في شباط الماضي، قرر المهندس الخمسيني عمرو بيع إحدى سيارتيه مخططا لشراء أخرى جديدة لابنه بعد أسابيع، لكنه فوجئ بقفزات سريعة في أسعار الجديدة والمستعملة على السواء، تزامنا مع أزمة الحرب في أوكرانيا وانخفاض سعر الجنيه المصري أمام الدولار، مما جعله يندم لبيع سيارته المستعملة كذلك، واتجه تفكيره في البحث عن البديل الذي تطرحه الحكومة وتشجع المواطنين لاقتنائه، إنه السيارة الكهربائية.
ويرى عمرو -في حديثه للجزيرة نت- أن هذا الخيار أيضا ليس سهلا حاليا، مع عدم توفر سيارات كهربائية مستعملة، وارتفاع أسعار السيارات الجديدة منها، وسط تساؤلات من يرغبون في التحول لاقتناء سيارات كهربائية عن مدى توافر قطع غيارها ومحطات الشحن وغيرها.وفي الوقت الذي يعاني فيه سوق السيارات في البلاد من الركود وارتفاع أسعار السيارات الجديدة والمستعملة على السواء، بزيادة كبيرة تفوق زيادة سعر الدولار أمام الجنيه، تتجه الأنظار للسيارات الكهربائية.
وتهتم الحكومة بزيادة استخدام السيارات النظيفة، وتتخذ خطوات عدة أهمها تهيئة البنية التحتية لاستقبال السيارات الكهربائية كتوفير محطات الشحن، كما تبحث فرص تصنيع سيارة كهربائية في البلاد.وقد أبدى الرئيس عبد الفتاح السيسي اهتمامه بالموضوع، ووجه بتعزيز التعاون مع الشركات من القطاع الخاص لتوطين صناعة السيارات الكهربائية بداية بمراحل التجميع وصولا إلى التصنيع المتكامل، بما يتماشى مع التوجه العالمي المتنامي بهذا الصدد.ركود سوق السيارات
ويعد سوق السيارات من أكثر تأثرا بالأوضاع الاقتصادية العالمية، فقد تسببت أزمة جائحة كورونا في التأثير على حجم إنتاج المصانع، ثم جاءت أزمة الحرب في أوكرانيا لتؤثر على قطاع السيارات، وفقا لرئيس رابطة السيارات أسامة أبو المجد.ويضيف أبو المجد -في تصريحات تليفزيونية- أن قطاع السيارات يواجه أزمة حقيقية، مشيرا لوجود كيانات ضخمة مستمرة في العمل بالبلاد حفاظا فقط على اسمها، مضيفا “من كان يبيع 100 سيارة، لا يستطيع اليوم بيع 10 سيارات فحسب”.
ويرى رئيس قطاع المستعمل برابطة تجار السيارات محمود حماد -في تصريحات صحفية- أن تراجع واردات مصر بنسبة 53.5% من السيارات في أبريل/نيسان الماضي أمر طبيعي بسبب الظروف العالمية، حيث توقفت مصانع السيارات حول العالم بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، إضافة إلى أزمة كورونا المستمرة منذ أكثر من عامين، وكذلك ظهور أزمة نقص الرقائق الإلكترونية.ويضيف حماد -الذي يترأس شركة متخصصة في بيع السيارات الجديدة والمستعملة- أن تراجع الواردات من السيارات أدى لقلة المعروض بالسوق المحلي، مما أدى لارتفاع الطلب وزيادة أسعار السيارات، متنبئا بأن أسعارها ستستمر في الارتفاع خلال الشهور القادمة حتى يتم فتح الاستيراد مرة أخرى لتتوفر السيارات داخل السوق المصري.استيراد وتصنيع
من هنا بدت السيارات الكهربائية الأمل المنتظر لإنعاش السوق المحلي، وخلال السنوات الماضية فتحت الحكومة باب استيراد السيارات الكهربائية المستعملة بحد أقصى 3 سنوات من تاريخ إنتاجها، ليدخل السوق المصري سيارات كهربائية عديمة الانبعاثات لم تكن متوفرة من قبل.كما استوردت 13 سيارة كهربائية من طراز “إي 70” لتجربتها في الشوارع المصرية، بهدف إنتاج مثيل لها في شركة النصر المحلية لصناعة السيارات بنسبة تصنيع محلي 58%، وتم وقف استيراد السيارات الكهربائية المستعملة.وفي تشرين الثاني من العام الماضي توقفت الشراكة بين مصر والصين في مشروع السيارة الكهربائية، وأعلنت وزارة قطاع الأعمال العام أن توقف المفاوضات جاء نتيجة لعدم التوصل إلى اتفاق مع الشركة الصينية على تخفيض سعر المكون المستورد بصورة كافية لتمكين شركة النصر للسيارات من إنتاج السيارة وطرحها بسعر تنافسي.قيود على الاستيراد
حاليا يقتصر استيراد السيارات الكهربائية على الطرازات من نفس موديل السنة، مع اشتراط أن تكون باسم المالك، أسوة بالسيارات التقليدية، وألا يكون قد سبق استخدامها، بحسب قرار وزارة الصناعة والتجارة في أيار الماضي، مما جعل الأمر صعبا ومقيدا على عكس السنوات الماضية.وقالت وزيرة التجارة والصناعة نيفين جامع إن القرار الأخير يأتي في إطار توجه الدولة لتشجيع صناعة السيارات الكهربائية الوطنية من خلال البدء في إنتاج هذه النوعية من السيارات، بالتعاون مع كبرى شركات السيارات.رحلة التصنيع
وفي أيار الماضي، أشار وزير قطاع الأعمال العام هشام توفيق أن تصنيع السيارات الكهربائية في مصر سيتم خارج شركة النصر للسيارات، وسيتم في مصنع لدى شركة قطاع خاص على عكس التوجه السابق أن “النصر” هي التي ستصنع السيارات الكهربائية.وأضاف توفيق -في تصريحات صحفية- أن رحلة التصنيع وبناء مصنع في شركة النصر سيستغرق وقتا طويلا واستثمارات ضخمة وخبرة في الإدارة قد تحتاج 3 سنوات لتوافرها، مؤكدا أن تكلفة السيارة الكهربائية التي سيتم تصنيعها محليا ستختلف عن الأسعار التي تم الإعلان عنها مسبقا نظرا لتغير أسعار الخامات وارتفاع سعر الدولار.ووفقا لتقارير صحفية، من المقرر أن يتم تشغيل 3 آلاف محطة شحن للسيارات الكهربائية خلال 18 شهرا في محافظات القاهرة والإسكندرية والجيزة وشرم الشيخ، وعلى الطرق السريعة المختلفة.الاختيار الجديد
ولم يتجاوز عدد السيارات الكهربائية المرخصة في مصر 380 مركبة بحلول شباط 2022، مما يعكس عدم الاهتمام بهذه النوعية من السيارات في السوق المحلي خلال الفترة الماضية.وتروج وسائل الإعلام المحلية لمزايا السيارات الكهربائية، مثل توفير استهلاك الوقود والتي ستساهم في الحد من التلوث والانبعاثات الكربونية، والتأكيد أن تكلفة شحن سيارات الركاب الكهربائية بالمنزل هي نفس تكلفة استهلاك الكهرباء في المنازل.وقد أنشأ البعض مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي لمناقشة مزايا السيارات الكهربائية، بينما يرى البعض أن السيارات الكهربائية غير عملية مثل التقليدية بسبب عدم توفر محطات الشحن، كما يتوجس آخرون من ارتفاع تكلفة شحنها لاحقا، فضلا عن القلق بشأن توفر الصيانة اللازمة لها محليا.إحلال التوك توك
وتخطط الحكومة لإحلال مركبات “التوك توك” بأخرى كهربائية، ضمن التوجيهات الرئاسية الخاصة بإحلال المركبات للعمل بالطاقة النظيفة “الكهرباء”.وقبل أيام، وقع رئيس جهاز تنمية مدينة 6 أكتوبر المهندس عادل النجار -ممثلا عن هيئة المجتمعات العمرانية- بروتوكول تعاون مع شركة ريكون لتنفيذ مشروع إحلال مركبات “التوك توك” (التي يستخدمها المواطنون في التنقل مثل سيارات الأجرة) بمدينة 6 أكتوبر بمركبات أخرى تعمل بالكهرباء، مع ضرورة توافر وسائل الأمان والقابلية للترخيص بإدارة المرور، بعد إعداد جميع الدراسات اللازمة للمشروع.
(الجزيرة)