أشاعت الوفرة المالية الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط التفاؤل بمستقبل أفضل للاقتصاد العراقي، إلا أن المسؤولين والخبراء الاقتصاديين تتباين آراؤهم حول كيفية استثمار هذه الوفرة في مشاريع حالية أو مشاريع تُدخر للأجيال.
وأعلن البنك المركزي قبل أيام بلوغ احتياطاته مستويات هي الأعلى في تاريخ البلاد، وتُقدر بأكثر من 87 مليار دولار؛ نتيجة ارتفاع أسعار النفط.كما أن هناك ما بين 15 إلى 20 مليار دولار فائضة عن جدول الإنفاق، بسبب غياب الموازنة المالية، وهو ما يجعل تلك الأموال تشكل فرصة ذهبية لتحقيق مكاسب اقتصادية وتحريك عجلة الاستثمار.الحكومة الجديدة ومصير الأموالمع بدء مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني، برز الحديث عن كيفية الاستفادة من هذه الأموال بما يحقق أكبر عوائد مالية، ويحفز الاقتصاد الذي أصابه الشلل الأشهر الأخيرة نتيجة الأزمة السياسية وصراعات الأحزاب على الحكومة.
مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الاقتصادية، مظهر محمد، يؤكد لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “الاحتياطي الأجنبي للعراق، قد يصل إلى 90 مليار دولار نهاية هذا العام، وأكثر بالمئة، من تلك الاحتياطيات هي للبنك المركزي، كغطاء نقدي للدينار العراقي”.ووصف الحقيبة الاستثمارية للبنك المركزي من العملة الأجنبية، بأنها “صندوق سيادي أو شبه صندوق”.كما دعا إلى تأسيس ما وصفه بـ”صندوق الأجيال”، مضيفا: التأسيس من الوفرات الحاصلة في الموازنة العامة التي قد تبلغ نهاية هذا العام 15 إلى 20 مليار دولار، يجب استثمارها بعد تكييف المسألة قانونيا، من خلال مجلس الإعمار، خاصة في مشاريع البنية التحتية والنشاطات المنتجة لإحداث نهضة في الاقتصاد العراقي.
مشاريع مستعجلةيفضل اقتصاديون عراقيون التعجيل بالاستفادة من الوفرة الجديدة في علاج آثار أزمة فيروس “كورونا”، وانخفاض سعر صرف الدينار مقابل الدولار، وارتفاع الأسعار، وللتخفيف بشكل خاص على محدودي الدخل.
وفي ذلك، تقول عضوة لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان السابق، ندى شاكر، لموقع”سكاي نيوز عربية”، إن “الوضع الاقتصادي الآن يحتاج إلى معالجات على المستويين القصير والمتوسط، مثل إنعاش المصانع لتشغيل اليد العاملة، وتأهيل البنية التحتية ومحطات الكهرباء، وتنمية الزراعة لرفع مستوى معيشة السكان”.أما على المستوى طويل الأجل الخاص بإنشاء الصناديق السيادية “فيمكن في مراحل متقدمة”.ترجع البرلمانية السابقة ذلك إلى أن “الظروف غير مواتية للذهاب نحو الاستثمار طويل الأجل الآن بسبب الحاجة المستعجلة لإنقاذ فئات أصابها الفقر والإحباط واليأس”.وتتفاءل بأن “الحكومة الحالية عازمة على إحداث تقدم في هذا المجال، من خلال الاستثمار الأفضل للموارد الحالية وتنويع الاقتصاد”.
وسبق أن أعلنت حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، عند تشكيلها عام 2020، أنها تتجه لإنشاء صندوق سيادي للعراق، على غرار التجارب المعروفة في بعض دول العالم، لكن المشروع لم يرَ النور بسبب الأزمات المتلاحقة التي ضربت البلاد.وتتنوع المجالات التي تستثمر فيها هذه الصناديق، ومن أبرزها العقار وصناديق التحوط وصناديق الاستثمار في الأسواق المالية والسندات والأسهم والعقود الآجلة والمواد الأولية.وانزاحت عن صدر العراق الأسبوع الماضي أزمتان فيما يخص تعثر تشكيل الحكومة وانتخاب رئيس للبلاد منذ أشهر، بعد أن انتخب البرلمان عبد اللطيف رشيد رئيسا لجمهورية العراق، وقام بدوره بتكليف محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة؛ ما يعطي آمالا بالتفرغ للالتفات إلى الاقتصاد والتنمية.