يحتل لبنان المرتبة الـ20 عالميا في احتياطي الذهب، وفق تصنيف مجلس الذهب العالمي، ويتصدر المرتبة الثانية عربيا بعد السعودية (لديها 323.1 طنا)، إذ يملك 286.8 طنا، أي نحو 10 ملايين أونصة تناهز قيمتها 17 مليار دولار.
ويحتفظ لبنان بثلث احتياطي الذهب في الولايات المتحدة فيما أبقى على الثلثين في خزائن المصرف المركزي في بيروت، وثمة حوالى 6.6 مليون أونصة من الذهب محفوظة في مصرف لبنان وهي عبارة عن سبائك بأوزان مختلفة وأونصات وعملات ذهبية.
ومع اشتداد الأزمة المالية والاقتصادية في لبنان والتي تُعتبر الأسوأ في تاريخه ثمة من يدعو إلى ضرورة استخدام المعدن الأصفر، في حين يحذر آخرون من المسّ به باعتباره من أثمن ما يملكه لبنان رسميا.
وتم مؤخرا تسريب كلام منسوب لنائب رئيس حكومة تصريف الأعمال سعادة الشامي بشأن احتمال بيع الذهب بقيمة تقديرية تبلغ 18 مليار دولار لتسديد أموال المودعين ضمن خطة الحكومة للتعافي الاقتصادي، إلا أن الأخير نفى أن يكون تصريحه بهذا المعنى، وقال الشامي: “سئلت عن الأصول الأجنبية لدى مصرف لبنان وأجبت بأن الذهب موجود ومقدّر بقيمة 18 مليار دولار، لكنني لم أشر لا من بعيد أو من قريب إلى بيع الذهب من أجل تسديد الودائع”.
فماذا يقول القانون اللبناني حول التصرف بالذهب؟
رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص يوضح لـ “لبنان 24” ان “الذهب في لبنان محمي بموجب قانون سنّ في أواسط ثمانينات القرن الماضي في عهد الرئيس أمين الجميل لمنع التصرف به وبالتالي لا يمكن ذلك الا بمقتضى قانون”.
ولفت مرقص إلى انه “لا يوصي شخصياً بسن أي قانون لاجازة التصرف بالذهب في ظل عدم وجود حكمية صالحة في لبنان وفي ظل عدم وجود خطة اقتصادية شاملة وسليمة”.
وقال مرقص ان “الذهب هو محل تعداد في مصرف لبنان ربما انتهى او سينتهي في القريب العاجل كما يوجد مخزون إضافي في المصرف الفدرالي الاحتياطي في نيويورك وقد دعينا شخصيا إلى زيارته منذ نحو 6 سنوات وكان موجوداً”، مشددا على ان “القرار بالتصرف باحتياطي الذهب هو قرار سيادي داخلي لا علاقة له بالولايات المتحدة على الأقل رسميا وفي الشكل”.
وعن وجود خشية من ان يتم رهن او حجز ذهب لبنان لحين سداد سندات اليوروبوندز كاملة، قال مرقص: “لا أخشى على الذهب من مسألة الحجز طالما ان مصرف لبنان في القانون مستقل عن الحكومة، ودعا الحكومة إلى التمسك بهذه المظاهر السيادية لمصرف لبنان وألا تبرز وكأنها تسيطر على المركزي او تضيّق على حاكم مصرف لبنان دون اتباع المسار القضائي الصحيح حتى لا يستفيد الدائنون من ذلك ويعتبرون ذلك مجالا للحجز على مصرف لبنان وعلى الذهب على اعتبار ان الذهب هو تحت إدارة المصرف المركزي وهو محمي لهذه الجهة بموجب القانون وكونه إدارة مستقلة من قبل مصرف لبنان بجب الحفاظ على استقلاليتها “.
وأعلن مرقص انه “لا يحبذ رهن الذهب او بيعه”، مشيرا إلى انه “لا يرى أي صعوبة في استرجاعه من الولايات المتحدة في حال طلب لبنان ذلك”.
قصة الذهب
بدأ امتلاك لبنان لاحتياطي الذهب بعد استقلاله عن الانتداب الفرنسي، إذ باشر منذ العام 1948 باقتناء أول كمية من الذهب على إثر انضمامه إلى صندوق النقد الدولي في العام 1946 بعد الاعتراف بالليرة اللبنانية كعملة مستقلة.
واستمرت الحكومات المتعاقبة ما بين الاستقلال وأوائل السبعينيات في شراء الذهب لتغذية احتياطي مصرف لبنان المركزي، وذلك من فائض الموازنة والضرائب التي تأخذها من المواطنين.
وفي ذلك الحين، ارتبط شراء الذهب بتثبيت سعر صرف الدولار وحفظ قيمته، واستمر حتى أوائل السبعينيات إثر فكّ الولايات المتحدة الأميركية ارتباط تغطية الدولار وطباعته بالذهب، وهو قرار معروف بـ”صدمة نيكسون” (نسبة للرئيس الأميركي السابق ريتشارد نيكسون)، والذي فرض الدولار بديلا احتياطيا عن الذهب لحفظ قيمة كل العملات الأخرى حول العالم، ومنذ العام 1971 توقف لبنان عن شراء الذهب إثر القرار الأميركي ببلوغ قيمة مدخراته 286.8 طنا.
يُمكن الجزم بأن الذهب هو نقطة القوة الوحيدة التي يملكها لبنان حاليا في أزمته وهو كان في السابق من المحظورات ولم يمسّ بأي كمية منه خلال كافة الأزمات المالية والاقتصادية والسياسية التي مرّ بها على مدى السنوات السابقة، فهل تدفع الأزمة الحالية الدولة اللبنانية الى اللجوء لاحتياطي الذهب للجم الانهيار في حال انسداد الأفق؟