أدت الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، إلى تدمير قطاع واسع من البنى التحتية في غزة، مما أثر على عمل النظام المصرفي وأدى إلى حدوث أزمة كبيرة في السيولة النقدية، حسب تقرير لوكالة “بلومبرغ” الأميركية.
وكانت حركة حماس، المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، قد شنت في السابع من تشرين الاول الماضي هجمات غير مسبوقة على إسرائيل، أدت إلى مقتل نحو 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء والأطفال، وفقا لأرقام رسمية.
في المقابل، شنت إسرائيل قصفا مكثفا ونفذت عمليات عسكرية برية، مما تسبب بمقتل أكثر من 33 ألف شخص، غالبيتهم نساء وأطفال، حسب وزارة الصحة في القطاع.
وأوضحت هبة الحلو، وهي فلسطينية تعيش مع ابنتيها في خيمة في رفح، أنها تمكنت أخيرا من الحصول على بعض الأموال التي كانت في أمس الحاجة إليها هذا الأسبوع، بعد أن “أمضت أياماً تتدافع في طوابير أمام محل لصرف العملات”.
قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية في تقرير نشر، الخميس، إن الحرب في غزة قضت على ما تبقى من اقتصاد القطاع الذي كان بالأصل يقترب من الانهيار، نتيجة سنوات من الركود.
ووجدت الحلو والعديد من المدنيين ممن فروا إلى رفح، الذين يقدر عددهم بنحو 1.5 مليون شخص، أن المؤن مثل الغذاء أصبحت متاحة بشكل أكبر، خاصة مع دخول عدد متزايد من شاحنات المساعدات إلى القطاع، وبدء إسرائيل في سحب بعض القوات البرية.
لكن النقص النقدي الكبير في جميع أنحاء القطاع الفلسطيني، جعل الحصول على الإمدادات الغذائية والطبية أمرا شاقا.
وفي هذا الصدد، أوضحت الحلو، البالغة من العمر 28 عاماً: “لا توجد بنوك، ومعظم محلات العملة مغلقة، ونحن في حاجة ماسة إلى الأموال النقدية”.
وبعد أن أعلنت إسرائيل انسحابها العسكري من خان يونس، ثاني أكبر مدينة في غزة، في نهاية الأسبوع، تم السماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية التي كانت تقبع عند المعابر الحدودية.
وقامت إسرائيل بتفتيش حوالي 419 شاحنة وسمحت لها بالدخول إلى القطاع، الإثنين، وهو أعلى رقم في يوم واحد منذ بداية الحرب، حسب الجيش الإسرائيلي.
ومع ذلك، فإن الطلب على الإمدادات مرتفع، ولا يستطيع سكان غزة شراء ما يحتاجون إليه.
ويعتبر جهاز الصراف الآلي الوحيد الذي يعمل في رفح، ويديره بنك فلسطين، هو المصدر الوحيد للأموال النقدية المتاحة للفلسطينيين الذين نزحوا إلى المدينة، وفقًا لسكان المنطقة.
ووفق سلطة النقد الفلسطينية في رام الله بالضفة الغربية، فقد دمر الجيش الإسرائيلي الغالبية العظمى من البنوك وأجهزة الصراف الآلي في جميع أنحاء غزة.
ولا تملك المؤسسات المصرفية في شمال غزة، الذي عزلته إسرائيل عن بقية القطاع الساحلي الضيق، كهرباء أو إنترنت، ناهيك عن أي قوة بشرية، وفقا لمسؤولين في السلطة.
وقبل الحرب، تم ترخيص ما يقرب من 400 فرع مصرفي ومكتب مصرفي وتشغيلها في جميع أنحاء غزة والضفة الغربية، وفقًا للبيانات الموجودة على الموقع الإلكتروني لسلطة النقد الفلسطينية.
وقدر البنك الدولي والأمم المتحدة أن تكلفة الدمار الذي لحق بغزة بشكل عام تبلغ حوالي 18.5 مليار دولار، أي ما يعادل تقريبًا إجمالي الناتج الاقتصادي للضفة الغربية وغزة عام 2022.
وفي بلدة دير البلح بغزة، فإن ماكينة الصراف الآلي الوحيدة العاملة تتعطل بشكل متكرر، وبالتالي يقف آلاف الأشخاص في طوابير كل يوم لاستخدامها، كما يقول السكان هناك.
تجار يستغلون الأزمة
وقد استفاد من تلك الأزمة في السيولة النقدية، بعض تجار العملات الذين يتقاضون رسومًا قدرها 20 في المئة مقابل منح النقود لأي شخص يمكنه نقل أموال من حسابه المصرفي عبر الإنترنت.
وبفضل تلك الطريقة، تمكنت الحلو من الحصول على أموالها، إذ أنها قامت بعمل تحويلات باستخدام محفظة الهاتف الذكي إلى حساب تاجر عملات، والذي منحها المبلغ نقدا بعد أن خصم منه 20 في المئة.
من جانبه، قال يوسف عماد، الذي نزح أيضًا من مدينة غزة وعمل لفترة وجيزة في أحد محلات صرف العملات في رفح قبل نفاد أمواله، إن الفوضى “يتم إشعالها عمدًا من قبل تجار صرف العملات الأجنبية، الذين يحتكرون أجهزة الصراف الآلي لسحب الأموال النقدية”.
وقال عماد إن التاجر الذي عمل لديه، “كان يرسل مجموعات من الموظفين إلى أجهزة الصراف الآلي لاستنزاف الأموال النقدية باستخدام بطاقات السحب، حتى يضطر سكان غزة العاديون إلى اللجوء إلى خدماته”. (الحرة)