وتشير الدراسات إلى أنّ هذا الجمع بين العالمين عزز أيضاً مشاركة المرأة في القوى العاملة. ولكن، في الوقت نفسه، يشعر أصحاب العمل بالقلق من تسبب العمل من المنزل، ولو لبعض الوقت، في تدني إنتاجية الموظفين وتعاونهم.
وجاءت الدراسة الجديدة، التي نشرتها مجلة نيتشر في 12 حزيران الحالي، لتحسم النقاش، حتى حين، حيث أكدت أنّ المخاوف المتعلقة بالإنتاجية لا تذكر، وأنّ العمل المختلط يمكن أن يكون بالفعل الإعداد المثالي للعمال.
وقسمت الدراسة أكثر من 1600 موظف في شركة Trip.com، وهي وكالة سفر صينية، إلى مجموعتين وتتبعتهم لمدة عامين.
وعملت من واحدة من المجموعتين من المكتب 5 أيام في الأسبوع، بينما قضت المجموعة الأخرى 3 أيام في العمل من المكتب ويومين في العمل من المنزل.
وأظهرت المجموعة الأخيرة تحسّناً في الرضا الوظيفي الذي أبداه الموظفون، كما انخفض معدل ترك هؤلاء الموظفين بمقدار الثلث، وكان التأثير واضحاً بشكل خاص على الموظفين الذين لم يكونوا مدراء، والنساء، وأولئك الذين يتنقلون لمسافات طويلة.
ولم تكن هناك أي جوانب سلبية حقاً، حيث وجدت الدراسة أنّ العمل المختلط لم يكن له تأثير سلبي ملموس على أداء العمال أو إنتاجيتهم، كما كان المديرون أيضاً أكثر دعماً له بعد المشاركة في الدراسة.
وخلص منظمو الدراسة إلى أنّ العمل المختلط يمكن أن يعزز أرباح الشركات عن طريق خفض معدلات ترك العمل “التي تقدر تكلفتها بنحو 50% من الراتب السنوي للفرد”، كما أنه “يقدّم مكاسب كبيرة للمجتمع من خلال توفير وسائل راحة قيمة للموظفين، ويحدّ من التنقل، ويسّهل رعاية الأطفال”.
وأشارت الدراسة إلى أنّ نظام العمل المختلط يمكن أيضاً أن يكون بمثابة نعمة لبعض أنواع الشركات، مثل المقاهي والحانات وصالات الألعاب الرياضية وصالونات التجميل، والتي شهدت جميعها زيادة في الأرباح بسبب اقتصاديات العمل من المنزل.
ولم تكن سياسة العمل من المنزل جديدة تماماً بعد الوباء، لكنها شهدت زيادة كبيرة في اعتمادها، مدعومة بتطورات كبيرة في التكنولوجيا، حيث تم وضع الأساس للعمل عن بعد من خلال تطوير تقنيات الاتصال والتعاون، مثل مؤتمرات الفيديو، والحوسبة السحابية، وأدوات إدارة المشاريع عن طريق الإنترنت. وسهّلت هذه الأدوات على الموظفين البقاء على اتصال والإنتاج، حتى في حالات غيابهم الفعلي عن المكاتب.
وعلى الرغم من التطور التكنولوجي، ظل العديد من الشركات متردداً في تبني مبدأ العمل من المنزل بدوام كامل، حيث سيطرت المخاوف بشأن الإنتاجية والاتصال وثقافة الشركة، وتسببت في إصرار العديد من الرؤساء التنفيذيين على حضور الموظفين للمكتب كل أيام الأسبوع.
وفي 2020، فرضت جائحة كوفيد 19 تحوّلاً كبيراً، حيث اضطرت الشركات إلى إعطاء الأولوية للصحة العامة والتباعد الاجتماعي، فأصبح العمل من المنزل ضرورة للعديد من الشركات للبقاء في السوق، مع حرصهم على سلامة الموظفين. واضطرت الشركات التي لم تفكّر مطلقاً في العمل عن بعد من قبل إلى تجربته على نطاق واسع. وأدى هذا التبني السريع إلى اكتشاف العديد من الفوائد غير المتوقعة.
وبعد تراجع معدلات الإصابة بالوباء، ظهر نموذج عمل هجين، يجمع بين العمل من المنزل والعمل من المكتب، بما هو حلّ وسط شائع، حيث سمح للشركات بالحفاظ على بعض مزايا التعاون وثقافة الشركة، مع تقديم المرونة للموظفين. (العربي الجديد)