“الضروريات فقط”.. اليكم ما فعلته الأسعار بالمصريين في رمضان!

14 أبريل 2022
“الضروريات فقط”.. اليكم ما فعلته الأسعار بالمصريين في رمضان!


في أحد أسواق القاهرة كانت أميرة رمضان – 36 عاما- تفكر في كيفية تدبير احتياجات أسرتها من الخضراوات والفاكهة في ظل ارتفاع الأسعار الذي يضرب الأسواق المصرية خلال الأيام الماضية.قالت أميرة لموقع “الحرة” إن: “مستوى الأسعار يحدد الكميات التي يمكن أن تقرر شراءها لتفي باحتياجات عائلتها المكونة من 5 أفراد فهي الآن تشتري الأساسيات التي لايمكن الاستغناء عنها فحسب، وكل ما يمكن الاستغناء عنه تتركه حتى تكفي أموالها ما تريد شراؤه”.

وتشهد الأسواق المصرية موجة ارتفاع في الأسعار، زادت وتيرتها مع الحرب الروسية الأوكرانية، ثم قرار البنك المركزي الشهر الماضي بتحريك سعر الفائدة الذي تبعه ارتفاع سعر الدولار، مما دفع الأسواق إلى حالة غلاء على مستوى أغلب السلع خاصة السلع الغذائية والخضروات والفاكهة.ومنذ اتخذ البنك المركزي المصري قراره في 21 آذار برفع قيمة الفائدة على الإقراض والإقتراض، أصيبت الأسواق المصرية بحالة جنونية من ارتفاع الأسعار خاصة، بعد انخفاض سعر الجنيه المصري مقابل الدولار ليصل إلى نحو 18.4 جنيها، ومع تلك الزيادة اجتاحت عدوى الغلاء أغلب السلع، خاصة الغذائية والأساسية.

ارتفاع جنوني لأسعار الخضراوات والزيوت
وعلى مستوى المكونات الرئيسية للغذاء في مصر، التي يحتاجها كل بيت في وجباته اليومية ارتفعت أسعار الطماطم إلى نحو 20 جنيها بارتفاع يقارب الثلاثة مرات من سعرها قبل تحريك سعر الدولار والفائدة، ومثلها ارتفع سعر الباذنجان إلى أكثر من 10 جنيهات والخيار إلى 12 جنيها والفلفل الرومي إلى نحو 15 جنيها، كذلك فوجئ المصريون بارتفاع سعر كيلو ورق العنب الذي يستخدمونه كطعام إلى 100 جنيه مما أثار السخرية من ارتفاع سعره عبر مواقع التواصل الاجتماعي.وإلى جانب زيادة أسعار الخضراوات والفاكهة بشكل كبير ارتفعت أسعار سلع أساسية مثل السكر الذي وصل إلى 13 جنيها والزيوت والسمن التي زادت اسعارها بنسب كبيرة ما جعل تكلفة إعداد وجبة منزلية تزيد عن تكلفتها بما يقارب 35% من تكلفتها الطبيعية قبل زيادة الأسعار.ولم تكن أميرة وحدها التي غيرت طريقتها في الشراء، فتغيير العادات الاستهلاكية والغذائية بات أمرا ملحا لأغلب المصريين حتى يمكنهم التعامل مع مستويات الأسعار الجديدة التي تشهدها الأسواق، خاصة في شهر رمضان، الذي يحظى بعادات شرائية وغذائية خاصة لدى المصريين، لكن الأمر تغير هذا العام كما يقول عاطف إبراهيم 53 سنة – موظف – ” في أحوال كهذه نفكر أولا كم تشتري النقود التي نمتلكها حتى نستطيع أن نكمل الشهر”.

وأشار عاطف إلى أن أسعار ياميش رمضان هذه العام ارتفعت أيضا بشكل كبير، فأسعار السوداني والبلح والكنافة والقطايف والأكلات المرتبطة بشهر رمضان ارتفعت أسعارها على الأقل بنسبة 30% ما جعل التفكير في الشراء منها يكون بحساب وبكميات تناسب الدخول حتى نستطيع توفير الاحتياجات اليومية.وخلال الأسابيع الماضية حاولت الحكومة المصرية تخفيف عبء الارتفاع في الأسعار بتوفير سيارات تابعة لمؤسساتها والجيش والشرطة تقدم خضراوات وسلع أساسية بأسعار مخفضة بالإضافة لبعض المبادرات المجتمعية ومبادرات التجار لتوفير سلع بأسعار مخفضة، إلا أن أميرة وعاطف اتفقا على صعوبة تغطية تلك السيارات والمبادرات لكل المدن والقرى على الرغم من استفادة الكثيرين من فروق الأسعار التي تقدمها، بالإضافة لعدم تفضيل البعض الاعتماد على السلع المتوفرة بها.ومن بين عادات المصريين الشرائية التفاوض على الأسعار للوصول إلى أقل سعر فيما يعرف شعبيا بـ”الفصال” وهي العادة التي صارت أداة مهمة خلال الأيام الماضية في توفير بعض النقود من أسعار السلع لاستخدامها في شراء كميات من سلع أخرى على أمل أن تنخفض الأسعار وتعود إلى معدلاتها الطبيعية أو قريبا منها خلال الأسابيع المقبلة، خاصة في حالة انتهاء أزمة الحرب الروسية الأوكرانية وما صاحبها من اضطرابات اقتصادية أثرت على السوق المصري كثيرا.محمود بائع خضار وفاكهة شاب قال لموقع “الحرة” إن: ” زيادة الاسعار جعلت الجميع يتفاوض على أقل القليل من الأسعارالتي أثرت في كميات المشتريات لدى المواطنين، من كان يشترى عدة كيلوات من الخضار والفاكهة الآن يشتري نصف أو ربع هذه الكمية، حتى كمياتنا وحجم تعاملاتنا كتجار وبائعين أصبح أقل كثيرا فمثلا كنا نبيع في اليوم بما يوازي 9 آلاف جنيه قد تزيد قليلا أو تقل، لكن المتوسط يبقى عند هذا الحد، ومنذ فترة أصبحنا نبيع بنصف هذه القيمة أو أقل منها”.ومع الأزمة الاقتصادية والسعرية في مصر اتخذت الحكومة عدة إجراءات لمحاولة التخفيف من حدة ارتفاع الأسعار فأعلنت وزارة المالية عن حزمة حوافز وزيادات مالية في مرتبات الموظفين الحكوميين، لتخفيف التداعيات الاقتصادية، وقالت في بيان لمجلس الوزراء إن لديها نسب اكتفاء ذاتي من القمح بنسبة 65% كمخزون آمن لنهاية العام بعد بدء الحصاد في شهر أبريل المقبل وحققت نسبة اكتفاء من الزيوت 30% بمدة تغطية 3 أشهر والأرز والمكرونة بنسبة اكتفاء 100% والسكر 87%  واللحوم الحية 57% والدواجن 97% والفول بنسبة 30%.حاتم النجيب نائب رئيس شعبة الخضار والفاكهة باتحاد الغرف التجارية قال لموقع “الحرة”: إن “التغير في أسعار الخضار والفاكهة في مصر خلال الآونة الأخيرة وارتفاعها يرجع لعدة عوامل أهمها التغيرات المناخية والطقس البارد الذي لم نعتد عليه في هذا الوقت من العام، الذي أدى لخفض معدلات الإنتاج بشكل ملحوظ أثر في زيادة الأسعار، بالإضافة لارتفاع سعر مدخلات الإنتاج التي يتم استيراد جزء كبير منها من الخارج”.وأضاف: “قبل عدة أسابيع كانت أغلب السلع أقل سعرا، لكن ما يحدث الآن يتعلق بالظروف العالمية وعلاقة العرض والطلب على مستوى الأسعار، متوقعا أن تشهد الفترة المقبلة انخفاضا في مستوى الأسعار مع اقتراب موسم حصاد الصيف في الخضروات والفاكهة منتصف أبريل المقبل”.المعارض السلعية وقوافل السلع مخفضة السعر واحدة من الحلول التي لجأت لها الحكومة لمواجهة ارتفاع الأسعار، ويقول النجيب إن “ما يزيد على ألفي عارض للسلع والمنتجات شاركوا في تلك المعارض التي توفر السلع الأساسية للمواطنين بأسعار مخفضة بالتنسيق بين الحكومة والغرف التجارية”.المركزي يعلن زيادة التضخموكان البنك المركزي المصري أعلن عن ارتفاع نسبة التضخم السنوي عن شهر آذار الماضي إلى 10.5% بزيادة قدرها 1.7% عن شهر شهر فبراير الماض،ي الذي بلغت نسبة التضخم فيه 8.8%.وذكر البنك أن احتياطياته الدولية للنقد الأجنبي واجهت صدمة الأسواق العالمية مسجلا احتياطيا قدره 37.082 مليار دولار أمريكي نهاية مارس الماضي مقارنة ب 40.99 مليار دولار أمريكي نهاية فبراير.وقال البنك إنه “نظرا لالتزامه بدوره في الحفاظ على استقرار الأسواق المصرية في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية المضطربة من جراء الأزمة الروسية الأوكرانية، فإنه استخدم في مارس 2022 باستخدام جزء من احتياطي النقد الأجنبي لتغطية احتياجات السوق المصري من النقد الأجنبي وكذلك تغطية تخارج استثمارات الأجانب والمحافظ الدولية، ولضمان استيراد سلع استراتيجية بالإضافة لسداد الالتزامات الدولية الخاصة بالمديونية الخارجية للدولة”.توقعات ارتفاع سعر الوقود تقود التضخم لارتفاعات جديدةعمرو حسين الألفي رئيس قسم البحوث بشركة برايم لتداول الأوراق المالية قال إن “معدل التضخم الذي أعلن عنه البنك المركزي مؤخرا جاء قريبا من التوقعات في ظل ارتفاع أسعار السلع والخضراوات والتغيرات الموسمية المتعلقة بحلول شهر رمضان”.وعن مستوى الأسعار خلال الأشهر المقبلة، توقع الألفي أن يرتفع معدل التضخم خلال الفترة المقبلة، وسط أنباء عن ارتفاعات أسعار الوقود التي تؤثر في أسعار السلع والمنتجات بشكل نهائي وقال إن: معدل التضخم الإجمالي عن 2022 سيكون بين 12% – 15% مع نهاية العام.وعن مؤشر أسعار المستهلك، أوضح الألفي أن آخر استقصاء يعتمد عليه المؤشر بين تأثيرا بنسبة تقارب الـ 40% للطعام لافتا إلى أنها نسبة طبيعية في مصر، باعتبارها من الدول النامية التي تحتل المتغيرات المتعلقة بالطعام فيها الاهتمام الأكبر بالنسبة للمستهلكين.ومع هذه الأرقام والتصريحات، تأمل أميرة، ومثلها ملايين المصريين، أن تنخفض الأسعار خلال الفترة المقبلة، خاصة مع  نهاية شهر رمضان الذي يزيد فيه معدل الإنفاق على الطعام والشراب بالإضافة إلى عيد الفطر الذي يحتاج إلى مصروفات أخرى ربما لا تتوفر في حالة استمرار الأسعار كما هي عليه الآن”.