ذكر موقع “سكاي نيوز”، أنّ زعماء العالم يجتمعون في دافوس، للتحدث عن المشاكل الأكثر إلحاحاً التي يواجهها كوكب الأرض.لكن التحدي الأكبر هو تحويل الأفكار المطروحة إلى أفعال ملموسة على الأرض، لا سيما وأن الحكومات مدينة بمبلغ غير مسبوق قدره 88.1 تريليون دولار، أي ما يعادل الناتج الاقتصادي السنوي العالمي تقريباً.
وبحسب العضو السابق في لجنة السياسة النقدية في بنك إنكلترا مايكل سوندرز، فإن الحكومة غير القادرة على تمويل ديونها “ستضطر إلى تنفيذ تخفيضات مفاجئة ومؤلمة” في الإنفاق أو زيادات ضريبية.وقال إن “مثل هذه الحكومة قد تفتقر إلى الحيز المالي للاستجابة للصدمات السلبية المستقبلية، مما يمنع الدعم المالي عندما تشتد الحاجة إليه”.ولا يعتقد سوندرز، الذي يعمل الآن مستشاراً اقتصادياً في شركة أكسفورد إيكونوميكس الاستشارية، بأن الاقتصادات الغنية تقترب مما يعادل تقريبًا حد الائتمان الشخصي. ويشير إلى شهية المستثمرين المستمرة للديون الحكومية. ولكن هذا لا يعني أنه لن يتم اختبار الحد الأقصى بعد 10 أو 20 أو 30 عامًا من الآن.ويمكن أخذ الأرجنتين كمثال، حيث قام البنك المركزي لسنوات عديدة بطباعة البيزو لمساعدة حكومة البلاد المسرفة على الاستمرار في دفع الفوائد على ديونها وتجنب التخلف عن السداد.وتسبب هذا التكتيك في انخفاض قيمة العملة وارتفاع الأسعار بشكل صاروخي. وتجاوز معدل التضخم السنوي 211 بالمئة الشهر الماضي، وهو أعلى مستوى له منذ ثلاثة عقود.وبالنسبة للأسواق الناشئة، يقول الباحث في الشؤون الاقتصادية مازن أرشيد إنّ “الاقتصادات الناشئة واجهت تحديات معقدة في تأثير رفع الفيدرالي الأميركي لأسعار الفائدة، وبما يتعين معه اتخاذ استراتيجيات متنوعة للتعامل مع التحديات المحتملة”.
ويضيف: “تؤثر زيادة أسعار الفائدة الأميركية على تكلفة الديون في الاقتصادات الناشئة، فعديد من هذه الدول لديها ديون مقومة بالدولار، وبالتالي، ستزداد تكلفة خدمة هذه الديون مع ارتفاع أسعار الفائدة”.
ويقول: “لمواجهة هذا التحدي، تحتاج الحكومات إلى تعزيز سياسات المالية العامة والسعي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي من خلال تقليص العجز وزيادة الاحتياطيات الأجنبية”.
ويضيف: “الاقتصادات الناشئة تبعاً لذلك تواجه تحديات في جذب الاستثمار الأجنبي. ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة يميل المستثمرون إلى تفضيل الاستثمار في أصول أميركية وأدوات دين أكثر أماناً، ولمواجهة هذا، قد تحتاج الدول الناشئة إلى تحسين بيئاتها الاستثمارية لجذب الاستثمارات الأجنبية، مثل تحسين البنية التحتية، تعزيز الشفافية، وضمان الاستقرار السياسي والقانوني”.كما يتحدث أرشيد في الوقت عينه عن تأثير التغيّرات في أسعار الصرف والذي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار مع ارتفاع أسعار الفائدة وبما يؤدي إلى تقوية الدولار مقابل عملات الاقتصادات الناشئة، وبما يزيد من تكلفة الواردات ويؤثر على التوازن التجاري لذلك، ومن ثم تحتاج هذه الدول إلى اتخاذ خطوات لدعم عملاتها وتنويع شركائها التجاريين.من بين أبرز الحلول العملية في المواجهة، هو ما يتعلق بتعزيز القطاعات الاقتصادية المحلية، وهو يمكن اعتباره مفتاح للتخفيف من تأثيرات الصدمات الخارجية تطوير الصناعات المحلية وتعزيز الابتكار يمكن أن يساعد في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام وتقليل الاعتماد على التمويل الخارجي.وبالعودة لحديث أرشيد، فإنه يشير إلى أن رفع معدلات الفائدة من قبل الاقتصادات الناشئة لجذب الاستثمارات الأجنبية يعتبر خيارًا معقدًا، حيث يحمل هذا الإجراء مجموعة من الفوائد والمخاطر.فمن جانب، رفع معدلات الفائدة يمكن أن يكون جذابًا للمستثمرين الأجانب، حيث يقدم عوائد أعلى على الاستثمارات، هذا يمكن أن يساعد في جذب رؤوس الأموال الأجنبية ويدعم استقرار العملة المحلية، وبالنسبة للاقتصادات الناشئة التي تحتاج إلى تمويل خارجي لتغطية عجز الميزانية أو الاستثمار في التنمية، يمكن أن يكون هذا خيارًا جذابًا.ومع ذلك، يجب التفكير بعناية في تأثيرات رفع الفائدة على الاقتصاد المحلي، فزيادة معدلات الفائدة تزيد من تكلفة الاقتراض للشركات والأفراد، مما يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وتقليل الاستثمار في القطاعات الإنتاجية، وهذا يصاحبه تأثير سلبي على الصناعات المحلية والتوظيف، ويزيد من الضغط على الأسر والشركات التي تعتمد على القروض، بالإضافة إلى ذلك، يجب على الاقتصادات الناشئة التفكير في تأثيرات رفع الفائدة على الدين العام، وزيادة تكلفة خدمة الديون يمكن أن تؤدي إلى تفاقم العجز المالي، وهو ما يتطلب توازنًا دقيقًا بين الحاجة لجذب الاستثمارات والحفاظ على استدامة المالية العامة. (سكاي نيوز)