تشكل قطاعات السياحة والزراعة والصناعة والخدمات ركائز الاقتصاد اللبناني. والسياحة “ذهب لبنان” بحسب ما وصفها أحد الخبراء الاقتصاديين يوماً، اذ يساهم هذا القطاع بما بين ٢٠ و ٢٥ بالمئة من الناتج المحلي.
ومع تعاقب الأزمات، أقفلت مؤسسات عدة وقلصت أخرى نسبة إشغالها وعدد موظفيها، ما أثر سلباً على مئات العاملين. الا أن الموسم هذا العام يبدو واعداً ومن شأنه إنعاش قطاع المطاعم والمقاهي وكذلك الفنادق وما يرافقها من خدمات كتأجير السيارات مثلاً.
وتؤكد مختلف وكالات تأجير السيارات في لبنان كثرة الحجوزات حتى شهر آب المقبل، وتتفاوت الأسعار بحسب نوع السيارة المستأجرة إلا أنها في غالبية الوكالات متقاربة، فسعر السيارة صغيرة الحجم يتراوح بين ٢٨ إلى ٥٠ دولاراً في اليوم، والمتوسطة بين ٣٠ إلى ٣٥ دولاراً أما رباعية الدفع فتبدأ من ٤٥ دولاراً إلى ١٠٠ دولار وأكثر. فاستئجار السيارات يتم بالدولار كما في السابق مع الإختلاف في كيفية سداد مبلغ التأمين الذي يبلغ ٥٠٠ دولار تقريباً ويتغير بحسب نوع السيارة وحجمها، وبات يدفع حصراً بواسطة بطاقة مصرفية.
أما عن قطاع المطاعم وتأثير الموسم السياحي عليه وتجربة الدولرة فكان لموقع “لبنان الكبير” حديث مع أمين صندوق نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والباتيسري في لبنان عارف سعادة، الذي أوضح أن “توقعات النقابة هذه السنة أفضل من السنوات الماضية، فإجراءات الحجر والتخوف من كورونا انتهت وإمكانات الأفراد حول العالم تبدلت وصارت محدودة، لذا الأماكن الأرخص باتت محل اهتمام كثر، ولبنان منذ السنة الماضية عُرف بأن أسعاره أصبحت أرخص للسائح نظراً الى إنهيار العملة الوطنية”.
طبيعة لبنان وشعبه المحبوب وتنوع خدماته هي من العوامل التي تجذب السائح اليه، بحسب سعادة الذي أشار الى أن “القطاع السياحي هو واجهة لبنان خصوصاً قطاع المطاعم والمقاهي، فالمطبخ اللبناني محبوب ومعروف عالمياً. والإنعاش المنتظر مرحلي ومؤقت ولا يلغي الوضع الصعب وتأثير الأزمات على القطاع”، معوّلاً على دور أصحاب المطاعم و المقاهي في هذه المرحلة “فخلافاً للدول التي تعرضت لأزمة مالية حادة كاليونان مثلاً، عجزت الدولة اللبنانية عن المساعدة وتسهيل عمل قطاع المطاعم لدعم السياحة، واللبناني وأصحاب المؤسسات بمجهودهم الخاص من خلال حُسن التسويق لخدماتهم ولصورة لبنان الجميلة جذبوا المغترب والأجنبي”.
ورأى أن القرار الاستثنائي لوزير السياحة بدولرة الأسعار في المقاهي والمطاعم “سيساهم بشكل إيجابي في وضع القطاع عموماً”، شارحاً فكرة الدولرة وفحواها للمواطن اللبناني الذي تلقى المعلومة بشكل خاطئ “فهي ستساهم في تسهيل عملية الدفع للزبون وكذلك ستمنع المؤسسات من تحمل عبء الخسائر التي يسببها التلاعب بسعر الصرف، فمثلاً اذا كان سعر فنجان القهوة ٢٤ ألف ليرة أي ما يوازي اليوم على سعر صرف ٢٨ ألف ليرة ٨٠ سنتاً سيحدد كذلك واذا تبدل سعر الصرف تبقى الأسعار على حالها (مسعرة بالدولار) أما من يختار الدفع بالليرة اللبنانية فيسدد المبلغ بحسب سعر الصرف حينها”. وأكد أن “التجربة ليست لرفع الأسعار بالدولار، أي اذا كان فنجان القهوة مثلاً يوازي ٨٠ سنتاً فلن يسعر بـ ٣ دولارات، وهكذا لن يشكل تبدل سعر الصرف أي خطر على مصالح الزبون والمطاعم”.
أما نقيب أصحاب الفنادق في لبنان بيار الأشقر فتمنى “أن يكون الموسم على غرار السنة الماضية وأحسن، فالحجوزات موجودة إنما ليس بالشكل الكبير المتوقع ونأمل أن تزيد مع مرور هذا الشهر”، لافتاً الى أن “القطاع بات يعوّل على المغترب اللبناني، فالمشهد كان مختلفاً تماماً في السابق، إذ لم يكن يحسب النشاط بالنسبة الى حجوزات المغترب إنما السياح الخليجيون وغيرهم”. وقال: “الحديث عن نهضة للقطاع ليس بالأمر الدقيق، إذ أن التوتر الخليجي ومنع الرعايا السعوديين وكذلك الاماراتيين من المجيء الى لبنان شكل ضربة موجعة للقطاع. فالانهيار بدأ منذ العام ٢٠١٢ مع بدء الأزمة الخليجية – اللبنانية وصولاً الى قطع المساعدات وغياب السائح الخليجي وكذلك الاستثمارات في الأوتيلات وغياب التوظيف. القطاع الفندقي كان يتكل على السائح الخليجي لأنه يأتي مراراً الى لبنان وينفق أكثر من غيره. أما عن الموسم القادم فيتكل لبنان والفنادق على المغترب والسائح العربي، بحيث سبق أن لبّى المغترب اللبناني النداء في أعياد ٢٠٢١ وحجز البعض غرف فنادق وشغل آخرون فنادق في مختلف المناطق اللبنانية تبعاً لقيامهم بالسياحة الداخلية”.
أضاف الأشقر: “ان السائح الأميركي أو الأوروبي المتأثر بإعلامه سيتخوف من زيارة لبنان، والسائح العربي سيكون في الغالب من الجنسية العراقية، أو المصرية أو الأردنية، إذ أن هذه البلدان لا تتأثر فعلياً بالوضع اللبناني. ويعد الموسم الصيفي بأن يكون أفضل مما سبقه نظراً الى انحسار جائحة كورونا وقيودها وعوائقها”.