كشفت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية عن عمليات سطو نفذتها “عصابات مسلحة”، بما في ذلك جماعات مدعومة من حماس، على البنوك في شمال قطاع غزة خلال الشهرين الماضيين.
وتسببت عمليات السطو في نهب ما لا يقل عن 120 مليون دولار أو ثلث الأموال النقدية في خزائن البنوك بغزة، وفق تقديرات الأمم المتحدة، التي اطلعت عليها “فاينانشال تايمز”.
وبحسب الصحيفة ذاتها، فإن البنوك في شمال غزة لا تزال تحتفظ بأموال نقدية تقدّر بحوالي 240 مليون دولار أخرى موجودة بخزائن دفن بعضها في “خرسانة أسمنتية”، من أجل منع نهبها بعد انهيار النظام المدني في القطاع المحاصر.
وأثارت عمليات السطو مخاوف بين المسؤولين الإسرائيليين من أن بعض الأموال يمكن أن تزيد من تأجيج “تمرد” حماس، مع سيطرة الحركة المسلحة على الأوراق النقدية “النادرة” في القطاع المحاصر منذ اندلاع الحرب.
“عمليات سطو دراماتيكية”
وأدت الحرب التي اندلعت في السابع من أكتوبر على خلفية هجوم حماس (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى) غير المسبوق على إسرائيل، وما تبعها من رد إسرائيلي، إلى الحد من توافر الأوراق النقدية بالقطاع، حيث يتعين على السكان دفع رسوم قبل أسبوع ليتمكنوا من الانضمام إلى “طابور” أمام جهاز الصراف آلي وسط غزة، وهو واحد من بين عدد قليل من الأجهزة المتبقية لسكان القطاع الذين يزيد عددهم عن مليوني نسمة.
وأشارت الصحيفة إلى أن أكثر عمليات السطو على البنوك “دراماتيكية”، وقعت يومي 17 و18 أبريل الماضي، على بنك فلسطين، وهو أكبر مؤسسة مالية فلسطينية، حيث بعد صب خرسانة حول قبو فرعه بمنطقة الرمال من أجل حماية الأموال من النهب، وقع انفجارا وتلا ذلك عملية سرقة.
ونقلت “فاينانشال تايمز” عن أحد الشهود قوله إن الأوراق النقدية كانت “ترفرف في الهواء”، حيث هرب اللصوص وبحوزتهم ما يقدر بنحو 31 مليون دولار بعملات مختلفة، وفقا لوثيقة داخلية أرسلت إلى مساهمي البنك واطلعت عليها الصحيفة، التي ذكرت أنه في اليوم التالي وجد العملاء والتجار الذين حضروا إلى الفرع لسحب ودائعهم “مجموعات مسلحة موجودة بالفعل داخل الفرع”.
وقدّر بنك فلسطين أنه تم الاستيلاء على 36 مليون دولار في عملية السرقة الثانية، التي “جاءت بناء على أوامر من أعلى سلطة في غزة”، في إشارة ضمنية إلى حماس التي تحكم القطاع قبل الحرب، وفقا للصحيفة.
وبينما هددت عمليات السطو موظفي بنك فلسطين، فإن أكثر من 70 مليون دولار مسروقة “لا تهدد استقراره”، وذلك بالنظر إلى إجمالي ودائع العملاء لديه البالغة 5.41 مليار دولار، والتي يوجد معظمها بالضفة الغربية.
ونقلت الصحيفة عن بيان صادر من بنك فلسطين قوله: “منذ بداية الحرب، اتخذ البنك جميع الاحتياطات والأحكام اللازمة لضمان بقاء سلامته واستقراره كمؤسسة، والحفاظ على ودائع العملاء حتى في ظل أسوأ السيناريوهات”.
وأضاف أن تقديرات المبالغ المسروقة “لا يمكن التأكد منها بسبب صعوبة تقدير الأضرار على أرض الواقع”.
ويحرص المصرفيون على عدم إلقاء اللوم بشكل مباشر على حماس، لكن وجود هذا المبلغ من المال في أيدي “السلطة العليا” بغزة من المرجح أن يؤدي إلى تأجيج “التمرد” ضد الجيش الإسرائيلي، حسبما نقلت “فاينانشال تايمز” عن اثنين من المسؤولين الإسرائيليين.