تنتج طاقتها… إبتكار منازل منخفضة التكلفة

25 أكتوبر 2022
تنتج طاقتها… إبتكار منازل منخفضة التكلفة


مع تغير المناخ، وتفاقم أزمة الطاقة عالميا لا سيما بعد الحرب الروسية الأوكرانية، زادت الحاجة لبناء منازل توفر قدرا أكبر من الطاقة، وفي الوقت نفسه تقلل الانبعاثات التي تضر بالمناخ، لا سيما أن نسبة كبيرة من تلوث المناخ مرتبطة بالمباني والإنشاءات.

مروه دبايح معمارية مصرية وأستاذة العمارة البيئية والمستدامة، تُجري أبحاثا في السويد منذ سنوات، وابتكرت فكرة جديدة وطبقتها في مدينة مالمو لحل مشاكل الإسكان لا سيما بالنسبة للاجئين الذين وصلوا إلى أوروبا في السنوات الأخيرة.ويعاني هؤلاء من أزمة كبيرة مرتبطة بإيجاد سكن، لتبتكر هذه المعماريه المصرية منازل منخفضة الثمن، وصديقة للبيئة تبنى بالجهود الذاتية، وتنتج حاجاتها من الكهرباء باستخدام وسائل الطاقة المتجددة.
منازل تنتج طاقتها
توضح المهندسة مروه دبايح فكرتها التي تم تطبيقها في السويد، أن هذه المنازل منخفضة التكاليف، وقليلة الانبعاثات الضارة بالبيئة حتى تكاد تكون نسبة انبعاثاتها صفر، ولا تحتاج أي طاقة من شبكة الكهرباء، لأنها تنتج طاقتها بنفسها من المصادر المتجددة سواء طاقة الرياح باستخدام الطواحين، أو الطاقة الشمسية باستخدام الخلايا الشمسية.وتضيف مروه أن هذه المنازل لا تستهلك الكثير من الطاقة في التدفئة والتبريد وتشغيل الأجهزة الداخلية، وبالتالي فهي تنتج طاقة أكثر من حاجتها، ويمكنها أن تمد شبكة الكهرباء الرئيسية بفائض إنتاجها، سواء لإنارة الشوارع أو شحن بطاريات السيارات التي تعمل بالكهرباء أو غيرها.وجرى تدريب اللاجئين على طرق البناء بهذا الشكل، وبحسب مروه، فإن هذه الطريقة تحل أزمة ارتفاع أسعار المنازل في أوروبا، كما أن تعاون اللاجئين في البناء لأنفسهم بعد اكتاسبهم الخبرات من التدريب يجعل بناء المنازل لهم أسهل وأسرع وأقل تكلفة، ويمكنهم نقل هذه التجربة لبلادهم الأصلية عند عودتهم إليها، فهي نماذج سريعة البناء، واقتصادية من حيث التكاليف.

وتضيف أن مَن يقوم ببنائها سيوفر فواتير الكهرباء والغاز والتدفئة لسنوات، وبمرور الوقت عملية التوفير بمرور السنين تجعل هذه البيوت كأنها بنيت بالمجان.وتقول إن هذه المنازل تحتوي على ثلاجة تعتمد على درجة حرارة الأرض الثابتة 5 درجات، مدفونة داخل الأرض، حيث تنزل وتصعد دون الحاجة للكهرباء، وبالتالي المنزل لا يحتاج سوى الإنارة الليلية والطاقة اللازمة للأجهزة مثل الكمبيوتر أو التلفزيون أو غيرها، كما تستخدم هذه المنازل المخلفات العضوية من المطبخ والحمام وتحولها لغاز يستخدم في الطبخ وتدفئة المياه.خبرة عمرها 20 عاماتروي مروة تجربتها: “هذه المنازل ابتكرتها من خلال تراكم الأفكار منذ 20 عاما، حيث ركزت على البحث عن العمارة البيئية المستمدة من العمارة التقليدية التي كانت توجد في الواحات والدلتا المصرية، وكيفية استخدام المعلومات القديمة والخبرات المتراكمة من أجدادنا، وكيف كانوا يعيشون حياة بسيطة منخفضة التكاليف وقليلة التأثير على البيئة، باستخدام الخامات المحيطة بهم في البيئة التي يعيشون فيها”.الفكرة مستلهمة من ثقافة الأجداد في بناء المنازل من البيئة.وتتابع المهندسة المصرية: “كان أجدادنا يستخدمون الطين والقش وأخشاب الأشجار في بناء منازلهم، وبعد انتهاء العمر الافتراضي لها كانت المنازل تستطيع العودة للطبيعة بسهولة دون تاثير ضار عليها، وقد حرص أجدادنا على عدم هدر المواد الخام لا سيما في الصحراء والواحات المصرية”.وتشير إلى أهمية هذه المنازل بالنسبة للمناخ، مشيرة إلى أن قطاع الإنشاءات مسؤول عن قرابة 40% من الانبعاثات الضارة، واستخدام خامات طبيعية، وطاقة متجددة في المنازل، يقلل التأثير السلبي على البيئة.أستاذة العمارة تؤكد أنه يمكن تطبيق هذه الفكرة في العالم العربي دون قيود، مشيرة إلى أن طرق البناء هذه تستغل المواد الخام الموجودة في كل طبيعة.وأضافت: “يتم اختيار مواد البناء بناء على المكان الذي نوجد فيه، فلو نحن في منطقة زراعية نبني بالقش، ولو في منطقة صحروية نستغل الرمال والتربة، ولو في منطقة غابات نبني بالأشجار، ولو في منطقة أنهار نبني بالبوص، ولو قريبين من الجبال نبني بالأحجار، وكل منطقة لها الخامات المناسبة لها والملائمة لها والمتوافقة مع البيئة”.