ذكر موقع “سكاي نيوز”، أنّه في خطوة تصعيدية أخرى لتضييق الخناق الاقتصادي على روسيا، تتجه مجموعة السبع لفرض حظر شامل على الصادرات إلى روسيا لتهدد الأخيرة على لسان الرئيس السابق دميتري ميدفيديف بأن موسكو سترد على هذا التحرك بإلغاء اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود الذي يتيح تصدير الحبوب من أوكرانيا، الأمر الذي يفتح باب التكهنات حول التداعيات الاقتصادية لهذا التحرك على الطرفين وعلى الاقتصاد العالمي ككل.
تحرك مجموعة السبع، التي تضمن كل من كندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، جاء وفقاً لمقترح أميركي، لكن ممثلين من اليابان ودول أوروبية اعتبروا في اجتماع تحضيري عقدته المجموعة أخيراً هذه الخطوة غير ممكنة.وفيما يسمح إطار العمل الحالي بين الجانبين ببيع البضائع إلى روسيا ما لم تكن محظورة بشكل معلن، تبحث مجموعة السبع إلغاء نهجها لفرض العقوبات لتكون الصادرات إلى روسيا محظورة تلقائيا ما لم تكن مشمولة في قائمة مخصصة للمنتجات المسموح بشحنها إلى روسيا.منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية في 24 شباط 2022، فرضت الدول الغربية عقوبات غير مسبوقة على روسيا “لتكثيف الضغط عليها ودفعها لإعادة النظر في حربها ضد أوكرانيا”، حيث شملت أكثر من ستة آلاف عقوبة في مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية والبنكية والعسكرية والعلمية، كما فرضت حداً أقصى لسعر برميل النفط الخام الروسي المنقول بحراً عند 60 دولاراً، وكذلك فرضت سقف سعر على المشتقات النفطية الروسية بواقع 100 دولار للبرميل للمنتجات الأعلى سعراً مثل وقود الديزل والبنزين في حين تحددت قيمة المنتجات الأقل جودة عند 45 دولاراً للبرميل.ورداً على العقوبات الغربية فرضت الحكومة الروسية حظر تصدير السيارات وأجهزة الاتصالات والمعدات الطبية والزراعية والكهربائية والتقنية حتى نهاية العام الجاري، في حين قال ميدفيديف في منشور على قناته على تطبيق تيليجرام “فكرة الحمقى في مجموعة السبع حول حظر كامل للصادرات إلى بلادنا بشكل تلقائي فكرة جميلة لأنها تتضمن حظراً مماثلاً على الصادرات من بلادنا، بما في ذلك فئات سلع أشد حساسية لمجموعة السبع، وفي هذه الحالة سينتهي اتفاق الحبوب وأشياء كثيرة أخرى هم بحاجة لها”.عواقب اقتصادية وجيوسياسيةويقول الخبير الاقتصادي حسين القمزي: “في حال قامت مجموعة السبع بحظر جميع الصادرات إلى روسيا فإن ذلك سيترتب عليه عواقب اقتصادية وجيوسياسية كبيرة لكلا الطرفين، حيث سيكون التأثير شديداً على الاقتصاد الروسي إذ أن العديد من الصناعات الروسية بما في ذلك الطاقة والآلات والمواد الكيميائية تعتمد بشكل كبير على الواردات من دول مجموعة السبع، وقد يؤدي ذلك إلى نقص في السلع وزيادة في الأسعار وانخفاض في النشاط الاقتصادي العام في روسيا”.ومن ناحية أخرى، ستواجه دول مجموعة السبع عواقب هي الأخرى لأنها ستفقد سوق تصدير كبيرة، وقد تتضرر بعض الصناعات فيها خاصة تلك التي تعتمد على روسيا، مثل الزراعة وتصنيع السيارات، وقد يؤدي ذلك أيضاً إلى فقدان الوظائف وانخفاض النشاط الاقتصادي في هذه البلدان، بحسب القمزي، الذي أكد أن روسيا ستبحث عن شركاء تجاريين بديلين مثل الصين والهند وجنوب إفريقيا وأميركا الجنوبية.الحبوب الأوكرانية جزء من سياسة الأمن الغذائي الصينيأما بالنسبة لاتفاق الحبوب، فيشير الخبير الاقتصادي القمزي إلى أن للصين مصلحة راسخة في الحفاظ على اتفاق الحبوب، حيث كان تسهيل تصدير الحبوب في المرتبة التاسعة في خطة السلام الصينية المكونة من 12 نقطة لوقف الحرب الروسية الأوكرانية، فضلاً عن أن الصين نفسها تعد أحد المشترين الرئيسيين للحبوب الأوكرانية، ما يعني أن الحبوب الأوكرانية جزء من سياسة الأمن الغذائي الصيني.ويضيف القمزي: “وهناك تركيا التي اتفقت على السماح بمرور البضائع إلى روسيا بشرط السماح للحبوب الأوكرانية بالمرور، فروسيا بوقفها لهذا الاتفاق قد تكون هي الخاسرة، إذ أنها لا تريد خسارة علاقتها مع الصين أو تركيا، والمشكلة التي تواجه روسيا كذلك تتجلى في أن صادرتها من الأمونيا المهمة لصناعة الأسمدة إلى العالم تتم عن طريق أنبوب يمر إلى ميناء أوديسا الأوكراني، وخطوة منع تصدير الحبوب قد يدفع أوكرانيا إلى إغلاق هذا الأنبوب لواحدة من صادرت روسيا الرئيسية”.اتفاق الحبوبووقعت كييف وموسكو برعاية تركيا والأمم المتحدة في شهر تموز 2022، مبادرة حبوب البحر الأسود بهدف تخفيف وطأة أزمة الغذاء العالمية الناجمة عن الأزمة الأوكرانية، عبر السماح بتصدير نحو 25 مليون طنّ من الذرة والقمح وحبوب أخرى، وينتهي سريان الاتفاق في 18 أيار المقبل ما لم يتم تمديده.تصاعد الأزمات عالمياًمن جهته، يقول الخبير الاقتصادي، عضو مجلس أمناء مركز الشرق الأوسط للدراسات الاقتصادية هاشم عقل: “تتجلى وجهة النظر الروسية بأن حظر تصدير كل المنتجات إلى البلاد سيؤثر على الاقتصاد العالمي وقد يؤدي إلى تصاعد الأزمات في العالم، لكن السؤال الأهم هل تستطيع دول الاتحاد الأوروبي التي تعاني من مشاكل اقتصادية كبيرة أهمها تراجع نسب النمو الموافقة على فقدان السوق الروسي، وهل يوجد أسواق بديلة لتسويق منتجاتها في ظل منافسة صينية شرسة وفي كل المجالات؟، بالتأكيد لا تزال أوروبا تحقق المزيد من الخسائر في ظل دعم متواصل لحرب كتب لها ألا تنتهي قريباً”.الولايات المتحدة الرابح الوحيدويعتبر عقل الولايات المتحدة الأميركية الرابح الوحيد من هذا التحرك، إذ أنها مصرة على حظر شبه كامل على الصادرات إلى روسيا حيث تتلخص الفكرة في حظر جميع الصادرات وتشكيل قوائم لاستثناء ما هو مسموح لكن هذا الاقتراح ما زال قيد الدراسة وقابل للتغيير وإذا ما دعم قادة مجموعة الدول السبع تلك المبادرة في قمتهم لتحديد ما الذي سيسمح بتصديره لروسيا فمن المرجح أن تشمل قائمة الإعفاءات الأدوية والمنتجات الزراعية.أزمة غذاء عالميةوستؤدي الورقة الروسية بإلغاء اتفاق الحبوب ومنع صادرات القمح والذرة من أوكرانيا إلى أزمة غذاء عالمية ونقص في صادرات القمح الأوكراني التي تمثل 11 بالمئة من إنتاج العالم ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار القمح والذرة، كما ستتضرر الدول المستوردة وخاصة الدول العربية وعلى رأسها مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، وفقاً لعقل. (سكاي نيوز)