لماذا يدعم السعوديون والإماراتيون دعوة روسيا لخفض إنتاج النفط؟

10 أكتوبر 2022
لماذا يدعم السعوديون والإماراتيون دعوة روسيا لخفض إنتاج النفط؟


كتبت صحيفة “ذا هيل” الأميركية” لماذا تدعم كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة روسيا بالاتفاق معها على خفض إنتاج النفط؟”.
وكتبت:”طلبت الولايات المتحدة وحكومات غربية أخرى من السعوديين والإماراتيين – منتجي النفط الوحيدين في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والذين يُعتقد أن لديهم طاقة فائضة – زيادة إنتاجهم النفطي من أجل خفض الأسعار التي ارتفعت بعد العقوبات الغربية على النفط الروسي. من المرجح أن يؤدي رفضهم القيام بذلك إلى رفع الأسعار – الأمر الذي يصب في مصلحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من خلال السماح له بمواصلة بيع النفط الروسي إلى الصين والهند بسعر أعلى (وإن كان مخفضًا) مما قد يسود إذا زاد حلفاء الولايات المتحدة من دول الخليج العربي إنتاجهم. علاوة على ذلك، بينما يستفيد السعوديون والإماراتيون أيضًا من ارتفاع أسعار النفط كمصدرين، فإن تعاونهم مع روسيا لزيادة أسعار النفط يهدد بإحداث ركود في الغرب سيؤدي إلى انخفاض الطلب على النفط وانخفاض الأسعار الذي سيشكل ضرراً عليهم. فلماذا تحمّل هذه المخاطرة الاقتصادية؟”
وتابعت الصحيفة، “ربما يخشى السعوديون والإماراتيون ما يعتبرونه خطرًا جيوسياسيًا أكبر بالنسبة لهم: احتمال خسارة روسيا لحربها في أوكرانيا. هذا لا يعني أن المملكة العربية السعودية أو الإمارات العربية المتحدة أو أي دولة أخرى في الشرق الأوسط أرادت بالفعل رؤية روسيا تغزو أوكرانيا، ناهيك عن هزيمتها. وربما يرجع إحجامهم عن انتقاد التدخل الروسي عندما بدأ لأول مرة إلى الاعتقاد السائد بأن موسكو ستنتصر بسرعة، وبالتالي لم يكن هناك جدوى من استعداء بوتين المنتصر قريبًا. لكن الشبح الذي نشأ الآن من تراجع القوات الروسية بشكل مخزي من قبل أوكرانيا وعدم الاستقرار المتزايد في روسيا نفسها لا يبشر بالخير للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. إذا لم يكن بوتين قادرًا على الاحتفاظ بالأراضي الأوكرانية التي احتلتها القوات الروسية مؤخرًا، وإذا كان عليه أن يكرس مزيدًا من الاهتمام لمجرد الاحتفاظ بالسيطرة على روسيا، فمن المحتمل أن تصبح موسكو أقل قدرة مما كانت عليه في الشرق الأوسط. ليس لدى السعوديين والإماراتيين والعديد من دول الشرق الأوسط الأخرى المتحالفة مع الولايات المتحدة ذكريات سعيدة لما حدث في المرة الأخيرة، أي عندما انسحبت موسكو من الشرق الأوسط بعد الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي”.
وأضافت الصحيفة، “على مدى العقدين التاليين، كانت الولايات المتحدة القوة العظمى الرئيسية العاملة في المنطقة. خلال هذه الفترة، لم تتمكن الدول العربية من الحصول على دعم ذي مغزى من قوى عظمى أخرى في مواجهة السياسات الأميركية التي لم تعجبها. وشملت التدخلات بقيادة الولايات المتحدة في العراق، الدعوات إلى إرساء الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في الشرق الأوسط، عدم دعم الرئيس المصري السابق حسني مبارك حليف الولايات المتحدة منذ فترة طويلة خلال انتفاضة الربيع العربي التي أطاحت به، وعدم كفاية رد الفعل الأميركي ضد إيران في سوريا والعراق واليمن، كما وبشكل عام. بعد بداية التدخل العسكري الروسي في سوريا عام 2015 على وجه الخصوص، أعطت عودة موسكو إلى الشرق الأوسط السعوديين والإماراتيين وحلفاء الولايات المتحدة الآخرين فرصة لتجنب مطالب واشنطن المتعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان. فإذا لم تقم الولايات المتحدة ببيعهم الأسلحة بسبب مخاوفها بشأن هذه القضايا، فإن بوتين سيفعل. وإذا لم يكن هناك شيء آخر، فإن مجرد احتمال أن تعمل موسكو معهم عندما لا ترغب واشنطن هو أمر عليهم تقديره . حتى الوجود العسكري لموسكو في سوريا خدم في كبح الطموحات الإيرانية والتركية التي كان يخشاها عرب الخليج وإسرائيل. قد لا يكون من السهل دائمًا التعامل مع بوتين، ولكن على عكس السوفيات، الذين سعوا غالبًا إلى إسقاط الأنظمة الموالية للغرب، كان بوتين على استعداد للعمل مع حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط”.
وبحسب الصحيفة، “إذا هُزمت روسيا في أوكرانيا وشهدت اضطرابات سياسية داخلية، فلن تتمكن موسكو بعد الآن من لعب دور فاعل في الشرق الأوسط وتقديم الفوائد التي يراها السعوديون والإماراتيون على وجه الخصوص على أنها تقوم بتوفيرها الآن. قد لا تكون هناك عودة كاملة إلى حقبة ما بعد الحرب الباردة للهيمنة الأميركية، حيث تلعب الصين دورًا أكثر نشاطًا في المنطقة مما كانت عليه من قبل. لكن حتى الآن، لم تنشط الصين عسكريًا في الشرق الأوسط كما هو الحال مع روسيا. إذن، لا يمكن الاعتماد على الصين لإبقاء إيران أو تركيا تحت السيطرة في سوريا بالطريقة التي تتبعها روسيا في حال خفضت موسكو من وجودها هناك. وعلى عكس روسيا، التي تشترك، كمصدر للنفط، مع السعودية والإمارات في تفضيل ارتفاع أسعار النفط، تفضل الصين المستوردة للنفط (مثل الغرب) أسعار النفط المنخفضة. وبالتالي، فإن ضعف روسيا قد يؤدي إلى حصول السعوديين والإماراتيين على دعم خارجي أقل في تحويل السياسات التي لا يحبونها، والتي تنتهجها الولايات المتحدة أو إيران أو تركيا. إن درء هذا الاحتمال من خلال إبقاء أسعار النفط مرتفعة، وبالتالي دعم روسيا، أمر منطقي جيوسياسي في الرياض وأبو ظبي. قد يعتبران أن لعب قوى عظمى خارجية ضد بعضها البعض أكثر فائدة من الاعتماد بشكل أساسي على واحدة. هذه هي الحقيقة المؤسفة التي تواجهها أميركا وأوروبا وأوكرانيا”.