“نسبة كبيرة من المتبضعين في الأسواق خلال فترة الأعياد من شريحة الموظفين الذي يتقاضون رواتبهم قبل بدء العيد بنحو 7 أيام”، هكذا يفسر المواطن العراقي علاء الجبوري سر الحركة التجارية التي تشهدها أسواق بغداد قبيل عيد الفطر.
الجبوري الذي يمتلك متجرا لبيع الملابس النسائية في منطقة “كرادة داخل” ببغداد يرى -في حديثه للجزيرة نت- أن الوضع الاقتصادي أثر على القدرة الشرائية لشريحة كبيرة من العراقيين من غير الموظفين، وفق قوله.وكما هي العادة في معظم البلدان العربية والإسلامية، تشهد الأسواق قبيل الأعياد حركة تجارية عادة ما تكون أكثر نشاطا، وهو ما ينطبق على العراق الذي يستقبل العيد في ظل وضع اقتصادي لا يمكن وصفه بالمستقر رغم ما أعلنته الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني من “سعي للإصلاح الاقتصادي” والحد من معدلات الفقر والبطالة.وفي الوقت الذي تقدر فيه وزارة التخطيط العراقية نسبة الفقر في العراق بنحو 25% من السكان، أي 11 مليون نسمة من مجموع عدد السكان البالغ 42 مليونا، تشير مؤسسات اقتصادية دولية إلى أن نسب الفقر في العراق أكبر مما هو معلن.تذبذب الأسواقومع اقتراب عيد الفطر، تجول مراسل الجزيرة نت في بعض الأسواق التجارية للعاصمة العراقية بغداد ورصد حركة البيع والشراء واستطلع آراء عدد من المواطنين في ظل حركة تجارية لافتة تخبئ كثيرا من القصص.يرى المواطن أحمد معن أن قدرة العراقيين الشرائية متفاوتة، لا سيما مع عدم استقرار سعر صرف الدولار أمام الدينار بالأسواق الموازية. ويشير -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن هذا التذبذب يسبب خسائر مالية كبيرة للتاجر العراقي، ويضطره إلى البيع بأسعار متباينة كل يوم.أما غفار عبد العظيم فيوجه انتقاده للحكومات العراقية لعدم قدرتها على استثمار العائدات النفطية في تحسين الوضع الاقتصادي خلال السنوات الماضية، رغم تصدير البلاد أكثر من 4 ملايين برميل نفط يوميا.عبد العظيم الحاصل على البكالوريوس من كلية الآداب بجامعة بغداد لم يحصل على وظيفة حكومية حتى الآن، وهو ما دفعه خلال حديثه للجزيرة إلى التساؤل: “أين تذهب هذه الأموال؟ الشعب فقير والعاطلون عن العمل ترتفع أعدادهم سنويا”.ويُقبل العراقيون عادة على شراء المواد الغذائية لصنع حلويات العيد داخل منازلهم والمعروفة محليا بـ”الكليجة”، إضافة إلى شراء اللحوم والدجاج استعدادًا لإقامة الدعوات والولائم خلال العيد، إلا أن الارتفاع الكبير للأسعار دفع بعض العراقيين إلى إعادة التفكير مرة أخرى بذلك.أسباب الارتفاعمن جانبه، يعزو التاجر محمد عطية ارتفاع أسعار الملابس الجديدة قبيل الأعياد إلى اعتماد السوق المحلية بنسبة 99% على المستورد مقابل 1% للمنتج المحلي.ويضيف عطية للجزيرة نت “الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 لم تستطع النهوض بقطاع الصناعة المحلية الذي كان يعد عمود السوق المحلية ويحقق الاكتفاء الذاتي”. ويضيف أن “قطاع الصناعة معطل اليوم نتيجة ضعف الخطط الحكومية وسيطرة دول الجوار على السوق المحلية”.وشهدت البلاد منذ نحو 4 أشهر ارتفاعا ملحوظا في معدلات التضخم بعد أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار في الأسواق الموازية نتيجة اعتماد مزاد بيع العملة لدى البنك المركزي العمل بالمنصة الإلكترونية التي أوصى بها الفدرالي الأميركي لأجل الحد من تهريب الدولار.ووفق أرقام وإحصائيات وزارة التخطيط العراقية، بلغ التضخم في كانون الثاني الماضي 3.6% مع ارتفاع الأسعار في عدد من القطاعات على النحو التالي:أما عن معدل التضخم السنوي فقد سجلت الوزارة ارتفاعا بنسبة 7.2% بالمقارنة مع الشهر الأول من عام 2022، في الوقت الذي يحذر فيه الباحث الاقتصادي حيدر الربيعي من آثار التضخم المتواترة طوال أشهر السنة، وهو ما جعله ظاهرة عصية على المعالجة في الاقتصاد العراقي، وفق تعبيره.ويرجع الربيعي ارتفاع التضخم في البلاد إلى “انعدام النهج الاقتصادي، وفوضى الإنفاق الحكومي، والأزمات المتشابكة التي ترهق اقتصاد البلاد، فضلا عن انتشار الفساد المالي والإداري”.(الجزيرة)