اعتبارا من الجمعة الماضية، وسعت نقابة عمال السيارات في الولايات المتحدة إضرابها المنسق ضد شركات جنرال موتورز وستيلانتيس، لكنها قالت إنها أحرزت تقدما حقيقيا في المحادثات مع شركة فورد، وفقا لرويترز.
والثلاثاء، تلقت جهود النقابة دعما قويا بزيارة “تاريخية”، كما وصفها البيت الأبيض، للرئيس الأميركي جو بايدن لأحد مواقع اعتصام العمال في ديترويت بولاية ميشيغان، حيث أعرب عن دعمه القوي لجهود المعتصمين ودعاهم إلى الاستمرار.
وقال بايدن الذي كان يرتدي قبعة تحمل شعار “UAW”، (اختصار لـ United Auto Workers) أينقابة عمال صناعة السيارات: “حقيقة الأمر هي أنكم يا رفاق، أنقذتم صناعة السيارات، في عام 2008 وما قبله”.
وأضاف عبر مكبر صوت كان يحمله بيده “قدمتم الكثير من التضحيات، وكانت الشركات في ورطة، لكنها الآن في وضع جيد بشكل لا يصدق وخمنوا ماذا، يجب أن تكونوا أنتم أيضا في وضع مماثل”.
ماذا يحدث؟
الإضراب المستمر هو أول إجراء عمالي متزامن على الإطلاق ضد جنرال موتورز وفورد موتور وشركة ستيلانتس، وهي الشركة المالكة لعلامة كرايسلر.
وتسمى هذه الشركات بـ”الثلاثة الكبار” في الولايات المتحدة.
وركزت شركات صناعة السيارات الأميركية، مثل نظيراتها العالمية، على خفض التكاليف، وشمل هذا في بعض الحالات خفض الموظفين للمساعدة في تسريع التحول إلى السيارات الكهربائية من السيارات التي تعمل بالبنزين.
وتنقل شبكة NPR الأميركية عن آدم هيرش، كبير الاقتصاديين في معهد السياسة الاقتصادية قوله إنه “بحساب التضخم، شهد عمال السيارات انخفاض متوسط أجورهم بنسبة 19.3 في المئة، منذ عام 2008، مضيفا أن “التنازلات التي قدمت من العمال في أعقاب أزمة صناعة السيارات، عام 2008، لم تتم استعادتها أبدا”.
ما هي مطالب النقابة؟
وتضغط “UAW” على شركات صناعة السيارات من أجل القضاء على نظام الأجور القديم المكون من مستويين والذي بموجبه يكسب الموظفون الجدد أقل بكثير من القدامى.
وتقول شبكة NPR إنه بموجب هذا النظام، يكسب العمال من الدرجة الأولى، أي شخص انضم إلى الشركة في عام 2007 أو قبل ذلك، ما معدله حوالي 33 دولارا في الساعة.
لكن أولئك الذين تم توظيفهم، بعد عام 2007، يصنفون على أنهم من الطبقة الدنيا ويكسبون أقل بكثير، ما يصل إلى حوالي 17 دولارا في الساعة.
كما أن الموظفين من المستوى الأدنى غير مؤهلين للحصول على معاشات تقاعدية محددة، ومزاياهم الصحية أقل سخاء. وتقول UAW إن دفع نصف الراتب مقابل القيام بنفس العمل أمر غير عادل.
وقال رئيس UAW شون فين مرارا إن النقابة ستضغط من أجل استعادة التحسينات في الأجور المرتبطة بخفض تكاليف المعيشة ومزايا المتقاعدين خلال الأزمة الاقتصادية 2008-2009.
وتسعى UAW إلى زيادات قوية في الرواتب، نظرا للنجاح المالي لشركات صناعة السيارات، مستشهدة بدفعات تنفيذية سخية وإعانات فيدرالية أميركية كبيرة لمبيعات السيارات الكهربائية.
وتريد النقابة أيضا استعادة معاشات تقاعدية محددة لجميع العمال، وتقليص العمل إلى 32 ساعة في الأسبوع، وضمانات للأمن الوظيفي، ووضع حد لاستخدام العمال المؤقتين.
وكانت UAW حذرة من التحول إلى المركبات الكهربائية ودعت إدارة بايدن إلى تخفيف حدود مقترح تخفيضات انبعاثات المركبات المحدد بـ 67 في المئة، بحلول عام 2032.
ولم تؤيد النقابة بعد مرشحا في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة.
وتتطلب المركبات الكهربائية عددا أقل من الأجزاء لبنائها، وقال مسؤولو الصناعة إن ذلك سيؤدي إلى الحاجة إلى عدد أقل من العمال.
مع من تتفاوض النقابة؟
بدأت UAW، التي تمثل 46 ألف عامل في جنرال موتورز و57 ألفا في فورد و43 ألف عامل في ستيلانتيس، بمفاوضات مع الشركات، في تموز.
وتاريخيا، كانت النقابة تختار واحدة من هذه الشركات للتفاوض معها وتحديد النمط الذي تستند إليه الصفقات مع الشركات الأخرى، لكن هذه المرة، استهدف فين الشركات الثلاث في وقت واحد.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز/إبسوس دعما كبيرا من الأميركيين لعمال السيارات المضربين.
ما مدى انتشار الإضراب؟
كان الإضراب الأولي لـ 12,700 عامل أقل مما توقعه بعض المحللين، مع استهداف ثلاثة مصانع تجميع فقط في ميشيغان وأوهايو وميسوري.
تقوم هذه المصانع ببناء فورد برونكو وجيب رانغلر وشيفروليه كولورادو، إلى جانب نماذج سيارات أخرى.
وتوسعت الجولة الثانية من الإضرابات إلى 38 موقعا في 20 ولاية في جميع المناطق التسع في اتحاد عمال الاتحاد، مع التركيز على مراكز توزيع قطع الغيار.
ونقلت رويترز عن رئيس النقابة، فين، قوله :”ستيلانتس وجنرال موتورز على وجه الخصوص سيحتاجان إلى بعض الضغط الجاد”، مستدركا “نريد أن نقول إن فورد تظهر أنها جادة في التوصل إلى اتفاق”.
ماذا يريد صانعو السيارات؟
يريد صانعو ديترويت الثلاثة سد فجوة التكلفة لديهم مع شركات صناعة السيارات الأجنبية والمصانع الأميركية غير النقابية.
وتقدّر مصادر فورد أن تكاليف العمالة في الولايات المتحدة تبلغ 64 دولارا في الساعة، مقارنة بما يقدر بنحو 55 دولارا لشركات صناعة السيارات الأجنبية وما بين 45 إلى 50 دولارا لشركة “تسلا” الرائدة في مجال السيارات الكهربائية.
تريد الشركات أيضا مرونة أكبر في كيفية استخدام القوى العاملة في الولايات المتحدة لزيادة الكفاءة وخفض التكاليف مع تحول الصناعة إلى المركبات الكهربائية.
ما هي العروض الحالية؟
اقترحت شركات صناعة السيارات الثلاث حاليا زيادات بنسبة 20 في المئة على مدى أربع سنوات ونصف.
وفي مقال رأي نشر في ديترويت فري برس، وصف رئيس جنرال موتورز مارك رويس مطالب UAW بزيادة الأجور بنسبة 40 في المئة بأنها “لا يمكن الدفاع عنها”، مما يشير إلى أن الجانبين لا يزالان متباعدين حول القضية الرئيسية.
والجمعة، قال فين إن فورد حسنت عرضها، والذي يتضمن الحق في الإضراب والأمن الوظيفي الإضافي في حالة تسريح العمال وتعزيز صيغة تقاسم الأرباح.
ما تأثير الإضراب
ضرب الاعتصام شركات صناعة السيارات الثلاث في ديترويت التي كثفت جهودها لزيادة إنتاج السيارات إلى أقصى حد للاستفادة من الطلب المتصاعد.
ومن شأن الإضراب الكامل أن يؤثر على أرباح كل شركة صناعة سيارات بنحو 400 مليون دولار إلى 500 مليون دولار في الأسبوع على افتراض فقدان كل الإنتاج، وفقا لتقديرات “دويتشه بنك” السابقة.
ويمكن تعويض بعض الخسائر عن طريق زيادة جداول الإنتاج في وقت لاحق، لكن هذا الاحتمال يتلاشى إذا امتد الإضراب إلى أسابيع أو أشهر.
وفي السنة المالية 2019، تلقت أرباح جنرال موتورز في الربع الرابع ضربة بقيمة 3.6 مليار دولار جراء إضراب UAW لمدة 40 يوما.
وقدر آدم جوناس، المحلل في مورغان ستانلي، في مذكرة بحثية نشرها مؤخرا أن شهرا كاملا من الإنتاج المفقود سيكلف شركات صناعة السيارات الثلاث 7 مليارات دولار إلى 8 مليارات دولار من الأرباح، بحسب ما نقلته رويترز. (الحرة)