ماذا سيعني توسيع تحالف بريكس بالنسبة للإقتصاد العالمي؟

26 أبريل 2023
ماذا سيعني توسيع تحالف بريكس بالنسبة للإقتصاد العالمي؟


ذكر موقع “سكاي نيوز”، أنّ مجموعة دول “بريكس” تنتظر تطورات جوهرية، تحسمها القمة المقبلة المُرتقبة في جنوب أفريقيا، والتي من المرتقب أن تناقش طلبات الانضمام البالغة 19 طلباً.ويقود توسيع “تحالف بريكس” إلى تعزيز دورها كتحالف اقتصادي يتمتع بمجموعة من المزايا التي تؤهله لمنافسة مجموعة السبع، وبما يتسق مع الأهداف الرئيسية التي أنشئ هذا التحالف من أجلها ككيان يسعى لخلق حالة من التوازن بالاقتصاد العالمي.

وحملت الصين لواء القيادة فيما يخص توسيع المجموعة، وأطلقت محادثات واسعة في هذا الصدد خلال توليها رئاسة المجموعة العام الماضي. وتسارعت تلك الجهود في ظل تبعات الحرب في أوكرانيا وسلاح “العقوبات الاقتصادية” الذي تم استخدامه على نحو واسع، وأثر ذلك على اقتصاد عديد من الدول المختلفة.كما يأتي ذلك في وقت يتعرض فيه النظام العالمي، بشقيه السياسي والاقتصادي، إلى هزّات ومتغيرات مختلفة، وفي ضوء الدعوات المناوئة للهيمنة الأميركية، وسطوة الدولار على التعاملات الدولية.ومجموعة بريكس هي تكتل يضم روسيا والصين والبرازيل وجنوب أفريقيا والهند، تأسس في العام 2006، في قمة استضافتها مدينة يكاترينبورغ الروسية، وتحول اسمها من “بريك” إلى بريكس في 2011، بعد انضمام جنوب أفريقيا إليها. وتهدف هذه المجموعة الدولية إلى زيادة العلاقات الاقتصادية فيما بينها بالعملات المحلية، ما يقلل الاعتماد على الدولار.أهداف رئيسيةيقول الخبير الاقتصادي، سليمان العساف، إن المجموعة التي تأسست في العام 2006 يتمثل الهدف منها في كسر تحكم مجموعة السبع في الاقتصاد العالمي، ومحاولة خلق توازن اقتصادي عالمي.
ويشير إلى سعي عدد من الدول، من بينها المملكة العربية السعودية وإيران، إلى الانضمام إلى المجموعة (بعدما تقدمتا بطلبين رسميين) وهي المجموعة التي تفوقت أخيراً على مجموعة السبع من حيث حصتها في الاقتصاد العالمي، إذ تستحوذ على 31.5 بالمئة من الاقتصاد العالمي، مقابل 30.7 بالمئة للدول الصناعية السبع الكبرى.ومن الدول الساعية إلى الانضمام للبريكس كذلك الأرجنتين والمكسيك ومصر والجزائر ودول أخرى مثل تونس التي أعلنت أخيراً نيتها الانضمام للمجموعة.وطبقاً لسفير جنوب أفريقيا لدى “بريكس”، أنيل سوكلال، فإن هناك 19 دولة أبدت اهتماماً بالانضمام للمجموعة، وأن 13 دولة تقدمت بطلبات رسمية.ومما يُبرز قوة المجموعة هي أن مساحة هذه الدول المنضوية تحت لواء “بريكس” تشكل ربع مساحة اليابسة، ويصل عدد سكانها ما يقارب الـ 40 بالمئة من سكان الأرض.
 
عوامل القوة والضعف
ومع ذلك، يعتقد العساف بأن دول مجموعة البريكس “لا تزال ضعيفة نسبياً أمام الدول السبع، لعددٍ من العوامل الأساسية، يأتي في مقدمتها هيمنة الدولار وسيطرة الاقتصاد الأميركي بسبب قوة واشنطن السياسية والاقتصادية والعسكرية”.لكنه يضيف: “إلا أن مجموعة البريكس تشكل تهديداً حقيقاً لمجموعة السبع.. ولا أحد يعلم ماذا سيحدث في المستقبل في هذا السياق (..)”، لافتاً إلى أن بزوغ المجموعة ونموها يأتي في سياق الحرب الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين.ويتابع: “تسعى الصين إلى أن تأخذ مكانة القيادة من الاقتصاد الأميركي، ورغم الكثير من المعوقات، إلا أن بكين يمكنها تحقيق ذلك لكن ليس في الفترة المنظورة، وقد يكون ذلك في 2050 إلا إذا حدثت كارثة بالنسبة للاقتصاد الأميركي الذي لا يزال مهيمناً”.ويعتقد في هذا السياق بتحقيق “بريكس” نجاحات متتالية مع استمرار التحدي المرتبط بهيمنة الدولار وسيطرة النظام الاقتصادي الغربي.وتقدم “بريكس” نفسها كبديل للكيانات المالية والسياسية الدولية الحالية، بعدما بدأت كرمز للاقتصادات الأسرع نمواً حول العالم.وأنشأت المجموعة “بنك التنمية الجديد” برأس مال أولي قدره 50 مليار دولار، مع وضع احتياطات نقدية طارئة تدعم الدول التي تعمل على سداد ديونها.والقمة المقبلة لمجموعة دول بريكس ستناقش إنشاء عملة موحدة لدول المجموعة، طبقاً لتصريحات سابقة لوزير خارجية روسيا سيرغي لافروف.
نظام اقتصادي عالمي جديد
من جانبه، يشير الخبير والمحلل الاقتصادي، الدكتور كمال أمين الوصال، إلى أن “ثمة نظاماً اقتصادياً عالمياً بدأ في التشكل منذ أن بزغت الصين كقوة اقتصادية عظمى، واحتلت مركز ثاني أكبر اقتصاد”، مشدداً على أن “ما تكوين بريكس في أواخر العقد الأول من القرن الحالي إلا تجسيداً لواقع اقتصادي عالمي جديد تلعب فيه اقتصادات مثل الصين والهند وروسيا والبرازيل وجنوب أفريقيا دوراً مؤثراً على الساحة الدولية”.ويقول الوصال: “لا شك أن توسيع عضوية بريكس يساعد على تأسيس نظام اقتصادي عالمي جديد لن تكون قيادته حكراً على الغرب، ولن يكون فيه الدولار هو سيد عملات العالم، وربما عجل بهذا الحرب الروسية الأوكرانية، وما تبعها من عقوبات غربية على روسيا دفعتها إلى البحث عن آليات جديدة للتخلص من هيمنة الغرب، ساعدها في ذلك الصين، وهي التنين الاقتصادي المترقب والذي عمل لعقدين ماضيين بتدرج حكيم على إرساء مكانته كقوة اقتصادية عظمى”.وفي ما يخص رغبة عدد من الدول العربية للانضمام، يقول الخبير الاقتصادي: “هناك عديد من البواعث التي تدفع الدول العربية إلى الانضمام لهذه المجموعة؛ بعضها سياسي وبعضها اقتصادي وبعضها يجمع بين السياسي والاقتصادي، على اعتبار أن مكانة الولايات المتحدة الأميركية السياسية تراجعت في المنطقة العربية نتيجة لسياساتها المتراخية في مصالح كثير من الدول العربية والمتشددة أو المتجاهلة عند تقاطع مصالح هذه الدول مع مصالح الولايات المتحدة”.كما أن وجود كيان اقتصادي قادر على زعزعة الهيمنة الاقتصادية بثقل دول مثل الصين والهند وروسيا واثنان منهما يتمتعان بمقعدين دائمين في مجلس الأمن يتيح للدول العربية مساحة أكبر للمناورة الاقتصادية والسياسية، وفق الوصال.الوجود الصيني في المنطقةويقول: يضاف إلى ذلك أن الوقوع في أسر الاستثمارات الأميركية سواء مالية أو اقتصادية وأسر التعامل بالدولار الأميركي يحمل في طياته مخاطر كبيرة في حالة تقاطعت السياسات والمصالح واستخدام سلاح العقوبات الدولية الأميركية، علاوة على ذلك فإن الوجود الاقتصادي الصيني فرض نفسه بالفعل في المنطقة العربية وهو ما توضحه أرقام الصادرات والواردات والاستثمارات. ومن ثم فالخطوة المنطقية أن يتم وضع هذا الترابط الاقتصادي مع الصين في إطار منظم يحقق مزايا أفضل للجميع من خلال بريكس.”سرب بديل” يهدد مجموعة السبعويشدد الوصال على أن مجموعة بريكس تمثل تهديداً مباشراً لمجموعة السبع الكبار؛ فهي مجموعة لا تغرد فقط خارج سرب السبعة الكبار ولكنها تمثل سرباً بديلاً أو موازياً، إلا أن الأمر سوف يستغرق بعض الوقت لترسيخ مكانة المجموعة على الساحة الاقتصادية، فدول مجموعة السبع لا تعتمد في هيمنتها على الاقتصاد العالمي على القوة الاقتصادية فقط ولكن أيضاً على علاقات سياسية واستراتيجية وعسكرية وترابطات قوية بمراكز صنع القرار في كثير من دول العالم. فالتجاذبات والصراع بين القوى الاقتصادية “العظمى” البازغة والقوى الاقتصادية العظمى التاريخية ستستغرق وقتاً حتى يتم تأسيس نظام اقتصادي عالمي جديد.هذا الاتجاه في تصور الوصال يمثل أحد المحاور الرئيسية في الصراع الصيني الأميركي، ذلك أن القوة الاقتصادية الأساسية المهددة للعرش الاقتصادي الأميركي هي الصين، وهي العمود الفقري لمجموعة البريكس، ومن ثم فإن هذا الاتجاه يمثل لب الصراع الاقتصادي السياسي بين الصين والولايات المتحدة الأميركية. (سكاي نيوز)