في بداية عام 2023، كان معظمُ الاقتصاديين وقادة وول ستريت، مقتنعين بأن الركود الوشيك الناجم عن أسعار الفائدة المرتفعة، من شأنه أن ينسف الأسواق المالية، فمع قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، برفع أسعار الفائدة بسرعة لمحاربة التضخم، وارتفاع تكاليف الاقتراض للشركات والمستهلكين، كانت التوقعات الاقتصادية والسوقية تشتد قاتمة.
ورغم الصورة السوداوية التي رسمها معظم المحللين في بداية العام، فإن ما حصل في وول ستريت خلال 2023 نسف تنبؤات هؤلاء، وبدلاً من حدوث تراجع، ارتفعت الأسهم، وظل الاقتصاد صامداً، ونجح ارتفاع أسعار الفائدة في إبطاء التضخم، دون إحداث شرخ في سوق العمل الأميركي، مما أدى إلى ثبات الإنفاق الاستهلاكي، ونمو الناتج المحلي الإجمالي.وول ستريت تخطت المصاعبولم تتمكن المخاوف بشأن التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، وأزمة الإفلاس التي ضربت عدداً قليلاً من المصارف الأميركية، والتوترات الجيوسياسية في جميع أنحاء العالم، من التأثير سلباً على سوق الأسهم الأميركية، حيث تتجه جميع المؤشرات الرئيسية الثلاثة في بورصة وول ستريت، لتحقيق مكاسب للعام 2023 بأكمله، وذلك بدعم من تدفق المستثمرين على أسهم التكنولوجيا، مع بروز دور الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي بات من المحتم أنه سيلعب دوراً متزايد الأهمية في الاقتصاد المستقبلي.
كما واصلت المؤشرات الأميركية صعودها خلال الشهر الأخير من 2023، مع تحول تركيز المستثمرين من رفع أسعار الفائدة، إلى إمكانية تخفيضها في أقرب وقت في أوائل عام 2024، وهو ما ألمح إليه الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في اجتماعه الأخير، الذي أبقى خلاله على أسعار الفائدة دون تغيير.
ومنذ بداية 2023 وحتى الآن، ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 24.4 بالمئة، كما ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 13.3 بالمئة، في حين ارتفع مؤشر ناسداك المجمع الذي تغلب عليه التكنولوجيا بنسبة 44 بالمئة، مما يضعه على المسار الصحيح لأفضل أداء سنوي له منذ عام 2020، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه النسب قابلة للتغير مع انتهاء آخر يوم تداول في 2023.أسهم التكنولوجيا تستعيد جرأتهااستعادت أسهم التكنولوجيا تبجحها في عام 2023 بعد خسائر حادة في 2022، بدعم مما يسمى أسهم التكنولوجيا الضخمة، التي عززت قوة السوق، بقيادة كل من آبل وأمازون وألفابت وميتا ومايكروسوفت وتسلا، حيث عززت جميع الأسهم السبعة، مكاسب مؤشر ستاندرد آند بورز 500 حتى الآن هذا العام.ووفقاً لبيانات بلومبرغ، فقد توقع الخبراء في نهاية عام 2022، أن يُنهي مؤشر ستاندرد آند بورز 500 عام 2023 عند 4078 نقطة، في حين تجاوز المؤشر 4700 نقطة في الوقت الحالي، أي بمكاسب تزيد على 22 بالمئة، ما يعني أن التوقعات كانت بعيدة كل البعد عن الحقيقة وعن حال التشاؤم التي سادت عندما تم إطلاقها.
