لا قطع للعلاقات بين المصارف المراسلة والقطاع المصرفي اللبناني

22 يوليو 2024
لا قطع للعلاقات بين المصارف المراسلة والقطاع المصرفي اللبناني


في كانون الاول الماضي حصل لبنان على مستوى متوسط من الفعالية في تسع نتائج مباشرة، من مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مينافاتف) وورد ذلك في تقرير التقييم المتبادل للجمهورية اللبنانية حول تدابير مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، حيث إن منظومة مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب اللبنانية حقّقت بعض النتائج الإيجابية إلا أنها تتطلب مزيداً من التعزيز في مجالات تشمل تحديد المخاطر، التعاون الدولي، الرقابة لا سيّما على القطاع غير المالي والإجراءات لديه، الأشخاص الاعتباريين والترتيبات القانونية وصاحب الحق الإقتصادي، التحقيقات المالية الموازية، والعقوبات المالية المستهدفة ذات الصلة بقرارات مجلس الأمن.

كما حصل لبنان في نتيجتين مباشرتين على مستوى متدنٍّ من الفعالية، وهما متعلقتان أساساً بعدم كفاية مصادرات المتحصلات الإجرامية والأصول ذات الصلة، وبالادعاءات والأحكام القضائية بجرائم تبييض الأموال التي يجب أن تكون أكثر اتساقاً مع المخاطر مع ضرورة وجود عقوبات متناسبة ورادعة بشأنها، بحسب ما ورد في التقرير.

واستندت نتائج فريق التقييم في ما يتعلق بالنتيجة المباشرة، إلى مراجعته الوثائق المقدمة من لبنان، ولا سيما ملخص تحديث التقييمات القطاعية التي أجرتها بعض السلطات التنظيمية، والتقييمات الذاتية التي أجرتها بعض السلطات التنظيمية والمؤسسات المالية، وخاصة البنوك، بالإضافة إلى مخرجات المقابلات خلال الزيارة الميدانية مع جهات إنفاذ القانون، والمشرفين على القطاعات المالية وغير المالية، وأجهزة المخابرات، وهيئة التحقيق الخاصة (وحدة المعلومات المالية)، والجهات القضائية، عدد من الوزارات المعنية، وأعضاء اللجنتين الوطنيتين لمكافحة غسل الأموال وقمع تمويل الإرهاب، والقطاع الخاص.

اليوم بعد أن أصبح شبه مؤكد صدور تقرير التقييم المتعلق بملف لبنان في منظمة “فاتف” وفيه إشارة سلبية لمدى تطبيق لبنان معايير مكافحة تبييض الأموال ومكافحة الإرهاب في أيلول المقبل والذي قد يتضمن تصنيفاً سلبياً للبنان من خلال إدراجه على اللائحة الرمادية لهذه المنظمة، سارع حاكم المصرف المركزي بالإنابة وسيم منصوري لزيارة واشنطن في محاولة لتأجيل صدور التصنيف السلبي.

وشدد منصوري على أن وضع لبنان على اللائحة الرمادية هو ضرب لجهود المركزي، وتعزيز لفرص تفشي تبييض الأموال، وعزل مالي واقتصادي لبلد يحاول بما بقي لديه من سيولة وإمكانات الخروج من أسفل درك الانهيارين النقدي والسياسي الذي وقع فيهما.

وقد أتت الزيارة بعدما تبلغ لبنان، بحسب الاستاذ الاقتصاد والخبير المالي بلال علامة ، أن وضعه بات على طاولة منظمة “فاتف” ذلك أن المعطيات الأكيدة والثابتة تشير إلى أن مندوب أميركا ومندوب صندوق النقد الدولي في منظمة «فاتف» هما من طلبا إعادة درس تقييم لبنان، بعدما كانت منظمة “مينا فاتف”، أي فرع المنظمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قد غضّت النظر عما يمكن اعتباره مخالفات، وقد فُسّر الأمر بأنه ذو خلفية سياسية متعلقة بالضغط على لبنان.

عقد منصوري، لقاءات في الكونغرس وفي وزارة الخزانة الأميركية وفي صندوق النقد والبنك الدوليين، بالإضافة إلى لقاءات خاصة أطلع خلالها منصوري من التقاهم على تقارير أعدّها في سياق محاولته الأخيرة لمنح لبنان فرصة تأجيل التقييم بالحدّ الأدنى.

زيارة منصوري الى واشنطن، بحسب علامة ، كانت جيدة وإيجابية بحسب المعلومات التي وردت عن مضامين لقاءاته، لناحية توقع الموافقة على طلب تأجيل تصنيف لبنان سلبياً لمدّة ستة أشهر إضافية، مع تشديده على ان منصوري تلقى تطمينات بأنه لن يكون هناك أيّ قطع للعلاقات بين المصارف المراسلة والقطاع المصرفي اللبناني، وان كانت المصارف المراسلة ستستمر في سياساتها المتشددة التي اعتمدتها منذ الازمة الاقتصادية في لبنان.

وبينما تلقّى منصوري تطمينات بريطانية وفرنسية بالمساعدة، في ما خص مراعاة الوضع في لبنان خلال صياغة تقرير “فاتف”، قد يكون من غير المنطقي، وفق علامة، التأكّد من نتيجة التصنيف منذ الآن، لأنّ الأمر مرتبط بمشاورات الدول الأعضاء في المنظمة. لذلك ربما قد يعطى لبنان فرصة ستة أشهر جديدة ريثما يكون قد دخل في تطبيق الإصلاحات المطلوبة والضرورية والتي بات من الصعب جداً إقناع المعنيين في المجتمع الدولي والمؤسسات المالية الدولية أن لبنان قادر على إعادة الحياة إلى الانتظام السياسي وأن السلطة في لبنان قادرة على ضمان الإلتزام بتطبيق ما هو ضروري من حيث التشريعات والقوانين والحوكمة الرشيدة.

وحسب المعلومات المتداولة فإن تركيز الخارج “فاتف” يدور على مراقبة أداء الإدارات والمؤسسات التي يفترض ان تنتهج الإصلاح ، مثل القضاء والجمارك والضريبة، وصولاً إلى السياسات الأساسية وما يتصل بها من ملفات الفساد في الإدارة العليا، فضلا عن المجال التشريعي المتصل باقرار قوانين تتصل بالاصلاحات.

وفي السياق يقول علامة ربطا بمعلومات حصل عليها، أن منصوري واجه سؤالاً واحداً محرجاً للبنان: هل سيقرّ لبنان ما مطلوب منه إذا مُنح ستة أشهر ؟ خلفية السؤال تأتي، وفق علامة، لتشير الى أن وزارة الخزانة الاميركية اسوة بالمؤسسات المالية الدولية وضعت لبنان تحت مجهور المراقبة. فالقوى السياسية لم تتمكن من تنفيذ الاصلاحات المطلوبة منها وايجاد حل لمسألة توزيع الخسائرو إعادة هيكلة القطاع العام فضلا عن ضبط الحدود المتفلتة ضبط سيولة الأموال المهربة.

قد لا يكون إنفلاش إقتصاد الكاش، وفق علامة، المشكلة الأساسية التي واجهها منصوري في أميركا وقد سمع بشكل مباشر تطمينات تتعلق بدراية الدول الغربية والمعنية بأنه من الصعب في هذه المرحلة التخلص من إقتصاد الكاش وان المطلوب من لبنان في هذا الصدد تخفيف التعامل النقدي تدريجياً وعلى مراحل. ولكن رغم ذلك فمن الواضح أن الولايات المتحدة الاميركية والدول الغربية في منظمة “فاتف”تتعاطى مع منصوري على أنه ممثل للسلطة السياسية في لبنان التي يتحمل بعض قادتها ومسؤوليها وسياسييها مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في لبنان من تردي وتدهور.