البطاقة التمويلية… وعود وهمية في غياب الدعم

28 يوليو 2022آخر تحديث :
البطاقة التمويلية… وعود وهمية في غياب الدعم
فدى مكداشي

دأبت السلطة السياسية ممثّلة بالوزراء على التباري في تقديم أفكار الدعم للشعب اللبناني على شاكلة البطاقات. فمن بطاقة الشؤون الاجتماعيّة إلى بطاقة وزارة المالية تبرّع وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام بتقديم وعد جديد للبنانيين ببطاقة الدعم للخبز والقمح.

تبقى أفكار بطاقات الدعم من دون تمويل وينتهي مفعولها قبل أن تبدأ وكأن المقصود هو مجرّد طرح أفكار هدفها تخدير المواطن قبل كل استحقاق يتعلّق برفع الدعم أو تحرير الأسعار.

منذ أشهر واللبنانيون يعانون من أزمة خبز حادّة، وقد تكفّلت المعالجات الحاصلة بكشف تعقيدات هذه المسألة بدءاً من استيراد القمح وصولاً الى عمل المطاحن وموصولة بمافيا الأفران. وأمام هذا المشهد يتخبّط وزير الاقتصاد بين محاسبة أصحاب العلاقة تارة، واللجوء إلى قرض البنك الدولي لتأمين القمح تارة أخرى، وفي محاذاة ذلك أطلق فكرة بطاقة الدعم التي ستعطى لمن هم تحت خط الفقر الشديد وكأن الوزير لا يدري أن معظم اللبنانيين وصولاً الى ٦٠٪ منهم بات تحت خط الفقر.

ومثل هذه البطاقة بحاجة إلى تمويل يحدد مسبقاً، فيما من المعروف أن مصادر التمويل أصبحت معدومة فلا الموازنة تستطيع أن تلحظ المبالغ اللازمة ولا المساعدات متاحة ولا الاقتراض بات ممكناً، فمن أين سيؤتى بالتمويل اللازم؟

عبد الله: التأخير في التمويل لا في التحضير

عضو كتلة “اللقاء الديموقراطي” النائب بلال عبد الله أوضح أن “البطاقة التمويلية هي بطاقة مطروحة كخيار بديل عن الدعم الذي هُدر بواسطة التهريب عبر المعابر غير الشرعية وجشع التجار… وكان هناك وعد من المجتمع الدولي كالبنك الدولي وغيره بتأمين القرض المطلوب لهذه البطاقة”، مشيراً الى أنه “وفق معطياتنا في آخر جلسة مع وزير الشؤون الاجتماعية كلجنة الصحة النيابية أفادنا معاليه بأن هناك نوعاً من التلكؤ من البنك الدولي الذي يستحضر دائماً شروطاً إضافية مرتبطة بإطلاق قرض البطاقة التمويلية في الوقت الذي كان الكلام مخالفاً، أي أن المجلس النيابي عندما أقر القانون كان واضحاً أن هناك وقتاً جدياً ورسمياً للبنك الدولي بتأمين الاعتمادات الأساسية للقروض، وكان مطلوباً من الدولة اللبنانية أن تقدم شيئاً ولكن لوجيستياً تم التحضير للمعلومات المطلوبة والطلبات ودراستها وخاصة أن البطاقة التمويلية لا تحتاج إلى كشف على الأرض ولا إلى متابعة كالبطاقات الأخرى، ولكن لا نزال في المفاوضات مع البنك الدولي وأخشى أن يكون هذا الموضوع مرتبطاً بالأمور الأخرى أي شأنه شأن الغاز المصري والكهرباء الأردنية”.

وعن وجود احصاءات رسمّية للعائلات الأكثر فقراً، قال عبد الله: “طُلب من الناس أن تتسجل على المنصة وأعتقد أن كثراً تسجلوا وقمنا بحملات لتعليم الناس عليها وبالتالي هناك داتا كبيرة عبر هذه المنصات إلا أن التأخير في التمويل وليس في التحضير”.

وعما إذا كانت البطاقة ستبصر النور قريباً، اعتبر أن “علينا أن نسأل الباب العالي، أي ذلك الذي يعزل البلد ويجعله رهينة التجاذبات الاقليمية والدولية”، لافتاً إلى أن “البطاقة التمويلية وسواها كلها حلول مؤقتة والحل الوحيد اليوم هو إطلاق العجلة الاقتصادية والافراج عن خطة التعافي الاقتصادي، وأموال المودعين، وعودة المصارف الى عافيتها، وتخفيف عزلة لبنان مع جملة إصلاحات اقتصادية وسياسية”.

علامة: المطلوب تطبيق القوانين واجراء الاصلاحات

اما الخبير الاقتصادي بلال علامة فأكد أن “أصعب مشكلة واجهت إطلاق بطاقات الدعم هي مشكلة عدم توظيفها في السّياسة، فالداتا المتوافرة عن العائلات اللبنانيّة المحتاجة هي داتا مشوّهة وموزّعة حسب التوزيع الزبائني للطوائف والأحزاب”، متسائلاً “كيف سيعمل معاليه على إعداد داتا جديدة؟”. ورأى أن “ما من بطاقة دعم صالحة للوضع اللبناني حيث أن المطلوب هو تطبيق القوانين وبسرعة وليس إطلاق وعود للبنانيين ببطاقات وهميّة”.

ولفت الى أن “التمويل غير متاح والاجراءات القادمة تتطلب خفضاً في الإنفاق الحكومي وليس زيادته وهذا شرط من شروط صندوق النقد الدولي الذي يؤكد أن أحد أهم البنود الاصلاحية المطلوبة هو ترشيد الإنفاق”، معتبراً أن “من الصعب جداً، في ظل الانهيار الحاصل وإضراب موظفي القطاع العام، أن تستطيع وزارة الاقتصاد أو السلطة التنفيذيّة إنجاز مشروع البطاقة وإعداد لائحة العائلات المستفيدة بطريقة علميّة وموضوعيّة. ومجرّد اللجوء الى فكرة بطاقات الدعم يعطي إنطباعاً أن الأزمة في لبنان طويلة الأجل وأن الإجراءات الاصلاحيّة لن تبصر النور وعلى اللبنانيين التكيّف مع فكرة الانهيار وتحلل مؤسسات الدولة”.

أضاف علامة: “مجرّد القبول بما ورد سابقاً معناه أن اللبنانيين سيواجهون مصيراً أسوأ وأن وزير الاقتصاد طارح الفكرة تناسى أن الانهيار سيأخذنا الى تدهور أكبر، وبالتالي تصبح هذه البطاقة مجرّد أداة غير صالحة للدعم. الأفضل للوزير ومن خلفه للسلطة التنفيذيّة مجتمعة الذهاب فوراً الى إجراء الاصلاحات المطلوبة بدل الغوص في أفكار الدعم غير القابلة للحياة”.

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.