كتبت باسمة عطوي في “نداء الوطن”: منذ 10 كانون الثاني المنصرم، بات الشغل الشاغل لكثير من المودعين، الذين وضعوا في المصارف 100 مليون ليرة لتحويلها إلى دولار وفقاً لسعر منصة “صيرفة”، معرفة متى سيعاود البنك المركزي ضخ الدولارات للمصارف لقبض أموالهم. إلا أن الجواب على هذا السؤال بقي معلقاً حتى بداية الشهر الحالي. حيث عمدت بعض المصارف (لا يزيد عددها على ثلاثة)، إلى معاودة تحويل المبالغ التي تم إيداعها في 10 كانون الثاني إلى دولار على سعر المنصة، “لكن من دون التقيد بإعطاء مبلغ يتراوح بين 200 و 400 دولار للمودع وفقاً لتعميم مصرف لبنان الخاص بالافراد”، كما يؤكد مصدر مصرفي لـ”نداء الوطن”. مشيراً إلى أن “الامر بات مرتبطاً بمزاجية البنك المعني. فأحد المصارف الثلاثة يعطي المودع 100 دولار شهرياً، ومصرف آخر يكتفي بإعطاء 50 دولاراً. أي أن كل مصرف فاتح على حسابه، في حين أن مصارف اخرى لا تزال أموال المودعين عالقة فيها”.
مصدر متابع أكد لـ “نداء الوطن” أن “صيرفة” حادت عن هدفها الأساسي، وتحولت الى منصة تنفيع لأطراف معينين من دون أدنى شفافية تكشف حقيقة تعاملاتها والمستفيدين منها. كما انها عجزت عن لجم صعود سعر الصرف في السوق الموازية. فبعدما كانت بدأت في ايار 2021 عند سعر 12 الف ليرة للدولار، ها هي اليوم عند 42 الف ليرة وسترتفع أكثر لاحقاً طالما عجز مصرف لبنان عن كبح جماح السوق الموازية ومضارباتها. علما بأن سعر الدولار في السوق الموازية يعبر أيضاً عن تقاعس مريب للمنظومة السياسية والمصرفية والنقدية عن التقدم في سبيل الإصلاح وفقا للإتفاق مع صندوق النقد الدولي. ومرت المنصة بفترات كانت الافادة منها بنسب 25 و35% للقادرين على الوصول الى دولاراتها المدعومة ليبيعوها فوراً في السوق الموازية. اما الفارق فهو خسارة يسجلها مصرف لبنان في ميزانيته. اما اذا كان الغرض التعويض قليلاً على المودعين، فان هذا الهدف خادع لان المودع مستمر في خسارة اكثر من 75% من حقوقه الأصلية. واذا كان الهدف زيادة القدرة الشرائية لموظفي القطاع العام، فان ذلك تحوّل الى اذلال في طوابير وانتظار ايام واسابيع للحصول على ما لا يسد اي رمق حقيقي في ظل تفشي الفقر على نحو مخيف بين أصحاب المداخيل بالليرة. وتبقى المنصة مفيدة للبنوك التي تحصل من عملياتها عمولات مجزية، علما بان “بنكرجية” أُثروا من المنصة بألاعيب يعرفونها جيداً طالما ان بنوكهم هي صلة الوصل بين مصرف لبنان والعميل المستفيد. كما ان التجار والمستوردين حققوا ارباحاً كبيرة من المنصة التي تمدهم بدولارات مدعومة السعر، مقابل تجارتهم في أسواق الاستهلاك والتجزئة باسعار السوق الموازية.ما يجري يفتح الباب للسؤال عن أهداف “صيرفة”، وقدرتها على الاستمرار في المرحلة المقبلة. وفي هذا الاطار يشرح رئيس مركز الابحاث في بنك بيبلوس نسيب غبريل لـ”نداء الوطن” أن “المركزي” أنشأ “صيرفة” لخلق شفافية في العرض والطلب عبر منصة تداول إلكترونية. لأن السوق الموازي هو سوق غير مقونن وغير شفاف ولا يخضع لأي رقابة، ويتحكم به المضاربون والمتلاعبون بسعر الصرف”.يضيف: “في البداية طلب مصرف لبنان من الصيارفة، وبعدها من المصارف إعتماد المنصة. ولاحقاً صار هدف المنصة تحويل الطلب على الدولار من السوق الموازي إليها. وبهذه الطريقة إستطاع سحب ليرات لبنانية للجم المضاربة على سعر صرف الليرة في السوق الموازي”.يشكك غبريل في الارقام المنشورة عن حجم التداول يومياً. ويقول: “أعتقد أن ما يُنشر غير شفاف، لكنها تبقى أفضل من السوق الموازي. وهدف مصرف لبنان منها هو أن يصبح سعر الدولار (على المنصة) هو المرجع للإقتصاد اللبناني. لأن سعر صرف الدولار في السوق الموازي ليس حقيقياً، لكن ذلك لم يمنع بعض الشركات من الاستفادة من المنصة”. معتبرا أنه “من المشروع السؤال اليوم عن جدواها وأهمية إستمرارها. ويمكن القول أنها محاولة من مصرف لبنان للتدخل، في ظل إمكانياته المحدودة وشح السيولة بالعملات الاجنبية في الاقتصاد اللبناني”.