منذ أيام تشهد تونس نقصا في الخبز، إذ يعاني التونسيون ويصطفون أحيانا في طوابير للحصول عليه، فيما اتهم الرئيس، قيس سعيد، لوبيات بالمسؤولية عن الأزمة، مطالبا الحكومة باتخاذ “إجراءات عاجلة” للعثور على حل لما يعتبره البعض “أزمة”.
وأثار اتهام سعيد للوبيات بالوقوف وراء نقص الخبز تساؤلات عن طبيعة الأزمة، وفيما لو كانت مفتعلة بالفعل، وفق تعبيره، أم أنها فقط نتيجة سوء تدبير للقطاع.وقال سعيد خلال زيارته إلى مقر وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري إن “الخبز والمواد الأساسية بالنسبة للمواطن خط أحمر”.وأضاف أن “هناك حملة من الدوائر واللوبيات تسعى لتأجيج الوضع وأسماؤهم معروفة”، وفق ما نقلت إذاعة “شمس” التونسية.وتشكو المخابز نقصا في المواد الأولية، خاصة الدقيق، في ظل تراجع في المحاصيل والأزمة التي تسببت فيها الحرب الروسية في أوكرانيا.وفي تبريره للنقص، قال رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك، لطفي الرياحي، الخميس، في تصريح لموزاييك اف ام بأن “أزمة الخبز سببها الرئيسي المخابز غير المصنفة التي تحصل على الفرينة (الدقيق) المدعمة لبيع الخبز بأسعار حرة”.ودعا الرياحي إلى إيقاف تمكين المخابز غير المصنفة من الفرينة المدعمة.من جانبه، قال عادل الزرقاني، نائب رئيس غرفة المخابز وعضو مكتب تنفيذي بالاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بصفاقس، لصحيفة “تونس الرقمية” إن “المخابز غير المصنفة دخيلة على قطاع صنع الخبز”.وأضاف المسؤول التونسي أنه “من غير المقبول أن يستعملوا (المخابز غير المصنفة) الفرينة المدعمة التي توفرها الدولة للتونسية لصنع الخبز وبيعه بغير السعر المحدد”.نقص أم أزمةيرجع الخبير الاقتصادي، صالح الذهيبي، النقص إلى الأزمة العالمية على خلفية الحرب الروسية في أوكرانيا، مشيرا إلى أن “تونس تستعمل حبوبا محلية لا تنتج الكثير” من الدقيق.أما استغلال البعض للنقص، فيقول الخبير في حديث لموقع “الحرة” إن ذلك يبقى أمرا عاديا، لأن الكل يبحث عن فرص للربح.ويرفض الذهيبي وصف ما يحدث بـ “الأزمة”، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بنقص للخبز، إذ أن “الخبز متوفر، لكن ليس بنفس الكمية كما كان الحال في السابق”.ويتابع الخبير أن النقص يكمن في الدقيق المدعوم من الدولة والذي يذهب لغير مستحقيه، على حد تعبيره.وتستورد تونس 60 في المئة من القمح من أوكرانيا وروسيا، كما أكد عبد الحليم قاسمي من وزارة الزراعة، لوكالة فرانس برس.وفي ديسمبر من العام المضي، رفضت البواخر تفريغ حمولتها من القمح لعدم دفع ثمنها، وفق ما ذكر الإعلام في تونس حيث يتزايد الدين مع ذوبان احتياطات العملات الأجنبية.يرى المحلل بسام حمدي، أن الأزمة ليست وليدة اليوم، بل هي نتيجة لتراكمات، مضيفا أن “الدولة أهملت إحدى ركائز الاقتصاد التونسي وهو الإنتاج الفلاحي، وهو ما تسبب في نقص عدد من المواد”.ويشير حمدي في حديث لموقع “الحرة” أن “تونس التي كانت تسمى مطمورة روما أصبحت اليوم تستورد الحبوب”.ويرى حمدي أن “الأزمة تفاقمت بسبب سوء التدبير” والرئيس التونسي تمادى في تحميل المسؤولية لمن كانوا يحكمون بعد الثورة ولم يدرك حتى الآن الحلول التي من شأنها أن تخلق إنتاجا كافيا في تونس.ويرى حمدي أن ضعف أداء الحكومة التونسية فاقم أزمة الخبز في البلاد وبات سعيد هو المتحمل للمسؤولية، بحسب تعبيره، متوقعا أن يجري الرئيس تعديلا في الحكومة التونسية.وتعتمد تونس، على غرار دول عربية أخرى، بشدة على الواردات لتوفير الغذاء وهو ما بات صعبا بسبب الأزمة العالمية.وتعد أوكرانيا أحد أكبر منتجي الحبوب ومصدريها في العالم، لكن ومنذ بدأت القوات الروسية باجتياح أراضيها أبطأت أوكرانيا وتيرة تصدير الحبوب قبل أن توقفها تماما، ما زاد الحرب من المخاوف من حدوث أزمة غذاء عالمية.(الحرة)