هكذا حجزت الهند مكاناً بارزاً في خريطة تجارة النفط العالمية

7 أبريل 2023
هكذا حجزت الهند مكاناً بارزاً في خريطة تجارة النفط العالمية


ذكر موقع “سكاي نيوز”، أنّ الحرب الروسية الأوكرانية والعقوبات الغربية على خام الأورال، أعادت رسم خريطة تجارة النفط العالمية لتحجز فيها الهند دوراً أكثر مركزية من خلال حصولها على النفط الروسي الرخيص وإعادة تكريره وبيعه، حتى أصبحت مورداً رئيسياً للمشتقات النفطية إلى دول الاتحاد والأوروبي والولايات المتحدة.

وتعد الهند ثالث أكبر مستهلك للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة والصين، حيث تستورد 85 بالمئة من احتياجاتها، وتحتل روسيا حالياً الرقم واحد على قائمة الموردين الرئيسيين، بعد أن كان موردوها الرئيسيون سابقاً من منطقة الشرق الأوسط.ووفقاً لوكالة الطاقة الدولية، فقد استوردت الهند في مارس الماضي 1.62 مليون برميل يومياً من روسيا أي 40 بالمئة من إجمالي وارداتها النفطية وذلك ارتفاعاً من 70 ألف برميل يومياً قبل الحرب.ورفضت الهند الاعتراف بالعقوبات الغربية على موسكو بما في ذلك عدم امتثالها للسقوف السعرية المفروضة على الخام الروسي ومشتقاته، بل اختارت تعزيز العلاقات التجارية مع موسكو الأمر الذي منحها فوائد إضافية كتخفيف حدة التضخم إلى جانب الفائدة المادية.وكانت دول مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي وأستراليا فرضت حداً أقصى لسعر برميل النفط الخام الروسي المنقول بحراً، عند 60 دولارا، ليدخل حيز التنفيذ في الخامس من ديسمبر 2022، وكذلك فرضت سقفاً لأسعار المنتجات النفطية الروسية عند 100 دولار للبرميل، وذلك للمنتجات النفطية التي تباع بعلاوة مثل الديزل، و45 دولارا للبرميل للمنتجات التي تباع بخصم، مثل زيت الوقود، ليدخل حيز التنفيذ في الخامس من شباط 2023.علاقة وثيقة تربط الهند وروسياالدكتور ممدوح سلامة خبير النفط العالمي، يوضح أن الهند التي تصنف ثالث أكبر مستورد للنفط في العالم، تستورد نحو خمسة ملايين برميل يومياً، والنسبة الأكبر من هذه الواردات كانت تأتي من العراق بيد أن روسيا حلت مكان العراق لتصبح المصدّر الأول للنفط إلى الهند، مشيراً إلى أن العلاقة الوثيقة بين الهند وروسيا تعود إلى أيام عهد الاستقلال عند وقف الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت (روسيا الآن) إلى جانب الهند ومدها بالأسلحة والمساعدات المالية والاقتصادية.النفط الروسي يزيد عن حاجة المصافي الهنديةفالهند تلعب دوراً مهماً جداً من حيث صادرات النفط الروسية إذ تشتري الآن ما يزيد عن مليون و620 ألف برميل يومياً كما أنها تحول جزءاً كبيراً من هذه الواردات إلى مشتقات نفطية وتعيد تصديرها باسمها إلى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية والعام ككل، بحسب الدكتور سلامة الذي أكد أن روسيا تستفيد بشكل هائل من واردات النفط الهندية ومن صادرات الهند لمشتقات النفط، حتى أصبحت الهند إلى جانب الصين الدولتين الرئيسيتين في العالم المستوردتين للنفط الروسي، بل إن مستورداتهما من النفط الروسي يشهد ارتفاعاً كبيراً لسد حاجة المصافي الهندية والصينية إضافة إلى حاجة البلدين إلى النفط للاستعمال الداخلي.النفط الروسي جنب نيودلهي الوقوع في براثن التضخمويشرح سلامة أن الهند رفضت الاعتراف بالعقوبات الغربية المفروضة على روسيا كما رفضت كلياً التقيد بسقف السعر الذي فرض على صادرات النفط الروسي ومشتقاته وهي بذلك “تعطي إشارة للغرب أنها تقف إلى جانب روسيا وأنها لا تتخلى عن صداقتها لها”.ويرجع سلامة عدم تأثر الهند مثل الدول الغربية بالتضخم المالي إلى استيراد الهند للنفط والغاز والفحم الروسي بأسعار مخفضة قليلاً عن الأسعار العالمية ما يعني أنها أقل تأثر بارتفاع أسعار الطاقة.وتشير الأرقام إلى أن الهند وفرت 3.6 مليار دولار من خلال استيراد النفط الخام الروسي منخفض السعر في الأشهر العشرة التي تلت اندلاع الحرب.ورداً على سؤال حول ما يروجه الإعلام الغربي عن حصول الهند على النفط الروسي بثمن بخس قال الدكتور سلامة: “هذا غير صحيح كلياً، فروسيا تعطي خصماً للصين والهند عن الأسعار العالمية لا يزيد عن 6 إلى 10 دولارات للبرميل الواحد، والدليل على ذلك أن باحثين أميركيين من جامعتي كولومبيا وكاليفورنيا أعدوا دراسة عن هذا الموضوع تحديداً وتبين لهم أـن روسيا تبيع نفطها بسعر 74 دولاراً للبرميل أي أعلى بنحو 20 بالمئة من سقف السعر المحدد”.الهند تمتلك حصة الأسد من تجارة النفط الروسيةبدوره، يقول مستشار الطاقة الدولي عامر الشوبكي: “الهند لها مكانة مهمة على خارطة تجارة النفط العالمية قبل الحرب الروسية الأوكرانية، لكن مكانتها باتت أكثر مركزية بل أصبح لها الآن حصة الأسد من تجارة النفط الروسية في الأسواق العالمية”.ولكن ما أهمية الهند بالنسبة للطلب العالمي على النفط؟يجيب الشوبكي على هذا التساؤل بقوله: “تعد الهند من الدول الناشئة التي تتمتع بنمو اقتصادي كبير، وتقدر حصتها من الطلب العالمي على النفط بنحو 20 بالمئة، إذ تستورد 87 بالمئة من حاجتها من النفط، كما أنها تخطت منذ فترة وجيزة الصين بعدد السكان وبالتالي سيكون لها أهمية كبيرة بشأن الطلب على النفط، وبالإضافة إلى ذلك نستطيع القول أن الهند (إلى جانب الصين) حلت محل أوروبا في استيراد الطاقة الروسية والنفط على وجه الخصوص”.ماذا يحدث للنفط الروسي في الهند؟تمتلك الهند 23 مصنع تكرير للنفط يقع أكثر من نصفها على طول سواحلها، تكرر 249 مليون طن من النفط سنوياً، ما يجعل منها رابع مركز لتكرير النفط في العالم، وبفضل الفائض برزت الهند كمورد رئيسي للبنزين والديزل بعضه مكرر من الخام الروسي يذهب إلى أوروبا والولايات المتحدة وأماكن أخرى حول العالم، فيا تذهب الكثير من المنتجات المكررة إلى المستهلكين الهنود.زادت صادرات الهند من المنتجات النفطية إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 20.4 بالمئة بين نيسان وكانون الثاني مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق، لتصل إلى 11.6 مليون طن، بحسب صحيفة “إنديان إكسبرس” التي أوضحت أن مصانع التكرير الهندية تحقق “هوامش متينة” من الأرباح.الهند متعطشة للنفط الروسيمن جهتها، تشير الدكتورة كارول نخلة الرئيسة التنفيذية لشركة “كريستول إنرجي” إلى أن الهند لاعب بارز في أسواق النفط العالمية باعتبارها من كبار مستهلكي النفط حيث تتصدر المرتبة الثالثة في العالم بعد الولايات المتحدة والصين، وهي أيضاَ من أهم المستوردين للنفط ومشتقاته، وفي الوقت ذاته تقوم بتصدير مشتقات النفط إلى الأسواق العالمية.وتضيف الدكتورة نخلة: “الهند متعطشة للنفط الروسي لأنه رخيص ويخفف عنها تكلفة الواردات، ومع حصولها على النفط الرخيص فهذا يعزز من صادراتها للمشتقات النفطية التي تنتجها المصافي الهندية إلى بلدان أخرى غير التي كانت تصدر إليها سابقاً ولاسيما دول الاتحاد الأوروبي ما أتاح لها تحقيق ربح أكبر، وخصوصاً أنها لم تؤيد العقوبات الغربية على روسيا بل أعلنت بشكل واضح على لسان كبار مسؤوليها أن أولوية الهند اقتصادها وشعبها”. (سكاي نيوز)