تشهد مصارف السودان مشاكل عدة بسبب الحرب المستعرة منذ أكثر من عام، أبرزها إغلاق ما يربو عن 70% من فروعها العاملة بالعاصمة الخرطوم والولايات وصعوبة استرداد الكم الهائل من القروض بمختلف أنواعها التي منحتها لعملائها خلال فترة ما قبل الحرب.
وفي هذا السياق، حذر محللو اقتصاد ومصرفيون، في حديثهم لـ”العربي الجديد” من مغبة تباطؤ العملاء الذين حصلوا على قروض في السداد، ما يقود إلى المزيد من الانهيار المصرفي وإشهار الإفلاس.
صعوبة استرداد القروض
واستبعد المدير العام للمصرف السوداني الفرنسي عثمان التوم قدرة عملاء المصارف على إعادة ما اقترضوه من أموال في ظل هذا الوضع إلا من خلال عملية بيع الضمانات المرهونة للمصارف، وأضاف: “حتى هذا الحل يصطدم بعشرات المشاكل المالية والقانونية في ظل تواصل الحرب”.
وكشف التوم عن تسبب الضعف الكبير في رؤوس أموال المصارف في عدم سماحها بتغطية خسائر التمويل ولو لعدة أعوام، خاصة بعد تعرضها لنهب الأموال من الخزن عبر مليشيا الدعم السريع.
وتابع: “لا يعني ذلك أنه لا توجد حلول، وإنما المطلوب أن تجلس كل الأطراف ذات الصلة بالقضية ووضع خطة وفق إطار زمني محدد يمكن الجميع من الخروج هذه الأزمة بأقل قدر من الخسائر”.
بدوره، قال المحلل الإقتصادي عادل عبد العزيز، لـ”العربي الجديد”، إن المصارف قدمت خلال فترة ما قبل الحرب قروضاً بمبالغ مالية متنوعة حسب حجم المشروع للقطاعات الاقتصادية المختلفة الزراعية والصناعية والخدمية، عبر صيغ تمويل متعددة تشمل المرابحة والمشاركة والمزارعة والاستصناع وغيرها وفق نظم التمويل الإسلامية التي تتبعها البنوك العاملة في السودان.
وأشار إلى أن هذه القروض بضمانات عدة تشمل العقارات، والوديعة المالية، ورهن وسيلة النقل وضمان المجموعات كالجمعيات التعاونية وغيرها، فضلا عن تحرير شيكات من جانب المستفيد ضماناً إضافياً.
وتسببت الحرب المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع في الإضرار بموجودات المصارف الحكومية والتجارية البالغ عددها 39 مصرفا، والتي تقدر بـ45 تريليون جنيه، وفقدان جزء كبير من قيمة العملة الوطنية، وفق بيانات رسمية.
ومنذ اندلاع الحرب في 15 نيسان 2023، قفزت أسعار صرف الدولار إلى أرقام قياسية من 560 جنيهاً إلى أكثر من 2150 جنيهاً.
واتهم الجيش السوداني في بيان أصدره سابقا قوات الدعم السريع باتباع ما وصفه بـ”سياسة الأرض المحروقة”، وذلك من خلال حرق ونهب المزيد من المصارف والمحال التجارية واللجوء للتخريب.
ورغم ذلك، أكد بنك السودان المركزي أن أموال المودعين بالجهاز المصرفي “آمنة”، وأن ما جرى تداوله من عمليات نهب أو سرقة لبعض فروع المصارف التجارية لا تؤثر على الودائع في تلك المصارف.
وقال عبد العزيز إن الحرب تسببت في توقف العديد من الأنشطة الاقتصادية الزراعية والصناعية والخدمية. وتوقع أن يؤدي ذلك لعجز المقترضين عن السداد في المواعيد المحددة حسب اتفاقية القرض.
وطالب عبد العزيز بأن تؤجل المصارف سداد القروض للعميل المصرفي الذي حصل على قرض سابق وتوقف مشروعه أو أصابه الدمار بسبب الحرب، شريطة إثبات الضرر الذي لحق بالمشروع.
كذلك، دعا عبد العزيز المصارف المقرضة لإمهال العملاء المقترضين في سداد ما عليهم من التزامات مالية وإعادة جدولة مواعيد سداد القرض، وأضاف: “هذه الممارسة تقوم بها المصارف آنياً مراعاة لظروف الحرب. مع هذا، يجب أن تكون هناك مساندة من الدولة للمصارف بتعويضات مجزية لمقابلة حجم الدمار الكبير الذي لحق بمختلف القطاعات بسبب الحرب، وذلك وسط عجز شركات التأمين وإعادة التأمين عن تغطيتها”. (العربي الجديد)