يبدو أن عملة البيتكوين هي “الملاذ الآمن حاليا” في ظل أزمة البنوك العالمية وتداعياتها على القطاع المصرفي التقليدي، وفق وكالة “رويترز”.
لكن اعتبار هذا الملاذ الآمن بديلا عن البنوك والمصارف التقليدية سواء أمام الأفراد أو الحكومات، اختلف بشأنه الخبراء الاقتصاديون، بين من يرى أن العملات الرقمية تمثل ثورة ويجب تعميم استخدامها، ومن يخشى من تقلباتها ويشكك في قدرتها على الاستمرار في الارتفاع والتفوق أما المصارف التقليدية.
العملة المشفرة التي تحظى بسمعة سيئة بسبب تقلبها، أشار عدد من التقارير والصحف الاقتصادية، بحسب “رويترز”، إلى أنها الآن تعود إلى الواجهة بشكل إيجابي وحيوي في ظل الانهيار المصرفي الحالي.
وارتفعت عملة البيتكوين بنسبة 21٪، آذار الجاري، بينما خسر مؤشر “ستاندرزآند بورز 500” المتقلب 1.4٪، وزاد الذهب بنسبة 8٪، بحسب “رويترز”.
وقطعت العملة المشفرة، في الوقت الحالي، علاقاتها مع الأسهم والسندات، وأصبحت تنافس الذهب، من حيث القيمة، وهذا يحقق جزءًا واحدًا على الأقل من حلم منشئ البيتكوين، ساتوشي ناكاموتو، وهو أن تكون عملة البيتكوين ملجأ للمستثمرين الذين يعانون، وفقا للوكالة.
وتسبب عمليات البيع التي أجراها العملاء في خسارة البنوك مئات المليارات من الدولارات، وأجبرت المنظمين الأميركيين على اتخاذ إجراءات طارئة. وشهد الأسبوعان الماضيان انهيار بنك وادي السيليكون ومقرض العملات المشفرة “سيلفرغيت”، بينما تأرجح بنك “كريدي سويس” على حافة الهاوية.
ويشرح أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأميركية في القاهرة، كريم سعد الدين، لـ”الحرة”، الفكرة الأساسية وراء البيتكوين، قائلا إنها صدرت في عام 2009 بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008 باعتبارها ثورة في وجه البنوك المركزية التي تدمر اقتصاد العالم أكثر مما تفيده بسبب الرأسمالية، ولتكون منافسا للذهب لكن في شكل عملة مشفرة.
وتمثلت ثورة البيتكوين الأساسية من وجهة نظر سعد الدين، في أنها لم يكن من الممكن السيطرة عليها من جانب الحكومات أو البنوك، وبالتي كانت منفذا حرا ووسيلة عظيمة أمام الأشخاص العاديين حول العالم للدخول في عالم الاستثمار والمضاربة بدون أن يكونوا أغنياء أو رجال أعمال أو يكونوا تحت سيطرة حكوماتهم أو النظام المالي العالمي بالأساس.
لكن هذه الحرية لم تستمر كثيرا، وفقا لأستاذ الاقتصاد، الذي قال إنه في السنوات الأخيرة، قررت صناديق الاستثمار الكبيرة في الاستثمار في البيتكوين وغيرها من العملات المشفرة.
وأشار إلى أن هذه العملات حققت بالفعل نجاحا ساحقا وارتفاعا ضخما بسبب الأزمة العالمية في الأسواق التي حدثت بسبب وباء “كوفيد-١٩”، ووصل إلى مستوى قياسي بلغ 68 ألف دولار في نوفمبر 2021، لكن بعد محاولات الحكومات خفض نسب التضخم العالمية من خلال رفع نسب الفائدة، انهارت قيمة البيتكوين لتصل إلى 18 ألف دولار في نوفمبر ٢٠٢٢.
ويؤكد أستاذ الاقتصاد على اقتناعه بمستقبل هذه العملات المشفرة في مواجهة تدخلات البنوك المركزية وتقلبات السوق العالمية، التي يرى أنها ستسمر لسنوات قادمة.
لكنه أشار إلى أن هذه الرؤية ستتحدد بعدما يتضح إذا كان الاتجاه الصعودي لعملة البيتكوين سيستمر بعد اجتماع الاحتياطي الفيدرالي، هذا الأسبوع، حيث سيسعى البنك المركزي الأميركي للسير في طريقين هما محاربة التضخم على المستوى المحلي، وضغوط البنوك على المستويين المحلي والعالمي.
ووفقا لـ”رويترز”، تستحوذ البيتكوين الآن على ما يقرب من 43٪ من إجمالي سوق العملات الرقمية، وهي أعلى حصة لها، منذ حزيران الماضي، وفقًا لبيانات “كوين ماركت كاب”، في حين قفز إجمالي رأس مال سوق العملات المشفرة بنسبة 23 ٪ إلى 1.1 مليار دولار، منذ 10 آذار. (الحرة)