تواصل العملة الإيرانية وتيرة التراجع لمستويات متدنية قياسية جديدة أمام الدولار الذي بلغ 502.1 ألف ريال صباح أمس الثلاثاء 21 فبراير/شباط 2023، قبل أن تستعيد العملة الإيرانية جزءا بسيطا من قيمتها بمقدار 6 آلاف ريال لتستقر الورقة الأميركية الخضراء عند 496 ألف ريال في السوق السوداء.
ومع تجاوز العملة الإيرانية العتبة المعنوية البالغة نصف مليون ريال للدولار الواحد عقد البرلمان الإيراني صباح أمس جلسة مغلقة، لمناقشة انهيار العملة الوطنية، واستُدعي وزير الاقتصاد إحسان خاندوزي، وحاكم المصرف المركزي محمد رضا فرزين، ومحمد مخبر النائب الأول للرئيس الإيراني لحضور جلسة مماثلة صباح اليوم الأربعاء، لشرح معالم الخطة الجديدة المعتمدة لضبط سعر الصرف الأجنبي.وعن تفاصيل الخطة، أعلن فرزين وقف العمل بالسياسة السابقة الرامية إلى تثبيت سعر الدولار عند 285 ألف ريال إيراني، وتدشين مركز جديد لتحويل العملات الصعبة والذهب وفق مبدأ العرض والطلب، مؤكدا أن السعر المحدد في الآلية الجديدة سيكون مساويا لسعر السوق.حوكمة الاقتصادوفي تصريحات نقلها التلفزيون الإيراني، أعلن حاكم المصرف المركزي رسميا تدشين مركز تبادل الذهب والعملات قبل ظهر الثلاثاء، بهدف تسهيل الوصول إلى النقد الأجنبي للتجار والمسافرين، معبرا عن أمله في أن تساهم سوق الصرافة الجديدة في تحرير سعر الصرف من التكهنات التي لا تعكس تقييم المركزي الإيراني للموقف المالي للبلاد.فرزين اعتبر أن السياسة المالية الجديدة هي بداية للحوكمة بالمناخ الاقتصادي، موضحا أن القاعة الأولى من السوق الجديدة ستعرض العملات الأجنبية التي مصدرها صادرات الصلب والبتروكيميائيات بسعر محدد، وأن القاعة الثانية ستقدم خدمات العملة الأجنبية عبر البنوك ومكاتب الصرافة، مؤكدا عزم المصرف المركزي إنشاء سوق للتعاملات الآجلة في الخطوة التالية.أهداف مرجوةمن جانبه، نشر الباحث الاقتصادي محمد حسين أكبري مقالا في صحيفة “جام جم” عدّد فيه الأهداف المنشودة للسوق الجديدة وفق التالي:مواجهة التوقعات التضخمية.رفع صلاحيات المركزي الإيراني لمراقبة سعر الصرف.إدارة الحرب الاقتصادية الناعمة.شفافية التداولات المالية بالعملة الصعبة.إدارة النفقات بالعملة الصعبة.زيادة الصادرات على حساب الواردات.رفع عوائد البلاد من العملة الصعبة.منع السماسرة من التلاعب في سوق العملة الصعبة.إبطال مفعول الدعايات المضللة في مواقع التواصل.وعلى الرغم من دخول مركز تحويل العملة الصعبة والذهب الخدمة فإنه لم ينجح في وضع حد لتدهور قيمة العملة الوطنية في السوق الحرة خلال اليوم الأول من عمله.من ناحيتها، كشفت المديرة العامة للتجارة الخارجية في المركزي الإيراني شيوا راوشي عن عرض 200 مليون دولار بقيمة 415 ألفا و490 ريالا للدولار الواحد في السوق الجديدة، في حين بلغ الطلب فيها في اليوم الأول 180 مليون دولار، موضحة أن حجم التداول بلغ 50 مليون دولار حتى ظهر أمس الثلاثاء.وخلافا لوتيرة الانهيار المتواصل منذ عامين استقبلت بورصة طهران تقارير المركزي الإيراني عن تحرير العملة الصعبة وتسعيرها وفقا لمبدأ العرض والطلب بالارتفاع، حيث ارتفع مؤشر البورصة الإيرانية أمس 65 ألفا و153 نقطة، ليرتفع إلى مليون و659 ألفا و416 نقطة، وذلك بعد أن تجاوز المؤشر عتبة مليونين و200 ألف نقطة في آب 2020.نموذج روسيويجمع مراقبون في إيران على أن سياسة المصرف المركزي الجديدة تأتي مشابهة للتجربة الروسية التي اعتمدتها موسكو عقب حربها على أوكرانيا لمواجهة تداعيات العقوبات الغربية على الروبل الروسي، لكن آراء المراقبين تباينت بشأن جدوى الخطوة لوقف تدهور الريال الإيراني.من ناحيته، يرى الباحث الاقتصادي سهراب رستمي كيا أن مركز تحويلات العملة الصعبة والذهب سيُخضع موارد النقد الأجنبي لسيطرة المركزي الإيراني من خلال إلزام التجار بعرض العملة الصعبة الناتجة عن الصادرات في المنصة الإلكترونية الخاصة بسوق العملات والذهب، موضحا أن تحديد سعر الصرف يتم وفقا لحجم الموارد المالية والمصاريف ومتغيرات الاقتصاد الكلي.وفي حديثه للجزيرة نت، قال رستمي كيا إنه يرى أن الآلية الجديدة سترفع صلاحيات المصرف المركزي لتوجيه العملة الصعبة لتلبية احتياجات البلاد.وتوقع أن تنجح الخطوة بشكل نسبي خلال الفترة القصيرة المقبلة، مستدركا أن سلوك العملاء الإيرانيين يتأثر بفعل التطورات السياسية وأن إقبالهم على جني الدولار سيرتفع مع تصاعد التطورات العالمية، ولا سيما ما يخص الضغوط الأجنبية على الاقتصاد الإيراني.في المقابل، شكك عالم الاقتصاد محمد صادق الحسيني في قدرة الآلية الجديدة على وضع حد لانهيار العملة الإيرانية نظرا إلى الاختلاف بين طبيعة الاقتصاد الإيراني ونظيره الروسي.وحذر الحسيني من أن ينعكس النموذج الروسي سلبا على واقع الصادرات في حال عدم تطبيق السياسية بشكل صحيح بالنسبة لسوق الصادرات من الخردة.وفي سلسلة تغريدات علی تويتر، عزا الحسيني سبب تراجع قيمة الريال الإيراني إلى مجموعة من العوامل، منها التلاعب بالعملة المخصصة للسلع الأساسية، والسياسة الخارجية، إلى جانب إخفاق السياسة الداخلية، خاصة عقب الاحتجاجات الأخيرة، موضحا أن الجانب الأميركي بدأ بالضغط على دول الجوار لمنع تدفق الدولار إلى الجمهورية الإسلامية.(الجزيرة)