اشتعل سوق مدينة النبطية التجاري نتيجة غارة جوية اسرائيلية عنيفة وسط المدينة التي لا تزال تضم ١٥٠عائلة نازحة من أصل ٧٠ ألف شخص يقطنها.
الغارة استهدفت “شارع الديماسي” المتفرع عن “شارع حسن كامل الصباح”، ويصله ب”شارع محمود فقيه” عند الجهة المقابلة، مع العلم أن الشارعين يعدان الشريان الحيوي للمدينة اقتصادياً وخدماتياً.
وكتب سمير صبّاغ في “النهار”: هي المرة الأولى التي تشهد فيها هذه البقعة الجغرافية دماراً مماثلاً. لم يحدث هذا الأمر في عدوان تموز ٢٠٠٦. هذا المساء، تحوّلت الأبنية ركاماً يصعب ترميمه. وتضم هذه المنطقة الحيوية أهم المؤسسات التجارية الضخمة المملوكة من أهالي النبطية مثال “حلويات السلطان” و”الديماسي” ومحال الثياب والأحذية والألعاب و”الفوبيجو”، كما العيادات الطبية ومراكز العلاج الفيزيائي والمطاعم ومحال العصائر والمقاهي وغيرها.
وتجاور أيضاً مسجد النبطية القديم ومكاتب مؤسسة كهرباء لبنان ومصلحة مياه الليطاني، الى مبنى شرطة بلدية النبطية.
وتمتاز هذه المنطقة بعماراتها القديمة العائدة لأول حركة بناء شهدتها المدينة، إذ يحتفظ أغلبها بالقناطر المزخرفة والأسقف المتداخلة مع عقد الحجر الصخري والأباجورات الخشبية والأدراج الخارجية ذات الأعمدة المنتشرة وسط الأزقة الضيّقة رغم الطابع الحديث الذي أدخل أخيراً من دون المساس بالطابع التراثي.
ويمتد الدمار نتيجة الغارة الإسرائيلية من ساحة المنشية حيث تنطلق فاعليات عاشوراء في مسيراتها الليلية، مروراً بنزلة “الديماسي” وصولاً الى باحة النادي الحسيني.
لا شك في أن الهجوم الاسرائيلي يهدف إلى محو ذاكرة المجتمع “النبطاني” المرتبط بالتراث والجذور التاريخية، إن باستهدافه الليلة وسط السوق وما يحمله من طابع تراثي أو باستهدافه بالأمس منزل غالب شاهين أحد اقدم منازل النبطية التراثية في حي الميدان.
التدمير الإسرائيلي أصاب ذاكرة كل “نبطاتي” بالصميم، فالناس هنا يتوارثون عبر الأجيال الاستدلال على كنافة السلطان ومدلوقة الديماسي وسحلب وزلابيا “علي راضي” وفلافل الارناؤوط عند طلعة الشعار، وغيرها من الأسماء-المعالم.
يتحدث شاهد عيان عن “جحيم” على الأرض ينهش الحجر والذاكرة، ويمسّ قلباً جنوبياً نابضاً بالحياة، قائلاً: “إنهم يحرقون ذاكرة الأجيال”. هو لسان حال كل من عرف هذه المنطقة، وتحدّر منها، أو عبَرها.