خفض الإنتاج الطوعي… ما دلالات قرار أوبك+؟

3 أبريل 2023
خفض الإنتاج الطوعي… ما دلالات قرار أوبك+؟


ذكر موقع “سكاي نيوز” أنّ القرار المفاجئ لعدة دول مصدرة للنفط ضمن تحالف “أوبك+”، بما في ذلك السعودية والإمارات، بخفض طوعي لإنتاج النفط، بواقع 1.657 مليون برميل يومياً اعتباراً من أيار المقبل وحتى نهاية 2023، جاء كخطوة هادفة إلى إحداث التوازن بالأسعار، لا سيما في ضوء ما شهدته الأسعار من تراجع خلال الفترة الأخيرة، بعد الارتفاع الملحوظ إبان بداية الحرب في أوكرانيا في شباط 2022.

تأتي تلك الخطوة أيضاً كتصرف استباقي، في وقت يرى فيه محللون أن منتجي النفط وحلفائهم يتطلعون إلى تجنب تكرار انهيار العام 2008 إبان الأزمة المالية العالمية، لا سيما في ظل الأوضاع الراهنة التي يشهدها العالم، والانعكاسات الاقتصادية للتطورات الجيوسياسية المتسارعة، مع ارتفاع معدلات التضخم ورفع الفائدة، وأثر تلك الأوضاع على نمو الطلب على النفط.يرفع قرار الخفض الطوعي للإنتاج التوقعات الخاصة بأسعار النفط خلال العام الجاري، لتلامس الـ 100 دولار للبرميل، بعد أن عادت الأسعار لمستويات ما قبل الحرب في أوكرانيا.أوبك تتوقع ارتفاع طلب الصين على النفط
وكانت “أوبك+” قد قررت في أكتوبر الماضي خفض الإنتاج بنحو مليوني برميل يومياً، وكانت التوقعات تشير إلى أن التحالف سيحافظ على هذا المستوى، إلا أن جاء قرار الخفض الطوعي الجديد، على النحو التالي:- السعودية: 500 ألف برميل يومياً.- الإمارات: 144 ألف برميل يومياً.- روسيا: 500 ألف برميل يومياً.- العراق: 211 ألف برميل يومياً.- الكويت: 128 ألف برميل يومياً.- عمان: 40 ألف برميل يومياً.- الجزائر: 48 ألف برميل يومياً.- كازاخستان: 78 ألف برميل يومياً.
دلالات وأهداف القرار
من جانبه، يقول خبير أول في معهد دلتا للطاقة وعضو المجلس الاستشاري للغاز بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، تييري بروس، إنه في ظل ارتفاع مستويات التضخم حول العالم وتأثيراتها الاقتصادية وانعكاساتها على نمو الطلب العالمي على النفط، فإن أوبك+ “ليست راضية عن معدلات أقل من 80 دولاراً للبرميل”.ويتابع: “هناك خطر فيما يتصل بتراجع الطلب العالمي على النفط، بينما تريد أوبك + إظهار أن الطلب يرتفع باستمرار، ولهذا السبب فإنهم سيديرون السوق بشكل دقيق”، موضحاً أن الأسعار المتوازنة التي ترضي المنتجون في نطاق من 80 إلى 100 دولار للبرميل، وإذا تجاوزت الأسعار حدود الـ 100 دولار فسوف تنتج أوبك المزيد.ويصف بروس قرار المنتجين الرئيسيين للنفط في أوبك + بكونه “قرار ذكي” على اعتبار أنه “نظرًا لعدم وجود طاقة إنتاجية فائضة، يمكن لأوبك أن تحدد بسهولة سعر النفط فوق 80 دولاراً للبرميل”.كما يلفت إلى أن قرار خفض الإنتاج ضرب التوقعات “الخيالية” لوكالة الطاقة الدولية التي كانت قد توقعت تحقيق التوازن في سوق النفط بحلول منتصف العام، وتسارع نمو الطلب في الربع الأخير من 2023.تقديرات جديدةرفع بنك غولدمان ساكس توقعاته لأسعار العقود الآجلة لخام برنت بعد الإعلان المفاجئ من أوبك+ بشأن تبني المزيد من الخفض في الإنتاج، ومما ورد في مذكرة للبنك:- الخفض المفاجئ يتفق مع نهج أوبك+ الجديد بـ “التصرف بشكل استباقي” لأنها تستطيع فعل ذلك دون تكبد خسائر كبيرة في حصتها السوقية.- التوقعات لسعر خام برنت لكانون الاول 2023 زادت خمسة دولارات إلى 95 دولاراً للبرميل.
– تم رفع التوقعات لكانون الاول 2024 ثلاثة دولارات إلى 100 دولار للبرميل.
– القرار يعكس اعتبارات اقتصادية مهمة وسياسية محتملة.
سيناريو 2008
يعتقد محللون بأن القرار جاء لـ “تجنب تكرار سيناريو الانهيار الذي حدث خلال العام 2008″، وهو الأمر الذي تحدث بشأنه رئيس شركة رابيدان إنرجي لاستشارات الطاقة، بوب ماكنالي، في تصريحات إعلامية له أخيراً.ذكَّرَ ماكنالي خلال تصريحاته بسيناريو عام الأزمة المالية العالمية في 2008، مشيراً إلى انهيار أسعار النفط حينها من 140 دولاراً للبرميل إلى قرابة الـ 35 دولاراً في ستة أشهر فقط.لكنّ المحلل الاقتصادي الكويتي، محمد الرمضان، يستبعد فرضية سيناريو الانهيار على غرار العام 2008، لا سيما وأن الظروف والعوامل مختلفة، موضحاً أن قرار أوبك + الأخير جاء مدفوعاً بالمخاوف المرتبطة بالركود وليس الكساد الاقتصادي أو خوفاً من أزمة عالمية كبرى.القرار لم يكن مفاجئاً!ويشير الرمضان إلى أن قرار أوبك + كان متوقعاً؛ على اعتبار أن أسعار النفط انخفضت بشكل كبير، وبالتالي يمكن للخفض الطوعي للإنتاج أن يرفع الأسعار إذا حرصت أوبك + على تثبيت السعر في الحدود المقبولة عالمياً فوق الـ 85 دولاراً للبرميل.ويشير إلى أن “أسعار النفط تفاعلت بشكل سريع مع هذا القرار، لا سيما وأن حجم الخفض ليس بالقليل من جانب المنتجين الرئيسيين”، مشدداً على أن الهدف هو أن يكون هناك توازن في الأسعار.في آذار الماضي، تراجعت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ كانون الاول 2021.
دعّمت ذلك التراجع مخاوف المتداولين من أن يؤدي انهيار البنوك إلى إضعاف النمو الاقتصادي العالمي.
من جانبه، يقول المحلل الاقتصادي السعودي سليمان العساف، إن قرار خفض الإنتاج الطوعي بمقدار 1.16 مليون برميل يومياً، حتى نهاية العام الجاري 2023 “جاء بعد الانخفاض الملحوظ في أسعار النفط عند حدود السبعينات (دون الـ 80 دولاراً)، لا سيما مع انتهاء موسم الشتاء عملياً”.إعادة التوازن لأسعار النفطويتابع: “القرار الهدف منه إعادة التوازن لأسعار النفط وامتصاص الفوائض الحالية أو المتوقعة من بعض المصافي، وفي ظل عودة إيران للأسواق وكذلك فنزويلا وبعض الدول الأخرى التي بدأت تزيد الإنتاج”.ويشير إلى أن الأسواق تفاعلت سريعاً من القرار وارتفعت أسعار النفط (بنحو 8 بالمئة) ومن المتوقع أن تواصل الارتفاع في الأيام المقبلة لتستقر في بحر ما فوق الـ 80 دولاراً خلال الفترة المقبلة “وهي أسعار مريحة ومرضية بالنسبة للمنتجين”.وقفزت أسعار النفط في التعاملات المبكرة الاثنين بنحو 8 بالمئة.
وقفزت العقود الآجلة لخام برنت 4.7 بالمئة إلى 83.65 دولاراً للبرميل بعد أن لامست 86.44 في وقت سابق من الجلسة.
وارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الأميركي بنسبة 4.6 بالمئة إلى 79.14 دولاراً للبرميل.
بدوره، يلفت مدير مركز الأمصار للدراسات والأبحاث، المحلل العراقي الدكتور رائد العزاوي، إلى أن خفض الإنتاج الطوعي يشكل “خطوة مهمة للحفاظ على مستويات معينة من الأسعار والمعروض بالأسواق، خاصة أنه خلال الفترة الماضية كانت هناك حالة من الركود بالأسواق، وبما أدى لتراجع الأسعار دون الـ 80 دولاراً للبرميل”.ويتابع: “بالتالي فإن الدفع باتجاه الخفض الطوعي من جانب دول أوبك + (التي تنتج أكثر من 40 بالمئة من نفط العالم) سوف يسهم على الأقل في ثبات أسعار النفط فوق الـ 80 دولاراً”، موضحاً أن كثيراً من هذه الدول تعتمد على عائدات النفط بشكل أساسي لأغراض التنمية والموازنة العامة، وبالتالي فإن الانخفاض في الأسعار دون الـ 80 دولاراً يمكن أن يؤثر على خططها التنموية، ولذلك فإن سعي هذه الدول خطوة مهمة بالنسبة لها.ويستطرد: “هذه الخطوة جاءت بعد خطوات كثيرة قامت بها دول مُنتجة للنفط، بما في ذلك دول خارج أوبك من بينها دول يمكن أن تستفيد من العملية لأغراض سياسية فيما يتعلق بإبعاد النفط كسلاح سياسي يستخدم ضد الدول الأخرى”. (سكاي نيوز)