تخلف روسيا عن سداد ديونها “وشيك” ومخاوف في أبرز 6 دول دائنة

11 مارس 2022
تخلف روسيا عن سداد ديونها “وشيك” ومخاوف في أبرز 6 دول دائنة


يبدو أن تأثير العقوبات الغربية على روسيا بدأ بالظهور على الاقتصاد الروسي، خصوصا مع ترجيحات قوية لعدم قدرة موسكو على تسديد ديونها للمقرضين الأجانب، بالتزامن مع تخفيض وكالات التصنيف الائتمانية الدولية لمرتبة روسيا، ووضعها ضمن قائمة الديون عالية المخاطر.

وحتى لا تفقد احتياطاتها من العملات الأجنبية، قررت روسيا أن تدفع أي مستحقات لمقرضين دوليين بعملة الروبل، رغم أن قسما كبيرا من عقود الاقتراض مبنية على الدفع بالدولار أو اليورو.وحذر البنك الدولي من أن تخلف روسيا عن سداد ديونها السيادية أصبح “وشيكا”، وقد تكون أول دولة تعاني من تعثر هائل في دفع الديون خلال قرن من الزمان، وفق تحليل نشرته صحيفة “تلغراف”.المجموعة المالية، مورغان ستانلي، قالت في تصريحات، الثلاثاء، إن “تخلف روسيا عن سداد ديونها قد يأتي في وقت مبكر من الشهر المقبل، وهو ما قد يقضي على مليارات من المكاسب المستحقة لحملة “السندات السيادية” الروسية.

ماذا يعني التخلف عن سداد القروض السيادية؟
المحلل الاقتصادي، رشيد ساري قال إن “روسيا الآن أمام منعطف صعب خصوصا بعد حظر تعاملها من خلال النظام المصرفي سويفت، وهو ما شل معاملاتها التجارية والمالية”.ولفت ساري في حديث لموقع “الحرة” إلى أن موسكو “لن تغامر بأي شكل من الأشكال في الوقت الحالي في سداد أي دين بالدولار أو اليورو، خاصة وأن الديون السيادية عادة ما تكون عبر السندات التي يتم إصدارها لاحتياجات معينة تكون بالعملة الأجنبية وليست المحلية”.وأعلن المصرف المركزي الروسي الأربعاء أنه علق حتى التاسع من سبتمبر بيع العملات الأجنبية في البلاد.ويشير تحليل تلغراف إلى أن التخلف عن سداد القروض السيادية يحدث عندما لا تتمكن دولة من سداد ديونها الوطنية، وهو ما قد يشكل ضربة كبيرة لفرصها في الاقتراض مستقبلا.وستكون روسيا متخلفة عن سداد ديونها إذا فضلت عدم الإيفاء بالمدفوعات المستحقة، التي تتضمن السندات السيادية، وهي قروض مقدمة لموسكو مقابل التزامها بسداد أقساط ثابتة على سنوات محددة.

ويوضح تقرير “فورتشن” أن تخلف روسيا عن سداد ديونها قد يشكل فرصة لبعض الصناديق المالية، التي تبحث عن صفقات مربحة، بحيث قد تتمكن من مبادلة بعض السندات بأصول روسية مجمدة في الخارج، والتي تتحفظ عليها بعض الدول كنوع من العقاب بسبب الحرب على أوكرانيا.وفي مقال للرأي نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، يقول كاتبه جاي نيومان، إن “انهيار الروبل ليس سوى جزء من المشكلة، إذ تفتقر شروط عقد السندات الروسية للحماية الأساسية للدائنين”.هل يسمح لروسيا الدفع بالروبل بدلا من العملات الأجنبية؟وزارة المالية الروسية قالت في تصريحات إنها ستدفع السندات المستحقة بالكامل وفي وقتها المحدد، لكنها طرحت أيضا فكرة “السداد بالروبل”، وهو أمر قد لا تسمح به ببساطة شروط عقد بيع السندات، بحسب تحليل “تلغراف”، خاصة في ظل تراجع عملة الروبل إلى مستويات قياسية.وتؤكد المحللة، الباحثة السياسية في معهد واشنطن، آنا بورشفسكايا، أن السلطات الروسية لا يمكنها إجبار الدائنين الدوليين على قبول دفعاتهم المستحقة بالروبل الروسي، ولكن في الوقت ذاته موسكو تتجه بأنظارها إلى الصين من أجل مواجهة آثار العقوبات الغربية.ويرى المحلل الاقتصادي، ساري ” أن الدائنين لن يقبلوا بهذا الحل لأنه سيكون في صالح روسيا وليس المتعاملين الأجانب، ناهيك عن أنها ستكون خطوة هامة لروسيا إن نجحت، لفرض أسلوبها في التعامل المالي، وهو ما سيقلل من جدوى العقوبات التي فرضتها الدول الغربية، ويقلل من أثرها على القروض السيادية الروسية”.ويؤكد تقرير فورتشن، إلى أن حاملي السندات الأجانب يتوقعون أن يتم سداد المستحقات بالعملة التي يجب تسوية السندات بها، وهم على الأرجح لن يقبلوا التغيير الذي يريد بوتين أو السلطات الروسية فرضه.ويضيف أن حاملي السندات يمكنهم دائما اللجوء إلى المحاكم الأجنبية على أمل استرداد ديونهم، لكن المعارك القانونية حول هذا النوع من الديون يمكن أن تستغرق زمنا طويلا، فيما تشير صحيفة وول ستريت جورنل إلى أن السندات السيادية عادة ما يحكمها القانون الإنكليزي، ولكن روسيا ترفض الخضوع لاختصاص قضائي لأي محكمة أجنبية وحتى محلية.ويوضح مقال وول ستريت جورنال أن بعض السندات الروسية بحوالي 15 مليار دولار، تتمتع موسكو بحق تعاقدي فيها بالدفع بالروبل بدلا من الدولار أو اليورو، وهو ما قد يعني أن الخلافات بين المقرضين وروسيا قد تنشأ عند احتساب قيمة الروبل المتداعية مقابل الدولار.هل تعرضت روسيا للتخلف عن السداد سابقا؟وفي حال تعرض روسيا للتخلف عن سداد القروض السيادية، فهذه لن تكون أول مرة لها، إذ كانت قد تعرضت لذلك أول مرة في عام 1917، وكذلك في عام 1998، حين لم تتمكن من سداد ديونها من الاقتراض المحلي ما دفعها إلى إعادة هيكلة الديون.وتستحق الدفعات المقبلة على السندات الروسية في 16 مارس المقبل، مع فترة سماح مدتها 30 يوم، بحسب فورتشن.وخفضت وكالتا التصنيف الإئتماني فيتش وموديز تصنيف روسيا التي أصبحت في فئة البلدان المعرضة لخطر عدم القدرة على سداد ديونها.وخفضت وكالة موديز تصنيف ديونها طويلة الأجل من “بي أيه أيه3” إلى “بي3”. وقالت إنها ستتابع مراقبتها لروسيا في مواجهة العقوبات الغربية. من جهتها خفضت فيتش تصنيفها من “بي بي بي” إلى “بي” مع آفاق سلبية.وتجعل الدرجتان ديون روسيا في فئة الاستثمارات غير الآمنة وستعقدان إمكانية حصول البلاد على تمويل، وفق تقرير بثته وكالة فرانس برس.من سيتأثر من عدم سداد روسيا للقروض؟ويشير تحليل تلغراف إلى أن المقرضين الفرنسيين والأميركيين قد يتأثرون في حال عدم دفع روسيا لمستحقاتها، أو حتى في حال سيناريو دفعها بعملة الروبل.ويلفت المحلل الاقتصادي، ساري إلى أن “الدول التي ستتأثر أكثر هي الدول التي صوتت ضد الحرب التي تخوضها روسيا ضد أوكرانيا، خاصة وأن موسكو حاليا تتعامل بسياسة التعامل بالمثل، وهذا ما سيجعلها تريد الكيل بمكيالين”.وأضاف أنه “قبل دخولها الحرب قامت روسيا، بالتحوط ماليا بأكثر من 640 مليار دولار، وهو ما قد يضمن لها استقلالية مالية تصل إلى 10 أشهر على الأقل”.وتمتلك روسيا قروضا خارجية قيمتها الإجمالية حوالي 40 مليار دولار مقومة بالدولار واليورو، يمتلك حوالي نصفها مقرضون أجانب، بما يشمل بنوكا وصناديق تقاعد وصناديق استثمارية، يضاف لها نحو 28 مليار دولار قروض مقومة بعملة الروبل الروسية، وفق وول ستريت جورنال.وبحسب بيانات بنك التسويات الدولية، تمتلك البنوك الفرنسية حوالي 4.5 مليار دولار من السندات الحكومية الروسية، فيما يمتلك مقرضون أميركيون 3.8 مليار دولار، ويمتلك مقرضون نمساويون 3.2 مليار دولار، في حين أن المقرضين الإيطاليين يمتلكون 2.6 مليار دولار، بينما تمتلك بنوك بريطانية 520 مليون دولار.ويأتي ترتيب الدول الدائنة لكيانات موجودة في روسيا بحسب البيانات، وفقا لتقرير نشرته مجلة فوربس:إيطاليا في المرتبة الأولى بإجمالي مبالغ يصل إلى 25 مليار دولار.فرنسا بـ 25 مليار دولار.النمسا بـ 17.5 مليار دولار.الولايات المتحدة بحوالي 15 مليار دولار.اليابان نحو 10 مليارات دولار.ألمانيا 8 مليارات دولار.هولندا 6.6 مليار دولار، وسويسرا 3.7 مليارات دولار.وتقدر وكالة موديز أن المستثمرين يمكنهم توقع الحصول على نحو 35 إلى 65 في المئة من قيمة السندات التي يمتلكونها فقط، وفق تقرير فورتشن.وأشارت الوكالة إلى “زيادة خطر الاضطراب” في سداد الديون السيادية الروسية في مواجهة “العقوبات المنسقة” و”المخاوف الرئيسية بشأن استعداد روسيا” لدفع خدمة ديونها. وتابعت موديز أن ما يزيد من الخطر هو أن عقوبات “أوسع وأخطر متوقعة” تحد من الوصول إلى احتياطات روسيا الدولية التي تهدف إلى امتصاص الصدمات الكبرى.