الذهب يتألق كملاذ آمن وسط الاضطرابات: هل تستمر ارتفاعاته القياسية؟

2 سبتمبر 2024
الذهب يتألق كملاذ آمن وسط الاضطرابات: هل تستمر ارتفاعاته القياسية؟


باعتباره الملاذ الآمن، لا يزال الذهب يجذب المستثمثرين، وسط اتباع البنوك المركزية، وخاصة الفيدرالي الأميركي، سياسات نقدية متشددة للسيطرة على التضخم، حيث بدأت ملامح مرحلة جديدة تتشكل أمام الذهب الذي بلغ مستويات قياسية غير مسبوقة، كما يتوقع المحللون ارتفاعاً ملحوظاً في أسعاره خلال الأشهر المقبلة أيضاً.

هذا الاتجاه الصاعد للذهب يأتي في وقت تتزايد فيه الضغوط على السيولة في الأسواق، مما يعزز من جاذبية الذهب كخيار استثماري. وفي ظل عمليات خفض أسعار الفائدة المتوقعة، يرجح محللون تحركاً جماعياً من المستثمرين نحو الذهب، بحثاً عن ملاذ آمن في بيئة اقتصادية غير مستقرة.. هذا التحول المتسارع نحو الذهب يعكس تراجع الثقة في بعض الأصول التقليدية، ويؤكد على القوة المستمرة لهذا المعدن الثمين في حماية الثروات من التقلبات الاقتصادية.

ورغم أنها اختتمت تعاملات الشهر بأسبوع سلبي، إلا أن أسعار الذهب استطاعت المحافظة على مكاسبها للشهر الثاني على التوالي في آب، وذلك بدعم من تزايد الرهانات على خفض الفيدرالي الأميركي لأسعار الفائدة في سبتمبر الجاري.

وارتفعت أسعار الذهب 2 بالمئة في آب، بعد أن كانت قد وصلت إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 2531.60 دولار للأونصة في 20 من الشهر نفسه.

ومن المتوقع أن يظل الاتجاه العام للذهب “صعودياً” بحسب رئيس التعاملات في شركة وينغ فونغ للمعادن الثمينة، بيتر فونغ، في التحليل الذي نقلته عنه رويترز، والذي أرجع ذلك بالأساس إلى “انخفاض أسعار الفائدة والتوترات الجيوسياسية”.

ويرى فونغ أنّه بحلول نهاية العام الجاري، من المتوقع أن تكسر أسعار المعدن النفيس حاجز 2650 دولارا أميركياً. في الأمد المتوسط إلى الطويل، يُتوقع أن تتجاوز الأسعار 2800 دولار وربما حتى 3000 دولار (قمم تاريخية جديدة).

من جانبها، تقول خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، إن أسعار الذهب مرشحة لتحقيق ارتفاعات قياسية خلال شهر سبتمبر وكاتجاه عام، مدفوعة بعددٍ من العوامل، من بينها التوترات الجيوسياسية المتصاعدة وانتشار الحروب في مناطق مختلفة من العالم.

يشار هنا إلى التوترات القائمة في منطقة الشرق الأوسط، علاوة على الحرب في أوكرانيا المستمرة منذ الرابع والعشرين من شهر شباط من العام 2022 وانعكاساتها واسعة المدى.

 

و تشير رمسيس، في معرض حديثها مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى أن الانتخابات الرئاسية الأميركية، التي تشهد منافسة شديدة بين نائبة الرئيس كامالا هاريس (مرشحة الحزب الديمقراطي) والرئيس السابق دونالد ترامب (مرشح الحزب الجمهوري)، ستسهم في تعزيز هذا الاتجاه الصاعد لأسعار الذهب.

كما تشدد على أن واحدة من أهم العوامل الداعمة لأسعار الذهب ما يرتبط باتجاه الفيدرالي الأميركي لخفض أسعار الفائدة في اجتماع المرتقب هذا الشهر.

ورفع المتداولون قليلاً رهاناتهم على خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الشهر المقبل إلى 69 بالمئة، مع انخفاض احتمال خفض 50 نقطة أساس إلى 31 بالمئة بعد تقرير التضخم، وفقًا لأداة CME FedWatch.

 

وتعطي البيانات الأميركية الأخيرة إشارات مُهمة فيما يخص البدء في اتخاذ القرار المنتظر (قرار خفض الفائدة)، لا سيما بعد تصريحات رئيس الفيدرالي جيروم باول، خلال ندوة جاكسون هول، والتي أكد فيها أن الوقت قد حان لتغيير السياسة (النقدية).

من جانبه، يشير مدير مركز رؤية للدراسات، بلال شعيب، إلى أن الذهب يمر حالياً بمرحلة من التذبذب (ما بين الوصول لمستويات قياسية وعمليات جني الأرباح)، لكن كاتجاه عام، فمن المتوقع أن يشهد ارتفاعات غير مسبوقة في الأسعار مع استمرار الفيدرالي الأميركي في خفض أسعار الفائدة خلال الفترات المقبلة.

ويوضح لدى حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن السياسة النقدية التي اتبعتها معظم البنوك المركزية حول العالم، بما فيها الفيدرالي الأمريكي، قد نجحت في كبح جماح التضخم. ومع ذلك، فإن استمرار هذه السياسة لفترة طويلة قد يكون تحدياً، خاصةً في ظل التباطؤ الاقتصادي العالمي وضعف السيولة في الأسواق نتيجة تركزها في البنوك، وبالتالي يتم الاتجاه نحو خفض الفائدة.

ويشدد على أن البنوك باتت تحتفظ بأكبر قدر ممكن من السيولة، مما خلق حالة من التعطش لمزيد من السيولة في الأسواق.

ويشار إلى أن مشتريات البنوك المركزية من الذهب، تعد من بين العوامل الداعمة للمستويات القياسية التي حققها المعدن النفيس.

ويضيف شعيب إلى ذلك مشتريات الأفراد، ممن يدخرون أموالهم في الأوعية والملاذات الاستثمارية الأمنة، وتوقعات زيادة هذا الاتجاه بعد خفض الفائدة، ذلك أن العلاقة بين الفوائد والذهب عادةً ما تكون عكسية؛ فكلما ارتفعت الفوائد، انخفضت أسعار الذهب، والعكس صحيح.  (سكاي نيوز عربية)