وقال: “من بوادر الامل في هذا الزمن الصعب الذي يمر به وطننا، تحت وطأة العدوان الاسرائيلي المتواصل على لبنان، أن نلتقي مجددا اليوم هنا في حرم مرفأ بيروت لنطلع على مخطط إعمار وتطوير مرفأ بيروت بعد أربعة أعوام على انفجاره المزلزل. ولا بد بداية من توجيه الشكر الى الدولة الفرنسية التي اعدت هذا المخطط وانجزته، للنهوض مجددا بهذا المرفق الحيوي لدعم الاقتصاد اللبناني ومواكبة نهوضه”.
أضاف: “أن هذا الدعم المستمر للبنان في كل المجالات، ليس غريبا على فرنسا التي تربطها بوطننا علاقات تاريخية وطيدة نفتخر بها. ونحن نعتبر أن دعم فرنسا للبنان له أهمية خاصة لأنها تمثل قلب المجتمع الدولي المكون من أشقائنا العرب وأصدقائنا في العالم. ولن ننسى زيارة التضامن التي قام بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للبنان ومرفأ بيروت تحديدا بعد يومين من التفجير المدمّر في الرابع من آب 2020 والتي تلتها زيارة ثانية في بداية أيلول2021”.
وتابع: “إن الترجمة العملية لدعم فرنسا عملية النهوض بالمرفأ اطلعنا عليها اليوم، مؤكدين أن المشروع الذي نحن في صدده والذي اعدته فرنسا دعما للبنان، سيأخذ طريقه الى التنفيذ في اسرع وقت ، سواء من خلال مساهمات خارجية نتطلع الى توافرها، او من إيرادات المرفأ، كما تفضل وقال معالي وزير الاشغال. وفي الحالتين فان هذا المشروع باذن الله سيسلك طريقه الى التنفيذ.”
واعلن انه “في ما خص جريمة المرفأ، فاننا نتطلع الى استئناف التحقيق في الملف لاحقاق الحق والعدالة” .
وأكد ميقاتي “ان ورشة النهوض بمرفأ بيروت من جديد وإعادة إعماره ونفض غبار الحرب عنه، تبقى أولوية وطنية واقتصادية، لكون هذا المرفأ هو الشريان الحيوي الأبرز على البحر الأبيض المتوسط وإلى العمق العربي. وإننا عازمون أن يبقى مرفأ بيروت منارة لهذا البلد وبوابته الأولى بالتعاون والتكامل مع كل الموانئ اللبنانية الأخرى”.
وختم: “ولا بد من ان اتقدم بالشكر من ادارة المرفأ على مثابرتها وعملها لتطوير المرفأ وتحقيق الايرادات المطلوبة. والشكر لمعالي وزير الاشغال العامة على مثابرته واصراره على انجاح هذا المشروع، ونأمل ان نراه في وقت قريب منفذا . والشكر الاخير لفرنسا على اهتمامها بلبنان”.
أضاف: “في اليوم التالي بعد الانفجار بدأنا بتنفيذ خطة طوارئ للخروج من الأزمة، أما اليوم الثالث أصرت جميع القوى العاملة في المرفأ على البدء باستقبال البضائع حيث بلغت القدرة التشغيلية بحدود 30%”.
وقال: “كان لا بدَ من التخطيط في حينه لإعادة المرفأ الى سابق عهده، وبالإمكانات الموجودة والى أفضل مما كان عليه سابقا. ومن هنا بدأ التحدي حيث لا بدَ لنا أن نتوقف عند المساعدة القيمة التي قدمتها الدولة الفرنسية عبر تخصيص موازنة لمساعدة المرفأ ترجمت بتكليف شركة استشارية وخبراء دوليين كشركة Recygroup التي بدأت بدراسة خطة للتخلص من مخلفات الإنفجار وأيضاَ دراسة أعدتها EDF ساعدت بوضع مخطط لإنشاء الطاقة المستدامة عبر تخصيص 50 ألف متر مربع من مساحات المرفأ لألواح الطاقة الشمسية. وفي الإطار نفسه تم توقيع مذكرة تعاون مع مرفأ مرسيليا لتبادل الخبرات، حيث أن مجلس إدارة مرفأ بيروت بدأ بإعداد مخطط توجيهي جديد ليستكمل بالتعاون مع البنك الدولي وينتهي بالتعاون والتنسيق مع شركة الخبراء الفرنسيين Artelia و EGIS”.
وأعلن انه “بالعمل الجدي والحثيث مع كل من خبراء الشركتين ومرفأ مرسيليا وبمواكبة دائمة من EXPERTISE FRANCE – تم وضع المخطط التوجيهي الجديد للمرفأ، كما تم ايضا تحضير خطة لتوفير شروط أنظمة الأمن والسلامة العالمية وأهمها ال ISPS-CODE، وكل ذلك من أجل إعادة الحياة الطبيعية للمرفأ، طبعاَ ذلك كان بالدعم والمتابعة الحثيثة من دولة رئيس مجلس الوزراء ومعالي وزير الأشغال العامة والنقل وفرق العمل التابعة له . كما يجب أن نشير إلى أنه تم وضع دفاتر شروط لتنظيف مخلفات الإنفجار بدأ بدفتر شروط الخردة الذي سبق وأعلنا عنه وسيتم فتح العروض في الجزء الأول من شهر نيسان”.
وتابع: “أما في ما يخص موضوع الإهراء والعائد ملكيته لوزارة الاقتصاد، فان إدارة المرفأ ارتأت عدم الهدم بانتظار توجيهات الجهات المعنية”.
وأضاف: “أما بالنسبة للإيرادات فقد استطاع مرفأ بيروت في العام 2023 تحقيق ما يقارب 150 مليون دولار أميركي فريش كمجمل إيرادات بعد أن كانت قد وصلت إلى أدنى مستوياتها في العام 2020″ ، حيث بلغت ما يقارب 182 مليار ليرة اي ما يوازي 9 ملايين دولار اميركي في حينه لتعود وترتفع تدريجيا، حيث حقق المرفا في العام 2021 ما يقارب 140 مليار ليرة و 5 ملايين دولار ليستعيد مرفأ بيروت عافيته المالية مجددا. كما واصل المرفأ تحقيقه أرقاما” قياسية في ما يخص موضوع الحاويات حيث وصل عدد الحاويات النمطية التي تعامل معها المرفأ في شهر اب الى ما يقارب ٩٠ ألف حاوية مع العلم ان هذا الرقم لم يحققه المرفا منذ عام ٢٠١٩
ومع ارتفاع تدريجيي لمجموع الحاويات النمطية من 500 ألف حاوية سنة 2021 الى ما يقارب 800 الف حاوية سنة 2023. والتعامل ايضا مع ما يقارب 900 باخرة في العام ٢٠٢٣ مقابل 731 باخرة في العام 2021. “
وفي ما يخص البضائع العامة، قال: “تم وضع كل الخطط اللازمة لإعادة المرفأ أفضل مما كان عليه بالتعاون مع ARTELIAو EGIS عبر دراسة المشاريع التالية: تنظيم خطة سير جديدة داخل المرفأ وعلى مداخله، مدخل رقم 9 جديد وكبير، إعادة ترميم وصيانة الأرصفة، تعميق الحوض الثالث، تنظيف الحوض الرابع، توزيع جديد للباحات مع تخصيص منطقة ال RORO. ، تحديد منطقة إنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية، تنظيم مساحات الإهراءات ومحطة المسافرين
والتي سيتم شرحها من قبل ممثلين عن الشركات المذكورة.”
وختم: “لا بد لنا أن نذكر إننا نعمل ليبقى مرفأ بيروت المرفأ الأنسب للمنطقة نظرا” لموقعه الجغرافي على البحر الأبيض المتوسط كما أن مرفأ بيروت أصبح حاليا جاهزا لتقديم كافة الخدمات المرفئية في حال بدأت عملية إعادة إعمار سوريا.
أتقدم بالشكر مجدداً لدولة رئيس مجلس الوزراء ومعالي وزير الأشغال العامة والنقل على دعمهم الدائم لمرفأ بيروت والحضور الكرام وأترك الكلمة للفريق الفرنسي لعرض المخطط العام”.
و بدوره استذكر السفير الفرنسي ماغرو ضحايا الانفجار المأساوي الذي ضرب مرفأ بيروت منذ أكثر من ثلاث سنوات وعائلاتهم. وقال: “نحن لا ننساهم ولا ننسى تطلعاتهم المشروعة في تسليط الضوء على هذه المأساة الرهيبة. وفرنسا تقف إلى جانبهم. و نحن ندرك رمزية الاهراءات وبالتالي لم تشملها الدراسات، اذ لا يعود للخبراء الفرنسيين اتخاذ القرار بشأنها”.
اضاف: “يبقى مرفأ بيروت أداة أساسية للبنان ولاقتصاده، باعتباره نقطة الدخول والخروج الرئيسية للبضائع. يحتاج الاقتصاد اللبناني بالفعل إلى ميناء بيروت مُعاد بناؤه وحديث وآمن. كما يشكل المرفأ مصدر دخل للدولة اللبنانية، من خلال الرسوم الجمركية والأرباح التشغيلية. وبذلك يمكن أن يساهم في تمويل تنمية البلاد. ولهذا السبب أراد رئيس الجمهورية ايمانويل ماكرون أن تدعم فرنسا تعافيه. وهو اليوم إحدى أولوياتنا في دعمنا للبنان ومحور رئيسي لتعاوننا”
وتابع: “في الواقع، فرنسا هي الفاعل الوحيد الذي يتعامل باستمرار مع المرفأ، منذ انفجار 4 آب 2020 وحتى اليوم. ولمساعدة البلاد على التعامل مع هذه حالة الطارئة انتشر الجيش الفرنسي خلال شهر آب 2020 للمساعدة في تأمين منطقة الكارثة وفرز وجمع الأنقاض الرئيسية. وقامت فرنسا بتمويل إزالة وإعادة تدوير الحبوب من الصوامع المنتشرة حول الميناء. وقمنا أيضًا بتمويل دراسة لتقدير قيمة الحطام الذي يجب إزالته. وأخيراً، قدمنا جهاز مسح لمرفأ بيروت، الذي لا يزال هو الوحيد العامل حتى اليوم وقامت شركة Expertise France، التي كانت حاضرة منذ البداية، بحشد العديد من الخبراء الفنيين لمساعدة المرفأ على تحديث إدارته وسلامته وأمنه. كما ندعم الجمارك اللبنانية في إعادة تنظيمها وتحديثها، من خلال الخبرة الطويلة الأمد. ونحن نعمل بشكل خاص على استعادة قدرات تكنولوجيا المعلومات الجمركية ووضع استراتيجية لإدارة المخاطر. وان ميناء مرسيليا ملتزم بالكامل إلى جانب ميناء بيروت، على النحو الرسمي في اتفاقية التعاون الموقعة في حزيران “2022.
واشار الى انه “في الوقت نفسه، تلتزم شركة CMA-CGM الفرنسية بقوة تجاه مرفأ بيروت. وباعتبارها تعمل على إدارة محطة الحاويات منذ عام 2022، فقد قامت باستثمارات كبيرة حتى يتمتع المرفأ مرة أخرى بمحطة فعالة وديناميكية. تستحق جودة البنية التحتية والخدمات في المرفأ تسليط الضوء عليها، وأهنئ CMA-CGM ومرفأ بيروت على جهودهما المشتركة. لقد ظهرت النتائج حيث أن حركة الحاويات تنمو بقوة مرة أخرى”.
وتابع: “وأخيرا، قمنا بتعبئة شركتين هندسيتين فرنسيتين تتمتعان بخبرة في البنية التحتية للموانئ، وهما Artelia وEgis، للمساعدة في تحديد استراتيجية إعادة تأهيل الموانئ. لقد اخترنا مع السلطات اللبنانية، وأشكر الوزير على رؤيته حول الموضوع، تفضيل مقاربة عملية وواقعية. هذه ليست دراسة أخرى، بل هي بالأحرى مقترحات فنية تشغيلية من شأنها أن تمكن من تحقيق تقدم ملموس، في إعادة بناء الأرصفة المتضررة، تبسيط حركة المرور داخل الميناء بفضل نمط حركة المرور الجديد والتقسيم الأمثل للمناطق، امداد الطاقة الشمسية بناءً على توصيات مؤسسة كهرباء فرنسا”.
وقال:”يسعدنا اليوم بشكل خاص أن نقدم لكم إنجازين مهمين كدليل على هذا التعاون: من ناحية تقديم مقترحات لتنظيم الميناء بالإضافة إلى الوثائق الفنية التي ستمكن من إطلاق دعوات لتقديم العطاءات بشأن أعمال البنية التحتية ذات الأولوية.
من جهة أخرى، تقييم أمن المرفأ ويتضمن إجراءات عملية لتهيئة الظروف الأمنية في مرفأ بيروت بما يتوافق مع المعايير الدولية. وهذا أمر ضروري، ولكنه يمثل أيضًا ميزة اقتصادية وتجارية على المدى الطويل”.
من جانبه القى الوزير حمية كلمة أكّد فيها أنه “في الحادي عشر من تشرين الثاني من العام 2021 ، كنا هنا نعلن عن أولى الخطوات، والتي من خلالها كنا قد اعتقدنا بأنها ستكون فاتحة عهد خروج مرفأ بيروت من كبوته، وذلك عندما أطلقنا المناقصة العالمية العمومية لإدارة وتشغيل وصيانة محطة الحاويات في مرفأ بيروت. في ذلك اليوم كنا على دراية تامة بأن النهوض مجدداً بمرفأ بيروت، لا بد أن يمر بمحطات ثلاث، التفعيل، الإصلاح وإعادة الإعمار. وفي ذلك اليوم، ومع ذاك الإعلان أطلقنا الشارة بأن مرحلة تفعيل العمل في المرفأ قد بدأت مع العمل على إعادة النبض إلى قلب مرفأ بيروت، كون محطة الحاويات تشكل حوالي 85 % من حركته التشغيلية، ومعها يستعيد المرفأ نشاطه وحيويته “.
اضاف: “لقد أعلنا في حينه بأن “رؤيتنا لتفعيل العمل في مرفأ بيروت ، تنطلق من قناعة راسخة، بأننا لا يمكن تركه رهينة إنتظار الدراسات والاستراتيجيات ، متوسطة كانت أو طويلة الأجل، فالظروف التي يمر بها الوطن والمواطن لا تسمح لنا بذلك مطلقا ، والتي وعلى الرغم من أن أهميتها ، لا بد لها من أن تسير جنبا إلى جنب مع عملية تفعيل العمل به، لأن هذه العملية هي الضمانة “التي من خلالها ، تبقي المرفأ على قيد الحياة”، وها نحن اليوم وبحمد الله نلمس أثر هذا التفعيل من خلال إيرادات المرفأ التي قفزت من بضع مئات من آلاف الدولارات فقط ، إلى ما يزيد عن العشرة ملايين دولار شهرياً “.
وقال: “لم تكن محطة الإطار القانوني الجديد لقطاع المرافئ ، هي المحطة الإصلاحية الوحيدة التي أعلنا عنها في حينه، لا بل أننا أرفقناها بضروة العمل على إعداد رؤية وطنية للمرافئ اللبنانية كافة، والتي ارتكزت على فكرة التكامل لا التنافس فيما بينها ، لا بل أننا أردناها منافسة لأقرانها في المنطقة، ومن خلال رؤية تخلق لها دوراً وظيفياً مؤثراً وفاعلاً في المنطقة”.
وتابع: “أما المحطة الثالثة ، والمتعلقة بمخطط إعادة إعمار وتطوير مرفأ بيروت ، والتي نعتبرها درة التاج في استكمال مسار النهوض بهذا المرفق الحيوي الذي بدأناه من اليوم التالي لتسلمنا المهام الوزارية ، بحيث أننا قاربنا هذه المحطة من خلال السير بين خطوط وطنية بامتياز تراعي دور المرفأ ونظرتنا الحالية والمستقبلية إليه، وتحاكي تاريخه وموقعه وجواره على حد سواء ، فلم نكن لنقبل مطلقاً بأي مخططات تُخرج المرفأ من دوره وتاريخه وموقعه، ولم نكن لنرضى مطلقاً بأي مشاريع وتصورات لمخططات تجعل من المرفأ فاقداً لهويته التي هو عليها ، أو أن تجعله متمدداً إلى خارج نطاقه الجغرافي نحو ممتلكات جيرانه ، لا بل أن ما أردناه فعلاً بأن يكون هذا المخطط مراعياً لكل ذلك ، وعاملاً على خدمة الصالح العام على صعيدي الدولة والناس معاً” .