منتدى محلي دولي في بنك عوده عن اقتصاد لبنان.. من التحديات إلى المخارج والآفاق

24 يوليو 2024
منتدى محلي دولي في بنك عوده عن اقتصاد لبنان.. من التحديات إلى المخارج والآفاق


عُقد في المقر الرئيسي لبنك عوده منتدى اقتصادي بعنوان “الأوضاع الاقتصادية والمالية في لبنان: الوضع الحالي، التحديات المقبلة والآفاق القريبة الأجل”، تحدّث فيه الرئيس التنفيذي لبنك عوده الأستاذ خليل الدبس،  ونائب حاكم مصرف لبنان الدكتور سليم شاهين، والممثل المقيم لصندوق النقد الدولي في لبنان الدكتور فريديريكو ليما، وممثلة بنك الاستثمار الأوروبي في لبنان الدكتورة كريستينا ميكولوفا، وعميد كلية إدارة الأعمال والإدارة في جامعة القديس يوسف الدكتور فؤاد زمكحل، وكبير الاقتصاديين ورئيس قسم الأبحاث في بنك عوده الدكتور مروان بركات. 

وقال الأستاذ خليل الدبس في كلمته أنّه في ظل هذا المنعطف الدقيق الذي تشهده البلاد، تظهر الحاجة إلى رزمة من الإصلاحات الجذرية عوضاً عن المعالجات الظرفية، بحيث من الضروري إنشاء برنامج إعادة هيكلة يشمل إصلاح القطاع العام، وتعزيز الحوكمة والنظام القضائي، وإصلاح النظام الضرائبي وغيره. في هذا السياق، يبرز صندوق النقد الدولي كشريك هام. فدور صندوق النقد الدولي لا يقتصر فقط على كونه مموّل بل يبرز كوسيط من شأنه أن يساهم في استعادة الثقة، وتسريع عملية النهوض، وتأمين أعلى معايير الإصلاح، وضمان عودة الاستثمار. وأضاف أنّ الوجه الإيجابي الذي نلحظه في يومنا هذا هو القطاع الخاص في لبنان، والذي لم ينجح فقط في الصمود بل أيضاً في التأقلم مع محيط صارت الأحداث غير المتوقعة فيه قاعدة وليس استثناء. إن هذا القطاع يحتاج إلى الدعم والتمويل لمواجهة الاقتصاد الموازي وغير الشرعي الآخذ في النمو، الأمر الذي يتطلب التأسيس لنظام مصرفي يقوم بكامل وظائف الوساطة وقادر على الحدّ من الاقتصاد النقدي المحفوف بالمخاطر وتأمين الأرضية اللازمة للنهوض المنشود في البلاد بشكل عام.  

كما ألقى الدكتور سليم شاهين كلمة جاء فيها أن أبرز أهداف مصرف لبنان هي توحيد سعر الصرف والحدّ من تقلبية الليرة اللبنانية مقابل الدولار، والحفاظ على الاحتياطيات بالعملات، وتعزيز القطاع المصرفي، وحماية حقوق المودعين، وتطبيق متطلبات صندوق النقد الدولي من مصرف لبنان، والأهم من كل ذلك الحفاظ على استقلالية المصرف المركزي. وأضاف الدكتور شاهين أنّ المتطلبات الرئيسية لتأمين مستقبل أفضل تتمحور حول تعزيز دور المحاسبة من خلال النظام القضائي اللبناني، وإصدار قانون شامل لإعادة هيكلة المصارف وسد الفجوة المالية، وإعادة هيكلة القطاع العام وتنظيم مصروفاته بشكل فعال، لافتاً إلى أنّ تطبيق هذه المتطلبات الثلاث إنما يمهّد الطريق أمام النهوض الاقتصادي الذي طال انتظاره.
كذلك، ألقى الدكتور مروان بركات كلمةً جاء فيها أنّ التوقعات في غضون عام تتمحور حول ثلاث سيناريوهات: أولاً السيناريو الإيجابي مع احتمال تحقق بنسبة 20% والذي يعتمد على إنهاء الحرب سريعاً، وانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة وكفوءة، وإطلاق عجلة الإصلاحات، والتوصل الى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي، ما يؤدي إلى ارتفاع نسب النمو واحتواء التضخم وتعزيز الاحتياطيات وميزان المدفوعات. ثانياً، السيناريو السلبي مع احتمال تحقق بنسبة 30% والذي يفترض توسع نطاق الحرب على الأراضي اللبنانية ما يؤدي إلى انكماش كبير في الناتج واستفحال التضخم. أما السيناريو الثالث فهو السيناريو الوسطي مع احتمال تحقق بنسبة 50% والذي يفترض مراوحة للأوضاع الراهنة. وأضاف الدكتور بركات أنه نظراً للمفارقات الملحوظة بين هذه السيناريوهات الثلاث، فإننا نأمل أن يعود الاستقرار إلى جنوب لبنان وأن يترفع السياسيون عن مصالحهم الشخصية الضيقة، وأن يعززوا القواسم المشتركة فيما بينهم وأن يخفضوا من حدّة تجاذباتهم، وأن يمضوا قدماً باتجاه تأمين الأرضية الخصبة لتطبيق الإصلاحات بشكل عام.
إلى ذلك، تحدّث الدكتور فؤاد زمكحل في كلمته عن الواقع غير النمطي الذي يشهده لبنان والذي أصبح أمراً واقعاً New Normal)) بفعل الأزمة، مع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي من 50 مليار دولار الى 20 مليار دولار. وتطرق الى الحاجة الملحة لتحقيق نمو في الاستثمار من داخل الأزمة، واستعادة دور الوساطة للقطاع المصرفي في تمويل المؤسسات والأفراد قبل التوصل إلى إعادة هيكلة تامة. وأضاف زمكحل أنّ بعد خمس سنوات على اندلاع الازمة ولبنان ما زال غارقاً فيها علماً ان الازمة عادة تكون على المدى القصير وليس على المدى الطويل. وقال ان الحل يبدأ بان تعترف الدولة اللبنانية بقسطاً من الخسائر التي تقدر بما يوازي 70 مليار دولار وجدولتهما على السنوات العشر القادمة، مع مساهمة كذلك من قبل القطاع المصرفي اللبناني. 
وقال الدكتور فريديريكو ليما أنّه في حين لم تتخذ خطوات كافية بشأن الإصلاحات المقترحة من قبل صندوق النقد الدولي، إلا أنّه في الوقت نفسه لم يظهر برنامج آخر بديل. وشدّد على دور القطاع المصرفي والقطاع الخاص في تحقيق النهوض المنشود. ورأى بأنّه فيما يتعلق بالمساهمة المصرفية في الخسائر الاجمالية، لا بد للمساهمين في المصارف بالدرجة الأولى أن يتحملوا الاعباء، ومن ثم يأتي من بعدهم الديون المرؤوسة، وأخيراً المودعين، ولا ينبغي بأي حال من الأحوال تغيير هذه التراتبية (Hierarchy of claims)، مع العلم ان ذلك لن يكون كافياً بمطلق الأحوال بسد الثغرة الكبيرة. ونوّه الدكتور ليما بالإصلاحات التي تم تطبيقها حتى الآن في مصرف لبنان على صعيد وقف تمويل الدولة والحدّ من تعددية أسعار الصرف ووقف العمل بمنصة “صيرفة”، لكنه رأى أنها غير كافية لتأمين الديمومة في المدى الطويل. وختم بأن أي برنامج إصلاحي ينبغي أن يكون ملائماً سياسياً، اقتصادياً واجتماعياً.  
وقالت الدكتورة كريستينا ميكولوفا في كلمتها بأنّه لا بد من استعادة الثقة بين لبنان والمستثمر، وتشجيع الشركات الأكثر ابتكاراً للبقاء داخل لبنان وعدم التوجه إلى الخارج، وتعزيز التعامل مع المصارف اللبنانية. ورأت أنّه في حين تم تحقيق توازن نسبي في المدى القصير، إلا أنه يبقى غير مستدام في المدى الطويل.  وذكرت الدكتورة ميكولوفا أنّ حجم محفظة بنك الاستثمار الأوروبي في لبنان كان قد بلغ 1.2 مليار دولار قبل اندلاع الأزمة في العام 2019 ويبقى الاهتمام مستمراً في تمويل المؤسسات اللبنانية الصغيرة والمتوسطة الحجم.