بعد انتهاء الانتخابات النيابيّة وما أفرزته من مفاجآت كبيرة إن على صعيد غياب أقطاب كثر عن الندوة النيابيّة أمثال نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي وخسارة رئيس الحزب “الديموقراطي اللبناني” النائب طلال أرسلان والنائب فيصل كرامي وغيرهما، ودخول وجوه جديدة تمثّل قوى التغيير والرافضين لجبهة الممانعة التي حكمت لبنان منذ اتفاق الدوحة، بدأت تلوح في الأفق غيوم تعكر الأجواء عبر الحديث عن صعوبة في انتخاب نائب رئيس لمجلس النواب أو تكليف شخصيّة جديدة تشكيل الحكومة التي يتوجّب عليها إكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. في ظل هذه الأجواء، أقدم مصرف لبنان على تمديد مفعول القرار ١٦١ الرامي الى ضخ السيولة الى السوق اللبنانية لسد العجز الحكومي.
في السياق، أوضح كبير الاقتصاديين في “بنك بيبلوس” نسيب غبريل لموقع “لبنان الكبير” أن “التعميم ١٦١ ليست له علاقة بالمودعين بل بضخ السيولة الى السوق اللبنانية”، معدداً أسباب صدور التعميم في أوائل كانون الأول الماضي، بالقول: “رأينا تراجعاً حاداً في سعر صرف الليرة في السوق الموازية وصل تقريباً إلى ٣٣ ألف ليرة لسعر صرف الدولار وقرر حينها مصرف لبنان بالاتفاق مع رئاسة مجلس الوزراء ووزير المالية إصدار التعميم ١٦١ الذي يهدف الى لجم تدهور سعر صرف الليرة في السوق الموازية من خلال ضخ دولارات في السوق وسحب ليرات لبنانية نقدية”. ولفت إلى أن “مصرف لبنان استطاع أن يسحب ٩٠٠٠ مليار ليرة من السوق اللبنانية في الأشهر الثلاثة الأولى من السنة الحالية”.
وإذ أشار إلى أن “التعميم ١٦١ صدر أيضاً في هذا الخصوص في الأسبوع الأول أو الثاني من كانون الثاني”، اعتبر أن “ذلك يؤكد عدم وجود سقوف لشراء الدولارات من خلال منصة صيرفة من قبل المصارف، مما أدى إلى تراجع سعر صرف الدولار في السوق الموازية لدرجة أنه لم يعد هناك هامش للسعر على منصة صيرفة”.
وأوضح أن “هذا التعميم لم يصدره مصرف لبنان لأهداف انتخابية، لأنه لا يدّعي أن هذا هو الحل المستدام بل هو قرار موضعي ومؤقت الى حين تبدأ العملية الاصلاحية والبنيوية والمالية والنقدية”، مذكراً بأن “هناك شائعات عدّة طالت هذا التعميم منها أن العمل توقف في منصة صيرفة”، لكنه أشار الى تمديده حتى أواخر تموز بدلاً من أواخر حزيران، وفي الوقت نفسه “حصل اليوم اتفاق مبدئي بين السلطات اللبنانية وصندوق النقد الدولي على برنامج اصلاحي يتضمن 8 أو 9 شروط مسبقة على الدولة اللبنانية أن تلتزم بها لتوقيع المجلس التنفيذي لصندوق النقد على الاتفاق نهائياً ويبدأ تدريجياً بتحرير الثلاثة مليارات دولار التي اتفق عليها بين الطرفين”.
وأكد أن “مصرف لبنان بهذه التعاميم وغيرها كان يحاول أن يملأ جزءاً من الفراغ الذي تركته السلطة السياسية منذ بداية الأزمة في العام ٢٠١٩، ولكن اليوم لدينا خارطة طريق وهي الاتفاق مع صندوق النقد الدولي
وعلى السلطات اللبنانية أن تباشر بتنفيذ شروطه.
وهناك مسؤولية جديدة على مجلس النواب الجديد لأن الكثير من الشروط المسبقة التي عددها صندوق النقد في بيانه الصحافي الصادر في ٧ نيسان الماضي يحتاج إلى مشاريع قوانين، والكثير منها موجود ولكنه يحتاج إلى التصديق كمشروع الكابيتال كونترول، مشروع قانون تعديل السرية المصرفية، مشروع قانون موازنة ٢٠٢٢، ومشروع قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي، وبالتالي على عاتق مجلس النواب الجديد مسؤولية، وعليه أن يبادر وينهي دراسة هذه المشاريع للبدء بتنفيذها”.