توتال لم تسلم تقريرها .. الدراسة الفنية لم تنته بعد.. ونتيجة البلوك 9 لا تحدد مصير المنطقة الاقتصادية

3 مايو 2024
توتال لم تسلم تقريرها .. الدراسة الفنية لم تنته بعد.. ونتيجة البلوك 9 لا تحدد مصير المنطقة الاقتصادية


لم تسلم “مجموعة توتال إنرجي” تقريرها المنتظر حول نتائج عمليات الاستكشاف والحفر في البلوك رقم 9، فالكتاب الذي أرسلته وزارة الطاقة إلى Total تطالبها من خلاله بتسليم التقرير المتعلق بنتائج الحفر في البلوك رقم 9 قبل منتصف نيسان المقبل لم تعيره الشركة أهمية، فهي أصلاً لم تحدد موعداً للاجتماع الذي كان مقررا في 26 آذار الماضي مع الوفد اللبناني التابع لوزارة الطاقة في باريس لتسليمه تقرير نتائج الحفر في موقع “قانا” ضمن البلوك 9، علماً أنها أعلنت في وقت سابق عن نتائج غير مشجعة بعد حفر مواقع بعيدة عن الحدود البحرية مع شمال الأراضي المحتلة بمسافة تصل إلى 25 كيلومتراً.

وتشير بعض المعلومات إلى قرار خارجي بعدم السماح للبنان الاستفادة من الثروة المتصلة بالطاقة، لا سيما وأن الولايات المتحدة تمتلك النسبة الأعلى من أسهم الشركة، ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء عن الرئيس التنفيذي لشركة توتال باتريك بوفان قوله خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ الفرنسي عن أهداف مكافحة التغير المناخي إن الشركة تدرس الانتقال إلى بورصة نيويورك “بسبب ضغوط سياسات الحوكمة البيئية والاجتماعية في أوروبا على نشاطها جزئيا، نحن نفقد المساهمين الأوروبيين” في حين يشتري المسثمرون الاميركيون الأسهم. وأبعد من ذلك يظن خبراء في مجال الطاقة أن توتال متواطئة مع إسرائيل كي لا يحصل أي نشاط نفطي في جنوب لبنان في حين أن إسرائيل تواصل عمليات الحفر وطورت كاريش ولزمت عمليات الحفر مقابل البلوك 8 .

ومع ذلك، يرى المنسق العام الوطني للتحالف اللبناني للحوكمة الرشيدة في الصناعات الاستخراجية مارون الخولي لـ”لبنان24″ أن توتال انرجيز لم تقدم تقريراً عن نتائج عمليات التنقيب والحفر في البلوك رقم 9 إلى وزارة الطاقة لأسباب عدة أبرزها أنه لم يتم العثور على مكمن غاز صالح تجارياً يشير إلى النجاح في العثور على احتياطيات غاز قابلة للاستغلال في هذا البلوك وهذا هو السبب الرئيسي، علماً أن مصدراً قريباً من توتال أعلن العثور على مياه بدلاً من الغاز في العمق المستهدف. ويعتقد الخولي بأن التقرير الفني لم يتم الانتهاء منه، وربما لم تكن توتال ترغب في إصدار النتائج الأولية وبدلاً من ذلك انتظرت التحليل الفني الكامل قبل إصدار تقريرها الرسمي وهذا أمر إداري برتوكولي مرتبط بالنتائج الكاملة للتقرير وطريقة التعاطي معه وفقا لمحتواه بشكل عام، ويبدو أن العامل الرئيسي هو عدم تحقيق الاستكشاف للنتائج المتوقعة.

إن كل الاستكشافات اليوم تخضع لدراسات جيولوجية هندسية وبالتالي ليس شرطاً أن تتوافق الدراسات الجيولوجية في العثور على الغاز وهذا أمر غير مضمون حتى مع وجود دراسات جيولوجية واعدة. فهناك العديد من العوامل مثل ضغط الخزان والتكوينات الصخرية يمكن أن تؤثر على النجاح. أما الحديث عن استخدام فرنسا لبنان كورقة ضغط، فليس من أدلة على أنها ستستخدم التقرير الفني كوسيلة ضغط خاصة وأنها تحتفظ بنفوذ لها في لبنان، ومن هنا لا بد من الانتقال بحسب الخولي إلى حقيقة العلاقة التجارية بين لبنان وتوتال المحددة بعقد واضح ومبني على قاعدة استثمارية تبغى الربح وبالتالي فإن العثور على مكمن تجاري واعد سيفيد لبنان وتوتال وبالتالي تسقط حكما نظرية الضغط على كونسورتيوم لشركات تنقيب عملاقة لن تتأثر بأهواء سياسية إسرائيلية مهما كانت إذا لم تستند إلى القانون الدولي أو إلى حجة مقنعة علماً أن لبنان أنهى الخلافات الحدودية بينه وبين إسرائيل في ما يتعلق بالمناطق الاقتصادية البحرية .

لم يكن هناك تأكيد من توتال حول استخدامها لأدوات غير مناسبة في الحفر وهذا أمر لن تستطيع اخفاءه أمام المساهمين. ولكن ذلك لا يلغي، بحسب الخولي، المخاوف المتعلقة بالشفافية خصوصا لجهة تأخرها في إصدار تقريرها في الوقت المناسب بحسب العقد، رغم تذرعها بحالة استمرار التحليل الفني الكامل. ومع ذلك، فإن التواصل بين لبنان والشركة المقطوع راهناً، يجب أن يستمر، وهو الكفيل بمعالجة بعض التكهنات، ولو كانت النتائج الأولية للبلوك 9 مخيبة للآمال، فلبنان قد يستكشف المزيد من أعمال الحفر بناءً على البيانات والتحليلات الجديدة.

إن عدم العثور على احتياطيات غاز قابلة للاستخدام تجارياً في التنقيب في البلوك رقم 9 يلقي بظلال من الشك على التقديرات السابقة للمنطقة. لكن ذلك لا ينفي بالضرورة كل الإمكانات. فهناك حاجة، كما يقول الخولي، إلى مزيد من الاستكشاف مع التحليل المناسب للحصول على صورة أوضح. ولا يمكن إغفال مخاطر الاستكشاف مثل العثور على احتياطيات النفط والغاز القابلة للاستغلال. وليس بالضرورة أن تنعكس الدراسات الجيولوجية الواعدة على أرض الواقع لأن هناك عوامل يمكن أن تؤثر على النجاح مثل ضغط الخزان والتكوينات الصخرية. وهنا تتقدم الحاجة إلى الاستعانة بالشركات العملاقة كاتوتال وإني الايطالية وقطر للطاقة لتقدمهم التكنولوجي وتطور التقنيات الموجودة لديهم للاستكشاف والاستخراج. وبالتالي لا تعتبر نتيجة البلوك 9 انتكاسة، وهي لا تحدد بالضرورة مصير المنطقة الاقتصادية بأكملها أو باقي البلوكات خصوصا البولكين 8و10 ، ولا بد من انتظار المزيد من الاستكشاف في البلوك 9 وهذا قد تقرره توتال بناءً على تحليل أكثر اكتمالاً للبيانات التي ستصدر لاحقاً. أما بالنسبة للشركات الأخرى في الكونسورتيوم تعد ENI شركة طاقة كبرى تتمتع بسجل حافل في مجال الاستكشاف. ومن المرجح أن يعتمد دورها المستقبلي في المنطقة على التقييم الشامل لإمكانات شرق البحر الأبيض المتوسط، كما تتوقف مشاركة “قطر للطاقة” على خطط الكونسورتيوم المعدة للبلوك رقم 9 ومناخ الاستثمار العام في لبنان. ولذلك يمكن القول إنه حتى لو كانت نتائج البلوك 9 مخيبة للآمال، فمن السابق لأوانه شطب الاستثمارات البحرية في المنطقة الاقتصادية للبنان، فلا يزال من الممكن الوصول إلى اكتشافات تجارية واعدة مع المزيد من الاستكشاف المترافق مع التحليل الشامل لنتائج البلوك رقم 4 والبلوك رقم 9 ، إلى جانب التقدم التكنولوجي.

تبعث على القلق، حقيقة عدم تقدم أي شركة بطلب للحصول على دورة التراخيص الثالثة في لبنان مع اقتراب الموعد النهائي المحدد في تموز المقبل، لكنها لا تعني بالضرورة فقدان الأمل،يقول الخولي، لاسيما وأن نتائج البلوك 9 كانت محبطة وهذا الأمر لا يشجع الشركات، فالمخاطر الكامنة في التنقيب وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي المستمر في لبنان يخلقان تردداً عند الشركات في الاستثمار، بانتظار أن يتضح المشهد لمستقبل البلاد. وقد يكون التأخير مرده أيضاً، بحسب الخولي اتفاقيات تقاسم الأرباح التي تشكل مصدر قلق أيضًا، وهذا الأمر يتطلب إعادة تقييم للشروط المقدمة في دورة التراخيص الثالثة خصوصاً وأن الحوافز الأكثر جاذبية أو عمليات الموافقة المبسطة من الممكن أن تغري الشركات العتيدة المحتملة، مع إشارته إلى أن هناك عاملين أساسين مؤثرين في إعادة جذب تلك الشركات: الأول في حال قرر الكونسورتيوم إجراء المزيد من الاستكشاف في البلوك رقم 9 وهذا الأمر يمكن أن يؤثر على معنويات المستثمرين بشكل عام. والسبب الثاني التطورات الإقليمية والحرب في غزة والجنوب اللبناني، فعودة الاستقرار قد تؤدي إلى إعادة الاهتمام بالبلوكات المعروضة.

ويشدد الخولي على عدم إقفال باب التراخيص طالما مازال هناك وقت، فالشركات قد تنتظر حتى يقترب الموعد النهائي لتقديم الطلبات، خاصة وأن هذه الاستثمارات مرهونة بالوضع الأمني والسياسي في لبنان والمنطقة وأي تطور مفاجىء كتسوية أو تطبيق القرار 1701 قد يدفع تلك الشركات إلى التقدم في آخر لحظة.