ربما كان التضخم العامل الأهم والأوحد الذي عكّر الأسواق المالية على مدار العامين الماضيين.قليلة هي الدول التي لم تتضرر اقتصاداتها جرّاء الارتفاع الجنوني لمعدلات التضخم، التي تفاقمت في عام 2022 بفعل ارتفاع أسعار النفط والاضطرابات في سلاسل الإمداد بعد بدء عملية التعافي الاقتصادي عقب تفشي جائحة «كورونا»؛ لتأتي الحرب الروسية – الأوكرانية فتطيح بكل أمل في بلوغ معدلات نمو اقتصادي كانت متوقعة بشدة العام الماضي.
وكان لابد للمصارف المركزية أن تسارع إلى استخدام سلاح الفائدة لمحاربة التضخم والعمل على السيطرة عليه. فكان أن سجلت أسعار الفائدة ارتفاعات كبيرة حيث قام الاحتياطي الفدرالي مثلاً برفع الفائدة 11 مرة منذ أن بدأ هذا الإجراء التشددي في آذار 2022 من 0.5 في المائة إلى 5.5 في المائة. فيما المصرف المركزي الأوروبي أقدم على تسع زيادات منذ بدء مساره التشددي في يوليو (تموز) 2022 لتصل أسعار الفائدة إلى 4.25 في المائة.مصرف إنكلترا من جهته بدأ باكراً في رفع معدلات الفائدة منذ كانون الأول 2021 ليبلغ عدد زيادات معدلات الفائدة 14 مرة وتصل التكلفة الرئيسية للاقتراض للمصارف التجارية في المملكة المتحدة إلى 5.25 في المائة.في الأشهر الأخيرة، بدأت العديد من الدول تشهد تراجعات في معدلات التضخم، لاسيما في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، حيث انخفضت أسعار الطاقة والمواد الغذائية بشكل كبير. ففي الولايات المتحدة، وصل معدل التضخم العام على أساس سنوي إلى حوالي 3 في المائة (من 9.1 في المائة في حزيران من العام الماضي)، وأقل من 5.5 في المائة في منطقة اليورو (من 9.2 في المائة في ديسمبر 2022).أما في المملكة المتحدة، فتراجع التضخم إلى 7.9 في المائة على أساس سنوي في حزيران، أي أكثر من التوقعات التي كانت تشير إلى معدل تضخم بنسبة 8.2 في المائة. ويتوقع مصرف إنكلترا أن يستمر التضخم في التراجع ليصل إلى حوالي 5 في المائة في نهاية العام الحالي، وأن يستمر في الانخفاض ويصل إلى هدفه البالغ 2 في المائة بحلول أوائل عام 2025.كما أعلنت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (التي تضم 38 عضواً، 22 منهم من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي)، منذ أيام، أن التضخم الرئيسي لدولها سجل تراجعاً سريعاً وحاداً على أساس سنوي إلى 5.7 في المائة في تموز 2023، من 6.5 في المائة في أيار. وشهدت جميع البلدان، باستثناء ألمانيا واليابان، انخفاضاً في تموز.