الفيدرالي الأميركي يرفع سعر الفائدة.. ما تأثير القرار على الدول العربية؟

4 مايو 2023
الفيدرالي الأميركي يرفع سعر الفائدة.. ما تأثير القرار على الدول العربية؟


ذكر موقع “الحرة”، أنّ قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، برفع سعر الفائدة للمرة العاشرة خلال قرابة عام، أثار التساؤلات حول تأثير ذلك على اقتصادات الدول العربية.والأربعاء، أعلن “مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي”، رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.25 في المئة، وألمح إلى أنه قد يتوقف عن رفعها مع تباطؤ الاقتصاد، وتنامي المخاوف من حدوث ركود.

وساهم انخفاض أسعار الطاقة إلى حد كبير في الحد من التضخم في مارس في الولايات المتحدة، لكن ذلك لم يكن كافيا لمنع الاحتياطي الفيدرالي من رفع معدلات الفائدة من جديد، وفق توقعات سابقة.دول الخليج على درب المركزي الأميركي
الأربعاء، رفعت البنوك المركزية في السعودية والإمارات والبحرين وقطر أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس.وقال البنك المركزي السعودي في بيان، إنه قرر رفع معدل اتفاقية إعادة الشراء “الريبو” بمقدار 25 نقطة أساس إلى 5.75 بالمئة ومعدل اتفاقية إعادة الشراء المعاكس “الريبو العكسي” 25 نقطة أساس إلى 5.25 بالمئة.وأعلن مصرف الإمارات المركزي أنه قرر رفع سعر الأساس على تسهيلات الإيداع لليلة واحدة 25 نقطة أساس إلى 5.15 بالمئة من 4.90 بالمئة.ورفعت البحرين سعر الفائدة الأساسي ليرتفع سعر الفائدة على ودائع الأسبوع الواحد إلى ستة بالمئة من 5.75.ورفعت قطر أسعار فائدة الإيداع والإقراض وإعادة الشراء 25 نقطة أساس، ليرتفع سعر الإيداع إلى 5.5 بالمئة والإقراض إلى ستة بالمئة وإعادة الشراء إلى 5.75 بالمئة.والخميس، أعلن البنك المركزي العماني، رفع سعر الفائدة على عمليات إعادة الشراء للمصارف المحلية بمقدار 25 نقطة أساس، ليصبح 5.75 بالمئة.ما التداعيات على دول الخليج؟
تميل الدول المصدرة للنفط والغاز في الخليج إلى السير على درب الاحتياطي الفيدرالي في تحركات أسعار الفائدة، إذ ترتبط معظم عملات المنطقة بالدولار الأميركي، وفق “رويترز”.ويرجع الخبير الاقتصادي الإماراتي، محمد المهري، رفع دول الخليج أسعار الفائدة إلى “مجاراة الفيدرالي الأميركي ومنع خروج رؤوس أموال المودعين من البنوك الخليجية والاتجاه للأميركية”.وسيترتب على ذلك القرار رفع سعر الفائدة على الاقتراض ما يعني ركود الأنشطة غير النفطية وهي “الصناعية والاقتصادية والتجارية”، وفقا للمهري.ويشير إلى أن رفع سعر الفائدة يتسبب في “قلة السيولة المالية بالأسواق”، ما يؤثر سلبا على الحركة التجارية والصناعية والاقتصادية.ويقول إن “الاعتمادات البنكية ستكون مرتفعة الفائدة مما سيؤثر على الصادرات والواردات للقطاعات غير النفطية”.وسيترتب على رفع سعر الفائدة “نقص عمليات الإقراض”، ما يعني خسارة البنوك التي تعيش على العوائد المالية للقروض، حسب حديثه.ماذا عن مصر؟
لم يعلن البنك المركزي المصري عن تحريك سعر الفائدة، ولا يستطيع أحد أن يتنبأ بما سيقدم عليه في ذلك الشأن خلال اجتماع لجنة السياسية النقدية في 18 أيار المقبل، وفقا للخبير الاقتصادي، عبدالنبي عبدالمطلب.وفي آخر اجتماعات اللجنة في 30 آذار 2023، قررت رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 200 نقطة أساس. كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 18.75 بالمئة، وفقا لبيان لـ”البنك المركزي المصري”.ويقول عبدالمطلب “من المفترض أن تكون قرارات المركزي المصري متماشية مع القرارات العالمية، برفع سعر الفائدة”.لكنه يتوقع تثبيت البنك المركزي المصري لـ”سعر الفائدة” خلال اجتماع لجنة السياسات النقدية المقبل.تداعيات متوقعة على مصر؟
تشهد مصر إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها، وفقد الجنيه المصري خلال عام، أكثر من نصف قيمته في مقابل الدولار، بينما تقلّصت احتياطات البلاد بالعملة الأجنبية، وفقا لـ”فرانس برس”.وسمح البنك المركزي بانخفاض السعر الرسمي للجنيه مقابل الدولار 0.87 بالمئة في النصف الأول من مارس، إلى نحو 30.90 جنيه للدولار، واستقر عند هذا المستوى بعد ذلك على الرغم من الضغوط المتزايدة للسماح بالمزيد من الانخفاض لقيمة العملة. ويعرض التجار في السوق الموازية “السوداء”، شراء الدولار بسعر 37 جنيها، وفق “رويترز”.ويعيش ثلث سكان مصر البالغ عددهم 104 ملايين تحت خط الفقر، البنك الدولي، بينما ثلث آخر “معرضون لأن يصبحوا فقراء”، وفق البنك الدولي.ويتحدث الخبير الاقتصادي عن تداعيات وآثار سلبية غير مباشرة لرفع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سعر الفائدة.ويتوقع عبدالمطلب “خروج بعض الأموال من مصر، وتصفية بعض الشركات استثماراتها المباشرة في البلاد من أجل الحصول على فرص استثمار مريح في الأسواق المالية العالمية”.بينما يشير الخبير الاقتصادي، وأستاذ التمويل، مدحت نافع، إلى تداعيات أخرى على الاقتصاد المصري، بعد تراجع سعر الفائدة الحقيقة في مصر لقرابة 17 بالمئة بالسالب، ما يجعلها من أقل الدول “جذابا للاستثمار”.ماذا عن الجزائر؟
يرجح الخبير الاقتصادي الجزائري، عبدالقادر سليماني، توجه البنك المركزي في الجزائر لـ”رفع سعر الفائدة”، بعد تغيرات مالية واقتصادية وجيوسياسية على مستوى العالم.وتستورد الجزائر بما يعادل 30 مليار دولار سنويا “مواد أولية واستهلاكية وكهربائية ونصف مصنعة وأدوية”، وبالتالي أي تضخم في الولايات المتحدة وأوروبا يرتد بشكل مباشر على الاقتصاد الجزائري، وفقا لسليماني.ويوضح سليماني أن 90 بالمئة من مداخيل العملة الصعبة بالجزائر يأتي من “بيع الغاز والبترول”، ما يجعل الاقتصاد الجزائري “هش وحساس لأي ضربات أو ارتدادات عالمية”.وكانت البنوك الجزائرية تطبق أكبر نسب من الفوائد في المنطقة وتزيد عن 20 بالمئة، لكن في تعميم من البنك المركزي الجزائري مؤخرا، صدرت تعليمات بتخفيض كافة أسعار الفائدة التي تتجاوز 10 بالمئة، حسب سليماني.ويشير إلى مشكلة اقتصادية بالجزائر بوجود “سوق سوداء” بحوزتها 90 مليار دولار، وتسعى البنوك لجذب تلك الأموال عن طريق إبقاء نسب الفائدة مرتفعة وإعطاء مزايا وتحفيزات مالية لإدخال تلك الأموال السوق الرسمية.الاستثمار يتراجع والذهب يلمع
يتحدث نافع عن تأثير سلبي لرفع سعر الفائدة بارتفاع تكلفة الأموال والتمويل ما يعني خفض الجاذبية نحو الاستثمار وارتفاع مخاطرة.ويشير إلى تأثير سلبي على “نمو نشاط الائتمان لارتفاع تكلفة التمويل”، خاصة على النشاط غير النفطي، وفي ظل “الركود المتوقع”.وسيزيد ذلك من الجاذبية نحو الأوعية الادخارية الأخرى مثل “الذهب” وغيره من الملاذات الآمنة، وفق نافع.ويتفق معه عبدالمطلب الذي يشير لارتفاع أسعار الذهب عالميا باعتباره “الملاذ الآمن” في الوقت الحالي.والخميس، صعدت أسعار الذهب لتقترب من مستويات مرتفعة على نحو قياسي، بعدما قرار البنك المركزي الأميركي، وتلميحه إلى أنه قد يحجم عن المزيد من الرفع للفائدة، وفقا لـ”رويترز”.وبحلول الساعة 0035 بتوقيت جرينتش صعد الذهب في المعاملات الفورية 0.8 بالمئة إلى 2055.54 دولار للأونصة، وارتفعت العقود الأميركية الآجلة للذهب 1.3 بالمئة إلى 2063.20 دولار للأوقية.وفي وقت سابق من الجلسة ارتفعت أسعار الذهب إلى 2072.19 دولار للأوقية مقتربة من أعلى مستوياته على الإطلاق عند 2072.49 دولار للأوقية بلغها في 2020.ركود عالمي؟
يرى المهري أن “العالم يعيش بالفعل أجواء ركود اقتصادي عالمي متزايد”، ويقول إنه “قوي الحدة في كافة الدول العربية، وأقل حدة في دول الخليج”.ومن جانبه، يتحدث نافع عن “مخاوف من ركود عالمي خلال العام الجاري”.لكنه يقول إن “الركود لن يكون كبيرا أو يصل لدرجة الكساد العنيف، ما لم تحدث تطورات سلبية عالمية خاصة فيما يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية”.لكن على جانب آخر، يستعبد عبدالمطلب سيناريو “الركود” في ظل انخفاض أسعار النفط، ما قد يمثل دافعا لزيارة الإنتاج وتحفيز الاستثمارات على المستوى العالمي.ولن يحدث الركود خلال عام 2023، لكن شبحه مازال يخيم على الاقتصاد العالمي، حسب عبدالمطلب. (الحرة)