فقدت مؤشرات الأسهم الأميركية الزخم بالقرب من أعلى مستوياتها على الإطلاق قبل قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي المرتقب بشأن سعر الفائدة، في ظل انقسام المتداولين حول حجم الخفض المتوقع.
أغلق مؤشر “إس آند بي 500” (S&P 500) التعاملات دون تغيير يذكر، بعد أن تجاوز لفترة وجيزة مستواه القياسي وسط زيادة مفاجئة في مبيعات التجزئة الأميركية.
وواصلت أسهم القطاعات الأكثر تأثراً بالأداء الاقتصادي تفوقها على أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى.
ارتفعت عوائد سندات الخزانة بشكل طفيف، وسط تفوق لآجال الاستحقاق الأقصر أجلا.
وتتوقع السوق احتمالات ضمنية بلغت حوالي 55% بأن يعلن صناع السياسة النقدية عن خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس يوم الأربعاء.
ارتفعت مبيعات التجزئة الأميركية بشكل غير متوقع في آب، مدعومة بعمليات الشراء عبر الإنترنت التي أخفت المزيد من النتائج المتباينة بسبل التجارة الأخرى.
أظهر استطلاع أجرته شركة “22 في ريسرش” (22V Research) أن توقعات رد فعل السوق على قرار الاحتياطي الفيدرالي تعتمد على الرهانات على حجم التخفيض.
وينقسم المستثمرون الذين يتوقعون تخفيضاً بمقدار 25 نقطة أساس حول ما إذا كان هذا التخفيض سيؤدي إلى رد فعل “الإقبال على المخاطرة” أو “العزوف عن المخاطرة”.
في هذه الأثناء، يعتقد أولئك الذين يراهنون على خفض الفائدة 50 نقطة أساس أن تحرك الاحتياطي الفيدرالي لخفضها بمقدار 25 نقطة أساس سيكون بمثابة “تجنب المخاطرة”.
قالت كوينسي كروسبي من “إل بي إل فاينانشال” (LPL Financial): “إذا لم يبدأ الاحتياطي الفيدرالي دورة التيسير بـ50 نقطة أساس، فمن المؤكد أن الحركة بمقدار 25 نقطة أساس ستكون محاطة بنبرة متحفظة”. وقال ريان ديتريك، من “كارسون غروب”، إن مصدر القلق الأكبر الآن هو احتمال تباطؤ سوق العمل بسرعة، وبالتالي “فإن الخفض الأكبر للفائدة بشكل أكبر سيكون أمراً منطقياً للغاية”.
ارتفعت أسعار سندات الخزانة، لتهبط العائدات، بعد تقرير مختلط عن سوق العمل عزز رهانات المتداولين على أن الاحتياطي الفيدرالي قد يجري خفضاً كبيراً لأسعار الفائدة.
من جانب آخر، لا يزال ستيف سوسنيك من شركة “إنتر أكتف بروكرز” (Interactive Brokers) يعتقد أن الاحتياطي الفيدرالي سيميل إلى خفض الفائدة 25 نقطة أساس، لكنه يشير إلى أن سنوات من الخبرة في التداول علمته احترام رسالة السوق، مضيفا إن هذه الرسالة ترجح 50 نقطة أساس.
وأشار سوسنيك إلى أنه من المحتمل أن تحدث خيبة أمل واسعة النطاق إذا خفض الاحتياطي الفيدرالي الفائدة 25 نقطة أساس.
وقال إن أسواق الأسهم تتوق دائماً إلى المزيد من السيولة، وفي الوقت نفسه، تتوقع أسواق السندات مساراً قوياً لخفض أسعار الفائدة بالاجتماعات المستقبلية. وبالتالي فإن الخفض الأصغر سيكون متحيزا ضد كليهما (أي سوقي الأسهم والسندات معا).
استقر مؤشر “ناسداك 100” ومؤشر داو جونز الصناعي عند الإغلاق. وارتفع مؤشر “راسل 2000” للشركات الصغيرة 0.7%.
ارتفعت عائدات سندات الخزانة لأجل 10 سنوات نقطتين أساس إلى 3.64%. وارتفع سعر صرف الدولار.
يرى مات مالي من “ميلر تاباك” أن الاحتياطي الفيدرالي سيقوم إما بتخفيض الفائدة 50 نقطة أساس أو يختار خفضها 25 نقطة أساس، لكنه سيشير إلى أنه سيكون أكثر جرأة في المستقبل.
ومع ذلك، يرى مالي إن هذا لا يضمن أن سوق الأسهم و/أو سوق السندات سترتفع بشكل قوي.
يقول مالي إن الاحتياطي الفيدرالي سيحاول على الأرجح إيصال أن الموقف الأكثر تشاؤماً لا يُنظر إليه على أنه شيء يعني أنهم يشعرون بالقلق فجأة بشأن الركود الوشيك.
وأضاف: “لذلك، نظراً لأن سوق الأسهم تقترب من منطقة ذروة الشراء، فلا يزال بإمكاننا حدوث (بيع على وقع أخبار) الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع”.
من جهتها، تتوقع كريستينا هوبر من “إنفيسكو” أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي الفائدة 25 نقطة أساس لأن التخفيض الأكبر من شأنه أن يثير المخاوف بشأن حالة الاقتصاد الأميركي.
“نتذكر أن الاحتياطي الفيدرالي بدأ دورة تيسير نقدي قصيرة الأجل في آذار 2020 بخفض الفائدة 50 نقطة أساس مع اقتراب الوباء العالمي” وأشارت إلى أنه سيكون من الصعب للغاية القول بأن الوضع بهذه الخطورة الآن.
وأضافت هوبر أن تصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في مؤتمره الصحفي حول حالة الاقتصاد الأميركي يمكن أن تساعد في بناء الثقة لأولئك الذين يشعرون بالقلق من الركود على المدى القريب.
وأشارت إلى أنه “بالإضافة إلى ذلك، سيكون من المفيد سماع أفكار باول حول المسار المتوقع لتخفيضات أسعار الفائدة -وخاصة، ما هي الظروف التي يمكن أن تؤدي إلى تغيير المسار، إما الاعتدال أو تسريع التيسير. هذه مجرد أشياء لا يمكنك استخلاصها من مخطط النقاط، لذا أرى أنه يجب متابعة المؤتمر الصحفي على التلفاز”.
لا يزال الاقتصاد الأميركي يسير على الطريق الصحيح نحو الهبوط السلس، وتتوافق البيانات الاقتصادية الأخيرة مع وجهة نظرنا بأن مخاوف الركود التي أدت إلى عمليات البيع في أوائل أغسطس كانت مبالغ فيها، وفق سوليتا مارسيلي من “يو بي إس غلوبال ويلث مانجمنت” (UBS Global Wealth Management).
وقالت: “في حين أننا نعتقد أن مكاسب الأسهم سوف تتوسع، فإننا نعتقد أيضاً أن هناك مجالاً لأسهم النمو، وخاصة أسهم التكنولوجيا، للارتفاع أكثر”.
وأشارت مارسيلي أيضاً إلى أنه رغم أن تخفيضات أسعار الفائدة في فترات لا تشهد ركوداً كانت مواتية تاريخياً للأسهم بشكل عام، إلا أنها تجعل أيضًا أسهم النمو أكثر جاذبية حيث تؤدي أسعار الفائدة المنخفضة إلى زيادة القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية لهذه الشركات. (الشرق)