تُسارع عديد من شركات الأمن والحراسة حول العالم إلى تبني تقنيات حديثة بالاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي (AI)، في وقت تعاني فيه من نقص العمالة.ويُمكن لهذا الاتجاه أن يشكل ثورة في القطاع بشكل واسع، لا سيما في ظل ما تتمتع به تلك التقنيات المتطورة من إمكانات واسعة، من بينها التعرف إلى الوجوه وإصدار وتحليل البيانات لتنبيه الجهات القائمة على تأمين المنشآت المختلفة.
لكنّ الأمر لا يخلو من تحديات واسعة أيضاً، ترتبط بشكل وثيق بمدى إمكانية الوثوق بتلك التطبيقات بشكل كامل، بعيداً عن الثغرات، وما إذا كانت بديلاً للعنصر البشري أم مكملاً رئيسياً له.تحت عنوان “شركات الأمن تتجه إلى الروبوتات مع تفاقم نقص العمالة”، نقل تقرير لصحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية عن مسؤولين تنفيذيين، قولهم إنه “في عالم الخدمات الأمنية، حيث تعاني الشركات من نقص العمالة، يلجأ البعض إلى الروبوتات”.استعرض التقرير في البداية الصعوبات التي تواجهها تلك الصناعة، عندما نقل عن رابطة صانعة الأمن (مقرها سيلفر سبرينغ بولاية ماريلاند بالولايات المتحدة، وهي رابطة تجارية أميركية، تأسست في العام 1969، وتمثل مقدمي الحلول الأمنية العالمية)، قولها: “إن نقص العمال هو عامل راسخ يحد من النمو داخل هذا القطاع”.وفي المملكة المتحدة على سبيل المثال، سيكون هناك عجز بأكثر من 60 ألف ضابط أمن هذا العام، حسبما ذكر اتحاد التجارة في البلاد.وأمام هذه المشكلات الأساسية المرتبطة بنقص العمالة، تتحرك شركات الأمن نحو الاعتماد على “الروبوتات”.▪ استثمرت شركة ADT Commercial (المتخصصة في تقديم الحلول الأمنية والحراسة) في شركة 1X، وهي شركة للروبوتات، وتقوم بتجربة 10 من الروبوتات البشرية في مركز المراقبة الخاص بها وفي بعض مواقع العملاء.يتمركز أحد الأجهزة في مركز المراقبة التابع لـ ADT في دالاس، حيث يقوم بفحص المبنى بحثاً عن علامات الإزعاج أو الاقتحام. وبمجرد اكتشاف أيةمخالفة، سيتم تنبيه حارس بشري مزود بسماعة رأس VR للواقع الافتراضي.نقل التقرير عن المدير التنفيذي للتكنولوجيا الذي انضم إلى الذراع التجاري لشركة ADT منذ ما يزيد قليلاً عن أربع سنوات، إد باكو، قوله إن إحدى نقاط القوة الرئيسية التي توفرها 1X هي القدرة على العمل في وضع الصورة الرمزية “يمكن أن يكونوا في لندن، وتتم السيطرة على الروبوت من كاليفورنيا”.وفي أحدث جولة تمويل لها في وقت سابق من هذا العام، جمعت شركة (1X ) 23.5 مليون دولار، بدعم من المستثمرين بما في ذلك صندوق رأس المال الاستثماري في نيويورك Tiger Global وصندوق الشركات الناشئة التابع لشركة OpenAI، ما قيم الشركة بما يزيد قليلاً عن 200 مليون دولار، وفقاًلمجموعة البيانات PitchBook.خطوات عمليةومن التطورات الدالة على التوسع في استخدام “الروبوتات” في هذه الصناعة:▪ تتجه جامعة نيفادا في رينو، قريبا لاستخدام الروبوت للقيام بدوريات في مرآب للسيارات يقع بالقرب من مركز الطلاب بالجامعة.وقعت الجامعة عقداً مع شركة Knightscope المدرجة في ناسداك في مايو. وتعمل شركة الروبوتات الناشئة مع مجموعة من المنظمات بما في ذلك مركز سانتا روزا التجاري في بايامون، بورتوريكو، وقرية كوبرتري، وهو مجتمع سكني في هيوستن، بالإضافة إلى عديد من المواقع الأميركية.▪ كما أعلنت شركة Knightscope (شركة كاميرات أمن أميركية وشركة روبوت مقرها في ماونتن فيو، كاليفورنيا، تعمل على تصميم وبناء ونشر روبوتات “تسمى روبوتات البيانات المستقلة” لاستخدامها في مراقبة الأفراد في مراكز التسوق ومواقف السيارات والأحياء وغيرها من المناطق العامة)، عن أن بعض الروبوتات الخاصة بها تم تدريبها على اكتشاف الأسلحة والطلقات النارية تلقائياً، وبعضها يسجل على مستوى العين ويستخدم التعرف على الوجه، بينما يظل البعض الآخر ثابتاً ويؤدي دوراً في الردع الجسدي.▪ دخلت شركة Ava Robotics (التي تعمل على تحديد وتمكين فرص جديدة للروبوتات الذكية في مكان العمل، لتحسين الإنتاجية البشرية والسلامة ونوعية الحياة للعاملين وعملاء الشركات عبر الصناعات) والتي انفصلت عن شركة iRobot، في شراكة مع شركة جونسون كونترولز لتكنولوجيا البناء، وذلك لجلب الروبوت الأمني الخاص بها إلى السوق.ونقل تقرير الصحيفة البريطانية عن المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي للشركة، يوسف صالح، قوله: “تم تصميم الروبوتات لدينا لتعزيز وأتمتة المهام المتكررة، لمعالجة نقص العمالة.. الروبوتات ستساعد الخبراء أيضاً في الوصول إلى المساحات عن بعد”.ويُشار إلى أن إجمالي استثمار رأس المال الاستثماري العالمي في شركات الروبوتات والطائرات بدون طيار التي تركز على الأمن بلغ 814 مليون دولار، ارتفاعاً من 434 مليون دولار في عام 2018، وفقًا لشركة PitchBook.وقال الرئيس التنفيذي لشركة Ascento الناشئة، أليساندرو مورا، إنه يمكن برمجة الروبوتات الأمنية للقيام ببعض أعمال مرافقي مواقف السيارات، ومراقبة استخدام وأمن موقف السيارات، مع إصدار تقرير تلقائياً.. تتعلم الروبوتات مجموعة من المهام خلال “فترة التدريس”، مثل التحقق بشكل روتيني من إغلاق الباب، ويمكنها التحرك بشكل مستقل إلى الموقع المطلوب وإبلاغ حارس بشري بالنتائج، وفق “فاينانشال تايمز”.وأضاف أنه في عصر نقص العمالة، فإن توظيف الموظفين “للسير على طول السياج طوال اليوم” ليس له معنى. لكن مورا قال إن التكنولوجيا ستعزز العمل البشري ولن تحل محله ببساطة. ووصف الروبوتات التي تعمل جنباً إلى جنب مع البشر بأنها مزيج “يمكن أن يحدث تحولا هائلا في الصناعة”.