ومع ذلك، رأت كريستي أون، وهي باحثة شوارزمان في جامعة تسينغهوا أيضاً، في مقالها بموقع “ناشونال إنترست” أن اليوان لن يصبح بديلاً موثوقاً به في المستقبل القريب، حتى إن كان يشكل جزءاً من مجموعة أدوات مالية تستخدمها دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لحماية مصالحها الاقتصادية طويلة الأجل.
جهود صينية متسارعة
وتابعت الكاتبة: ورغم الجهود الصينية المتسارعة في مجالات التجارة والاستثمار والرقمنة التي تشجع على اعتماد الرنمينبي، لا يزال الدولار يؤدي دوراً دولياً مهماً في إطار وظائف النقود الثلاث بوصفه “وحدة حساب”، و”وسيلة للتبادل”، و”مخزناً للقيمة”.
وعند اعتماده في بيئات اقتصادية ومالية غير مستقرة، يمكن للدولار أيضاً أن يوفر استقراراً أكبر للعملة مقارنة بعملة البلد نفسها.
والأهم أن ربط العملة بالدولار يُثبّت أسعار الصرف بين الشركاء التجاريين ويحافظ على القدرة التنافسية لأسعار الصادرات إلى الولايات المتحدة.
السيادة الاقتصادية
وبالنسبة للدول التي تعاني من ضائقة الديون، أدت زيادات أسعار الفائدة الأميركية وارتفاع قيمة الدولار إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض، ومدفوعات الديون الأكثر تكلفة، وتضخم أسعار الواردات، مما قيَّدَ قدرتها على مواجهة النمو الاقتصادي البطيء.
واعتباراً من عام 2021، ارتفع الدين الخارجي للمُقرضين من القطاع الخاص إلى 42% في المنطقة العربية.
وفي الوقت نفسه، يتحول التركيز الاقتصادي لدول الخليج نحو الشرق، وتشير التقديرات إلى أن تجارة دول مجلس التعاون الخليجي مع آسيا الناشئة – بما في ذلك الصين – ستتفوق على التجارة مع الغرب بحلول عام 2026.
وكوسيلة للتبادل، تم الترويج للرنمينبي في ترتيبات مبادلة عملات بقيمة 6.93 مليار دولار بين البنكين المركزيين الصيني والسعودي في تشرين الثاني 2023.
أما بالنسبة لمخزن القيمة في نظام الاحتياطيات، فقد أُضيفَ الرنمينبي إلى احتياطيات النقد الأجنبي لإسرائيل البالغة قيمتها 206 مليارات دولار أميركي لتقليل مخصصاتها من الدولار واليورو.
مصر أول دولة
ووصلت أسعار الفائدة على العملة الصينية مؤخراً إلى مستويات قياسية منخفضة، مما أدى إلى الإطاحة باليورو بوصفه ثاني أكبر عملة في تمويل التجارة العالمية.
ونظراً لاحتياجات التمويل التي تزيد على ثلث ناتجها المحلي الإجمالي، فإن مصر معرضة لارتفاع أسعار الفائدة وستشهد تكاليف إعادة تمويل مرتفعة مع استحقاق سنداتها في العام المقبل.
وأصبحت مصر أول دولة في المنطقة تصدر سندات مقومة بالرنمينبي لتخفيض تكاليف الديون في تشرين الأول الماضي.
وتبرز أهمية منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ضمن مبادرة الحزام والطريق الصينية، ويقترب حجم تجارة الخليج والصين حالياً من مجمل تجارة دول الخليج مع المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأوروبا الغربية مجتمعة.
وفي الواقع، ارتفعت قيمة المعاملات المقومة بالرنمينبي للدول المشاركة في مبادرة الحزام والطريق بنسبة 90% على أساس سنوي.
وقالت الكاتبة إن دول الخليج منفتحة على تجارة الطاقة المقومة بالرنمينبي، والطلب الكبير على الطاقة في الصين ومكانة الشرق الأوسط كمصدر رئيس للنفط إلى الصين يجعلان تجارة النفط بالرنمينبي واعدة.
شروط أساسية للعملة الرائدة
ولا يزال الدولار يحافظ على ريادته، إذ تدعمه سوق مالية قوية، ولم ينخفض نصيبه من معاملات الصرف الأجنبي وإصدار الديون.
وتجعل القيود الصارمة التي تفرضها الصين ونقاط الضعف في تحويل رأس المال العملة الصينية غير مؤهلة لتصبح عملة استثمارية سائلة، إذ يلاحظ انخفاض مستمر في حصة الاستثمار الأجنبي في أسواق الصين الداخلية. ورغم الجهود التي بُذلت لتحقيق استقرار سعر صرف الرنمينبي، لا تزال هناك قيود على سوق المشتقات المالية في الصين تحول دون التحوط ضد تقلباتها.
واختتمت الكاتبة مقالها بأن “بناء شبكة من العوامل الخارجية لبديل للدولار يستلزم جهوداً شاملة في منطقة الشرق الأوسط للإطاحة بالدولرة”، وأضافت: “يُعدُّ تحقيق ذلك أمراً غير مؤكد بسبب تكاليف الابتعاد عن الدولار والروابط المعقدة بين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والولايات المتحدة”. (24)