دخل إضراب المصارف أسبوعه الثاني من دون التوصل إلى حل ينهي هذه الأزمة التي بدأت تأخذ منحى خطيراً، ولا زالت الفروع مقفلة على كافة الاراضي اللبنانية باستثناء الصرافات الآلية.
وأكدت جمعية المصارف مساء أمس الإثنين في بيان استمرارها بالإضراب من خلال إعرابها عن الأسف لعدم “معالجة الأسباب التي حملتها إلى إعلانه وأهمّها الملاحقات القضائية الخارجة كلياً عن الضوابط القانونية الإلزامية”.
وأشارت إلى “الممارسات القضائية الاعتباطية”، وخصّت بالتحديد في هذا المجال مسألة “قبول دعاوى مقدّمة ضد المصارف من غير المودعين لديها، وتقديمها إلى قضاة معيّنين غير مختصين لا نوعياً ولا مكانياً، يختارون بسبب آرائهم العقائدية المعادية للمصارف”.
بيان جمعية المصارف أتى بعد دعوى جديدة رفعتها المدعي العام في جبل لبنان القاضية غادة عون ضد مصرف “سوسييتيه جنرال” بتهمة تبييض الأموال، الأمر الذي زاد الأمور تعقيداً.
فكيف ستنتهي هذه الأزمة التي تُقلق اللبنانيين لاسيما مع تحذير العديد من الخبراء والاقتصاديين والسياسيين من ضرب القطاع المصرفي الذي كان منذ سنوات قليلة من بين الأفضل عربيا؟ وفي حال أدت التهم الموجهة إلى بعض المصارف إلى إفلاسها ما مصير أموال المودعين؟
خبير المخاطر المصرفية والباحث في الاقتصاد الدكتور محمد فحيلي اعتبر في حديث لـ”لبنان 24″ ان “أخطر ما حصل مؤخرا هو إعلان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة انه مستعد للقيام بإجراءات للجم الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار ولكنه ربطها بإنهاء إضراب المصارف ما يعني ان أي اجراء للجم ارتفاع الدولار غير ممكن حاليا لأن المصارف مستمرة بإضرابها”، مشيراً إلى ان “الدعوى الأخيرة التي رفعتها القاضية غادة ضد مصرف “سوسييتيه جنرال” بددت أي آمال بفك الاضراب”.
واستبعد فحيلي تطور الإضراب إلى إغلاق تام بل سيبقى الوضع كما هو عليه اليوم، بحسب رأيه، لافتا إلى ان “المصارف على ما يبدو تريد من السلطة السياسية التدخل في القضاء لكف يد القاضية عون عن هذا الملف”.
وشدد فحيلي على انه “يجب على هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان التدخل بهذا الإطار لأن القانون يعتبرها السلطة صاحبة الاختصاص للتصرف تجاه المصارف في أي تهمة تخص تبييض الأموال او الاختلاس”.
واستغرب فحيلي عدم تعليق مصرف لبنان وهيئة التحقيق الخاصة على قرارات القاضية عون بحق عدة مصارف، وحذر من ان “شد عصب المصارف بقرارات قضائية عشوائية سيدفع ثمنه المواطن اللبناني سواء أكان المودع أو المواطن العادي”.
وفي حال إفلاس أي مصرف، يوضح فحيلي انه عندها يضع مصرف لبنان يده على المصرف المُفلس ويؤمن السيولة للسحوبات وفق التعميم الذي أصدره ويعين مديرا او وصيا على المصرف لتسييل موجوداته ومن خلال الايرادات التي تأتي من تسييل الموجودات يتم دفع أموال المودعين”.
هل تطير أموال المودعين؟
يؤكد فحيلي ان “هذا الأمر غير ممكن فالمودع قد يخسر جزءا من أمواله ولكن بعد تسييل موجودات المصرف الذي يعلن إفلاسه الأولوية هي لدفع أموال المودعين وما تبقى من هذه الأموال يذهب للمُساهمين”.
ويشدد فحيلي على انه يجب اعتماد الحلول المنطقية، ففي حال وجود تهم تبييض أموال بحق مصارف او مصرفيين فعلى هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان ان تقوم بدورها وأيضا لجنة الرقابة على المصارف وبالتالي هذه الأمور مهمة جدا ولا تُعالج بالإعلام و”الشعبوية”، كما قال.
وتابع: “إذا كانت القاضية عون تشك بقيام بعض المصارف بتبييض الأموال فعليها إبلاغ مصرف لبنان والطلب من هيئة التحقيق الخاصة القيام باللازم”.
العلاقة بالمصارف المُراسلة
وعن تأثير الدعاوى ضد المصارف على العلاقة بالبنوك المُراسلة، يقول فحيلي ان “العلاقة بين المصارف التي توجه إليها تهمة تبييض الأموال قد تتزعزع مع المصارف المُراسلة وبهذه الحالة سوف يتعذر عليها فتح اعتمادات لتمويل الاستيراد او التصدير وهذه نقطة سلبية علما ان المصارف التي وجهت إليها تهمة تبييض الأموال لا زالت تفتح اعتمادات وتموّل التجارة الخارجية في لبنان”.
ولفت فحيلي إلى وجود احتمال ثانٍ وهو ان المصارف المُراسلة في الخارج على دراية تامة بالوضع اللبناني وبأن هناك تجاذبات سياسية وتصفية حسابات وان هذه التهم لا تترجم حقيقة على أرض الواقع وبالتالي هذا الأمر يسمح للمصرف بأن يشتري الوقت”.
وأضاف: “باعتقادي عدم تحرك هيئة التحقيق الخاصة والتي هي صاحبة الاختصاص لمعالجة تهم تبييض الأموال تأتي بمثابة ابراء ذمة للمصارف المتهمة بذلك وهذه التهم ليست جدية ،بما ان مصرف لبنان وهيئة التحقيق الخاصة لم يتحركا وبالتالي ثمة احتمال بالا تأخذ المصارف المُراسلة هذه الاتهامات على محمل الجد.”