بعد معاقبة روسيا وموقف السعودية والإمارات.. الأنظار تتجه إلى أكبر “خزان نفطي” في العالم

10 مارس 2022
بعد معاقبة روسيا وموقف السعودية والإمارات.. الأنظار تتجه إلى أكبر “خزان نفطي” في العالم


مع الأزمة التي يشهدها العالم حاليا بسبب ارتفاع أسعار النفط العالمية بعد سلسلة أحداث، آخرها الحرب الروسية على أوكرانيا، تسعى الولايات المتحدة لإبرام صفقة نفطية مع فنزويلا يمكن أن تخفف الضغط، مع رفض دول “أوبك” زيادة حصصها الإنتاجية المتفق عليها.

وشرح محللون وخبراء تحدثوا إلى صحف أميركية وموقع “الحرة” أهمية هذه الخطوة وعما إذا كانت يمكن أن تعوض عن النقص في المعروض بعد القرار الأميركي حظر واردات النفط الروسي على خلفية غزو أوكرانيا.والتقى وفد أميركي مسؤولين في الحكومة الفنزويلية في كراكاس، نهاية الأسبوع، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ سنوات، لمناقشة إمدادات الطاقة، وفق المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي.وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن الزيارة المفاجئة لمسؤولين كبار في وزارة الخارجية الأميركية والبيت الأبيض لكراكاس مرتبطة برغبة واشنطن في استئناف استيراد النفط من فنزويلا بدلا من الكميات التي تشتريها حاليا من روسيا.

وفرضت الولايات المتحدة حزمة عقوبات على كراكاس، في 2019، في محاولة لإخراج الرئيس نيكولاس مادورو من السلطة، من أهمها حظر تصديرها للخام الذي يمثل نحو 96 في المئة من إيرادات البلاد في السوق الأميركية.وقال مادورو الذي التقى الوفد إن اللقاء اتسم “بالاحترام والودية الدبلوماسية… بدا لي أنه من المهم جدا أن أكون قادرا وجها لوجه على مناقشة المواضيع المهمة للغاية بالنسبة إلى فنزويلا”.وأعلن بعد اللقاء تفعيل الحوار مع المعارضة وإطلاق سراح أميركيَين، وهو ما مثل عودة ممكنة للدفء إلى العلاقات بين البلدين وإمكانية تخفيف العقوبات على القطاع النفطي الفنزويلي.حجم القطاع النفطي الفنزويليتعتبر فنزويلا من الأعضاء المؤسسين لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، وهي تمتلك أكبر احتياطي من النفط الخام في العالم، يصل إلى أكثر من 300 مليار برميل، وفق تقديرات عام 2016. وهذه الاحتياطات تمثل حوالي 18.2 في المئة من إجمالي احتياطيات النفط العالمية، وفق “ورلد ميتر”.

وشكل هذا القطاع تاريخيا أكثر من 80 في المئة من الصادرات الفنزويلية، حتى أنه وصل إلى نسبة 96 في المئة في عام 2013.ورغم هذه القدرات الهائلة، فإن سنوات من سوء الإدارة وأزمات الإنتاج والعقوبات الاقتصادية أدت إلى تدهور صناعة النفط، وفق تحليلات موقع “ستاتيستا”.وبحلول منتصف عام 2019، توقف الصادرات النفطية الفنزويلية للولايات المتحدة التي كانت في السابق وجهتها الرئيسية بسبب العقوبات بعد أن كانت تتجاوز 1.1 مليون برميل.وانخفض إنتاج فنزويلا من أكثر من ثلاثة ملايين برميل يوميا، إلى حوالي 550 ألف برميل من النفط يوميا بانخفاض 80 في المئة مقارنة بالعقد السابق.ويقول خبير شؤون النفط الأردني، عامر الشوبكي، لموقع “الحرة” إن الإنتاج ارتفع نوعا ما العام الماضي ليصل إلى نحو 900 ألف إلى برميل يوميا.وتأثر كذلك قطاع التكرير بسبب ندرة المواد الكيميائية المطلوبة لهذه العملية، ليتراجع إنتاج مصافيها إلى 135 ألف برميل يوميا في عام 2019، وهو ما يمثل حوالي 10 في المائة من طاقتها التكريرية.هذا الأمر تسبب في نقص البنزين بمحطات الوقود. ويقول الشوبكي إن كراكاس اضطرت إلى مقايضة خامها بشحنات مكررة من إيران ودول أخرى.ومع تزايد الواردات، ارتفعت الأسعار أيضا، ما أثر على قطاعات مختلفة من الاقتصاد، وفق موقع “ستاتيستا”.كيف تساعد فنزويلا في حل الأزمة؟ويعتقد الشوبكي أنه حتى لو تم تخفيف العقوبات على قطاعها النفطي، فلن تكون فنزويلا قادرة على إعادة الإنتاج بين عشية وضحاها.ويقول لموقع “الحرة” إن النفط الفنزويلي “يحتاج إلى وقت ليستعيد نشاطه ويعاود الإنتاج بمستويات عام 2010 ويكون قادرا على خلق توازن في الأسواق”.وفي العام الماضي، استوردت الولايات المتحدة نحو 675 ألف برميل يوميا من النفط الروسي، وهو ما يعادل الطاقة الإنتاجية الكاملة لفنزويلا، وفق موقع ميامي هيرالد.ومن بين 600 ألف برميل تصدرها كاراكاس بالفعل، يرتبط معظمها تقريبا بعقود مع الصين، ويذهب حوالي 10 في المئة إلى كوبا. وتنتج فنزويلا حوالي 800 ألف برميل يوميا حاليا، وفق الصحيفة الأميركية.ويقول خبراء إن فنزويلا بلغت بالفعل طاقتها القصوى من الإنتاج، ما يعني أن أي اتفاق مع كراكاس لن يساعد على خفض أسعار الطاقة على الفور.ولا يتوقع فرانسيسكو مونالدي، خبير في الطاقة الفنزويلية في جامعة رايس في هيوستن حدوث “زيادة كبيرة في الإنتاج لأن طاقتها الإنتاجية في حدودها القصوى تقريبا، ويضيف: “ربما تزيد الإنتاج 100 ألف برميل لكن هذا لن يغير أسعار النفط”.ويقول سايمون هيندرسون، مدير برنامج برنشتاين لسياسة الخليج والطاقة في “معهد واشنطن” لموقع “الحرة” إن النفط الفنزويلي “لن يحدث فرقا كبيرا” في الأسعار، لأنه من غير الواضح حجم الإنتاج الذي يمكن طرحه في السوق بسرعة.وقال هيندرسون في تصريحات منفصلة للصحيفة الأميركية إن الواردات الفنزويلية إلى الولايات المتحدة “ستحدث على الأرجح فرقا تدريجيا ولكن ليس مهما في تلبية الطلب الأميركي”.غوليرمو زوبيلاغا، رئيس مجموعة العمل الفنزويلية في “مجلس الأميركيتين”، قال في مقابلة مع “ميامي هيراليد” إن “الأمر سيستغرق وقتا لعكس 20 عاما من تدهور إنتاج الطاقة في فنزويلا”.وقال مشيرا إلى الفساد في فنزويلا: “إن التحديات هناك لزيادة الإنتاج ضخمة، ومن الصعب جدا عكس ذلك في غضون شهرين حتى يتمكن الناس من رؤية تأثيره في مضخات الغاز”.ويشير الشوبكي إلى أنه رغم ضعف طاقتها الإنتاجية حاليا، التي تبلغ حتى أقل من إنتاج ليبيا، “إلا أنها مؤثرة لأنه لو رفعت العقوبات عليها سيرتفع بالتدريج الإنتاج”.ويشير هيندرسون لموقع “الحرة” إلى أن مصافي التكرير في خليج المكسيك في الولايات المتحدة مصممة لمعالجة خامها الثقيل.ويقول إن جزءا من نفطها يتم تصديره مكررا لكن غالبية الإنتاج يصدر مكررا ويتم تصديره إلى هذه المصافي في جنوب الولايات المتحدة والتي صممت للتعامل معه.حاجة ملحة لتدخل “أوبك”ويوضح المحلل الأردني، عامر الشوبكي، أن السوق يعاني من عدم توازن العرض مع الطلب وهو ما  لا تقر به “أوبك بلاس” وترفض رفع الإنتاج أكثر من الحصص التي اعتمدتها وهي 400 ألف برميل يوميا تزداد شهريا.ويشير هيندرسون لموقع “الحرة” إلى أنه من أجل حدوث خفض في أسعار الطاقة بشكل أكبر، ينبغي أولا تخفيف حدة التوتر في أوكرانيا وزيادرة الدول المنتجة للنفط، ومن بينها السعودية والإمارات، إنتاجها لتعويض العقوبات المفروضة على روسيا.ويقول إن السعودية والإمارات على وجه الخصوص لديهما طاقة إنتاجية فائضة يمكن استخدامها بسرعة من أجل زيادة المعروض.ويبيبن الشوبكي إن السعودية والإمارات قادرتان على زيادة الإنتاج مليوني برميل يوميا لكل دولة.وكان هيندرسون قد ذكر في مقابلة سابقة مع موقع “الحرة” أن دول الخليج قادرة على التدخل لزيادة الإنتاج من خلال وقف العمل مع روسيا في “أوبك بلاس” وزياردة الإنتاج إلا أنه لا يبدو أنها ستقدم على هذه الخطوة.ويقول إن واشنطن تضغط على السعودية في هذا الاتجاه إلا أنه لا يوجد ما يشير إلى أن الرياض ستغير وجهة نظرها في الوقت الحالي.وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، الثلاثاء، نقلا عن مصادر أن ولي العهد السعوي، محمد بن سلمان، وكذلك ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، رفضا التحدث هاتفيا إلى الرئيس الأميركي، جو بايدن، بهذا الشأن. وقال مسؤول أميركي للصحيفة إنه كانت “هناك بعض التوقعات بمكالمة هاتفية (مع محمد بن سلمان)، لكنها لم تحدث.. كانت حول النفط السعودي”.ويشير الشوبكي إلى أسباب اقتصادية وسياسية تقف حائلا أمام إمكانية تدخل البلدين لحل مشكلة الأسعار، أولهما المنافسة بين البلدين وواشنطن، مذكرا بأنه تم إنشاء “أوبك بلاس” في 2017 ردا على طفرة إنتاج النفط الصخري الأميركي وخفض أسعار النفط وهو ما أزعج منتجي النفط الخليجيين.كما أن هناك حديثا في أروقة السياسة السعودية والإماراتية حول التعامل مع إدارت أميركية “متقلبة” ما يضر بمصالحهما و”عدم دعم” واشنطن لهما في حرب اليمن، و”عدم الاهتمام” بمخاوفهما حيال إيران، وترى السعودية أن الرد الأميركي على ضرب منشأتين نفطيتين سعوديتين في 2019 “لم يكن بالمستوى المطلوب”.ويعتقد الشوبكي أن حل مشكلة أسعار النفط تحتاج إلى تضافر ثلاثة مسائل معا، أولها زيادة إنتاج الإمارات والسعودية، لأنه بتوفير قرابة مليوني برميل لكل دولة، يمكن توفير أربعة ملايين براميل إضافية في الأسواق.كما يمكن أن تساهم إيران بحوالي مليون إلى مليون ونصف مليون برميل بعد رفع العقوبات عليها خلال شهرين أو ثلاثة، وفق الأرقام التي أعلنها مسؤولون إيرانيون، وذلك بالإضافة إلى مخزونات إيرانية بين 60 إلى 80 مليون برميل وهذه الكمية يمكن أن تساعد السوق في الفترة الأولى من رفع العقوبات.وبعد تخفيف العقوبات عن فنزويلا، يمكن أن يبدأ العمل على تطوير حقولها النفطية بمساعدة شركات أميركية، واستعادة قدرتها على الإنتاج في غضون سنة.لكن الحل السريع حاليا يكمن في تدخل السعودية والإمارت، لافتا إلى ضرورة الانتباه إلى أن روسيا تجهز لعقوبات مرتدة وتلوح بقطع إمداد القارة الأوروبية بالغاز، ما سيكون له انعكاسات سلبية كبيرة.الجدير بالذكر أنه بعد كتابة التقرير، صرح سفير الإمارات في واشنطن، يوسف العتيبة، بأن الإمارات تفضل “زيادة إنتاج النفط وستشجع “أوبك” على النظر في إنتاج مستويات أعلى”.وقال سفير الإمارات لشبكة “سي أن أن” إن: “لطالما كانت دولة الإمارات موردا موثوقا ومسؤولا للطاقة للأسواق العالمية لأكثر من 50 عاما، وتؤمن بأن الاستقرار في أسواق الطاقة أمر بالغ الأهمية للاقتصاد العالمي”.وتشير تعليقات العتيبة إلى تغيير محتمل في السياسة الإماراتية ناحية زيادة الإنتاج، وبالتالي المساعدة في خفض أسعار الطاقة.ولم تصدر وزارة الطاقة الإماراتية بيانا رسميا حول هذا الأمر حتى الآن.