الخاص بالشروع في تحقيق مشاريع الطاقة المتجددة وبيع الكهرباء المنتجة من خلال اتفاقيات شراء الطاقة بين العملاء والموردين، وأطلق المغرب الإستراتيجية الوطنية للطاقة عام 2009.كيف تم الانتقال الطاقي بالمغرب؟
ما زالت المحروقات تهمين على الباقة الطاقية بالمغرب، ويساعد تطوير مصادر الطاقة المتجددة على تحسين أمن الطاقة وكذلك الوفاء بالتزامات المغرب المتعلقة بالطاقة النظيفة وتغير المناخ.وبلغت مساهمة الطاقات المتجددة حوالي 20% من الطلب على الطاقة الكهربائية، وفق معطيات وزارة الانتقال الطاقي، وتم تسجيل تراجع نسبة التبعية الطاقية من 97.5% سنة 2009 إلى 90.5% حاليا، ويوجد بالمغرب حوالي 111 مشروعا من الطاقات المتجددة في طور الاستغلال أو التطوير.يقول المكتب الوطني للماء والكهرباء إن قطاع طاقة الرياح أظهر العديد من المزايا؛ منها عدم انبعاث غازات الاحتباس الحراري، والاستمرارية والوفرة على نطاق واسع، وتحقيق اتجاه تنازلي في كلفة الإنتاج.ومكّن إطلاق برنامج مغربي متكامل لطاقة الرياح في عام 2010 (ألفا ميغاوات) من الوصول إلى 14% من السعة المركبة في طاقة الرياح عام 2020.في حين تقول الوكالة الدولية للطاقة إن المغرب يحرز تقدما قويا نحو طاقة ميسورة التكلفة وموثوقة ومستدامة وحديثة، بما يتماشى مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، ومع ذلك، فإن إحراز تقدم في خفض كثافة استخدام الطاقة في الاقتصاد المغربي أكثر صعوبة.ما الفرص المتوفرة لدى المغرب في الطاقات الريحية؟في نهاية عام 2020، كان لدى المملكة 12 مشروع طاقة رياح تشغيلية بإجمالي طاقة مركبة تبلغ 1200 ميغاوات.ومن حيث طاقة الرياح، تحتل البلاد المرتبة الـ31 في العالم، وتسجل سواحلها الأطلسية البالغ طولها 3500 كيلومتر سرعات رياح تتراوح بين 7.5 و11 مترا في الثانية، أي إمكانات فنية تقدر بنحو 25 ألف ميغاوات، وفق مازن.ويرى الخبير الاستشاري في مجال الطاقة الريحية سعيد كمرة، أن في المغرب فرصا مهمة في إنتاج الطاقة الريحية، ويمكنه أن يكون رائدا، غير أنه يعتبر أن الطاقة هي مسألة إدارة قبل أن تكون مسألة استثمار، ما يجعل تحقيق الأهداف أكثر تعقيدا، ويذهب سعيد للقول إن “المغرب يمكنه إزالة الكربون من كهرباء الشركات المصدرة إلى 88% لتكون على نفس مستوى دول أوروبية مثل فرنسا وإسبانيا”.ووفق الإستراتيجية الطاقية، تم إطلاق برامج جديدة لدعم الاستثمار في الطاقات المتجددة، منها، تزويد محطات تحلية مياه البحر بالطاقات المتجددة وخاصة الريحية والشمسية (قيد التطوير بمنطقة الداخلة)، والشروع في بلورة خارطة طريق لتطوير طاقة التيارات البحرية.ويوفر المغرب تكاملية في الإنتاج، إذ تم إنشاء المصنع الصناعي “سيمنزغاماسا” للطاقة المتجددة (ألماني) في المغرب لتصنيع شفرات توربينات الرياح في منطقة طنجة، والذي أحدث حوالي 600 وظيفة مباشرة، والاستحواذ المحلي للأبراج (أعمدة توربينات الرياح)، والاستحواذ المحلي على السلع والخدمات ذات الصلة.ما واقع إنتاج الطاقة الريحية بالمغرب؟وفق المؤشرات الرئيسية لسنة 2021 تصل القدرة الكهربائية المنشأة من مصادر متجددة إلى 3950 ميغاوات بنسبة 37% من القدرة الإجمالية المنجزة، وتصل القدرة الكهربائية المنشأة من مصدر ريحي إلى 1430 ميغاوات بحصة 13.40% في القدرة الإجمالية المنجزة، وتصل عدد الرخص في إطار القانون (09-13) إلى 15 رخصة للطاقة الريحية.ويرى سعيد الكمرة -وهو من أوائل المشتغلين في مجال الطاقات المتجددة وتحديدا الطاقة الريحية وواحد من مصممي مشاريع الرياح لتزويد المصنعين بطنجة على مستوى موقع الخالدي (120 ميغاوات سنة 2006)- أن مزارع الطاقة الريحية أكبر مساهم في الطاقات المتجددة بحوالي 11%، ويقول إن الطاقات المتجددة تمثل ما يقارب 17% من مجموعة الطاقة حسابا للطاقة المنتجة وليس قدرة الإنتاج.وأوضح الخبير الاستشاري الكمرة أن الكلفة في استثمار الطاقة الريحية تقدر بـ1.4 مليون دولار للميغاوات، معتبرا أن كلفتها تنافسية وتنخفض مع تطور التكنولوجيا، ومردوديتها جيدة إذا كانت في منطقة تعرف هبوب رياح منتظمة.ووفق المكتب الوطني للماء والكهرباء شهدت القدرة المركبة والتكنولوجيا وتكلفة الكيلووات في الساعة تطورا كبيرا بفضل التطور التكنولوجي، وتبلغ تكلفة الميغاوات المثبتة في طاقة الرياح حاليا حوالي 11 مليون درهم (1.1 مليون دولار للميغاوات).أي مستقبل للطاقة الريحية بالمغرب؟يخطط المكتب الوطني للماء والكهرباء لتحقيق ما يقرب من 9 آلاف ميغاوات من محفظة مشاريع الطاقة المتجددة: 4 آلاف ميغاوات من طاقة الرياح (مشاريع مدعومة من قبل مختلف الجهات الفاعلة العامة والخاصة) لتصل القدرة المركبة للنظام الكهربائي لحوالي 20 ألف ميغاوات بحلول عام 2030 مقابل 11 ألف ميغاوات مثبتة حاليا، وحصة طاقة الرياح في مزيج الطاقة حوالي 5500 ميغاوات.وقال المكتب الوطني للماء والكهرباء إن المغرب يعمل على تحقيق استثمار بحلول عام 2030 بحوالي 88 مليار درهم (9.12 مليارات دولار)، تقدر حصة طاقة الرياح منها بحوالي 52 مليار درهم (نحو 5.4 مليارات دولار).وأعلن المغرب حشد استثمارات دولية لقطاع للطاقة الريحية بقيمة 14.5 مليار درهم (نحو 1.6 مليار دولار)، ويتوقع أن يفعَّل برنامج مغربي مندمج لطاقة الرياح والذي تعادل قدرته ألف ميغاوات، بحلول العام 2024.(الجزيرة)