قد لا يكون غريباً في لبنان أن نشهد صدور قرار قضائي بإبطال مزايدة وعقد تعهد مدته ٥ سنوات تم في العام ٢٠١٧ وبقي مستمراً حتى صدور قرار بالابطال قبل شهرين من إنتهاء مدته. بموجب أية تبريرات وما هي الحجج القانونية للابطال؟ علماً بأن الموضوع بالصورة التي حصل فيها يسبب ضرراً لمالية الدولة ومركزها المعنوي وصفتها التعاقدية.
المدير العام لادارة المناقصات جان العلية أوضح لموقع “لبنان الكبير” أن “العقد لم يفسخ بل تم ابطاله مع شركة (باك اي) بلغة القانون أي اعادة الحال الى ما كان عليه قبل التعاقد”، مشيراً الى أن “دائرة المناقصات طالبت هيئة القضايا بإعادة المحاكمة كي لا يلحق ضرر بالمال العام، بحيث أن القرار بالصورة التي صدر فيها يرتب على الدولة حقوقاً لصالح الشركة الفائزة بالمزايدات صاحبة العقد الموقع شركة باك، اذ تستطيع أن تطالب بكل المبالغ التي دفعتها إضافةً الى العطل والضرر اللاحق بها نتيجة إبطال مزايدة أجريت بطريقة قانونية في حينه”.
وعما اذا كانت هناك مخالفة في العقد الموقع، أشار العلية الى أن “المزايدة قدمت عليها ٥ شركات منها شركة باك (رئيس مجلس ادارتها محمد زيدان) وهي الفائزة وقد دفعت مبلغ ١٠٠ مليون دولار سنويّاً، ومنذ توقيع العقد اعترضت شركة خاسرة على التلزيم وحوّل الملف الى ديوان المحاسبة الذي أصدر قراره بأن الشركة المعترضة ليس لها حق الاعتراض وأن المزايدة حصلت حسب الأصول ووفق القوانين المرعيّة الإجراء”.
أضاف: “هناك في مضمون قرار مجلس شورى الدولة مصالح سياسية أفضت الى الاضرار بالمصلحة العامة، وهناك مؤشرات فعليّة تربط بين قرار إبطال مزايدة العام ٢٠١٧ ومزايدة العام ٢٠٢٢، علماً بأن ما يتعلق بالمال العام يعتبر قانوناً له قوّة تنفيذية أقوى من أي مصلحة أخرى. وهذا سيكون دافعاً لإدارة المناقصات كي تعمل على الاشراف على تنفيذ مزايدة العام ٢٠٢٢ بكل شفافية ووفق قانون الشراء العام الذي أقرّه المجلس النيابي والذي يضمن حقوق الدولة ومشترياتها بأفضل الصيغ والأطر القانونية اللازمة”.
فهل تكون دائرة المناقصات المؤسسة التي ستبدأ معها الخطوات الإصلاحية التي لطالما حلمنا بها؟
وبالنسبة الى الأضرار المادية التي ستلحق بالدولة نتيجة قرار مجلس شورى الدولة بإبطال مزايدة العام ٢٠١٨، أوضح الخبير المالي والاقتصادي بلال علامة أن “هذا القرار واعتبار العقد الموقع مع شركة باك كأنه لم يكن يرتب على الدولة مسؤولية مالية تتضمن اعادة كل المبالغ التي قبضتها عن فترة العقد حتى العام ٢٠٢٢ مع فتح باب مقاضاة الدولة معنوياً من شركة باك لتحصيل غرامات عن العطل والضرر الذي لحق بها نتيجة لقرار الإبطال”.
وأشار إلى أن “خزينة الدولة تعاني الأمرّين لناحية محاولة رفع ايراداتها وتحصيل مبالغ مالية من المرافق العامة التي لا تزال تعمل بنجاح”، معتبراً أن “ما يدعو الى الاطمئنان هو وجود بعض إدارات الدولة التي لا تزال حريصة على المال العام وعلى تطبيق القوانين بأعلى مستوى من الدقة والشفافية بحيث تمنع أي فرص للتلاعب سواء بالمزايدات السابقة أو اللاحقة”. وأكد أن “سعي هذه الإدارات يجنّب الدولة خطر اضطرارها الى إعادة مبلغ نصف مليار دولار قبضته من الشركة المتعهدة إضافة الى خطر الغرامات الذي يمكن أن يصل الى ١٥٠ مليون دولار كعطل وضرر”.