هذه هي بالتحديد حال ماريو كليمنتي وهو سائح مكسيكي من غوادالاخارا (غرب)، جاء في المقام الأول لكي “أستمتع بالتجربة، لكن الأسعار جيدة أيضا. بالمقارنة مع المكسيك، فإن المجيء إلى هنا أرخص بكثير. التوفير أكبر حتى مع احتساب الفندق ورحلة السفر”.
لكن عددا كبيرا من العملاء هم من السكان المحليين الذين كانوا يأملون في تجنب الحشود المتوقعة الجمعة، على غرار جايدن وماريا، وهما زوجان يقيمان في لوس أنجلوس، قالا “اعتقدنا أن الجميع سيأتون غدا ولكن من الواضح أن الأمر ليس كذلك”.
ويصادف يوم التسوّق الشهير بعد عيد الشكر، لكن يُتوقَّع هذه السنة أن يكون المتسوقون أكثر تريّثا في إنفاق أموالهم بسبب التضخّم الذي أثّر على قدرتهم الشرائية.
وقال المحلل لدى شركة “أدوبي ديجيتال إنسايتس” فيفيك بانديا إنّ المستهلكين “باتوا أكثر اهتماما وتركيزا على الأسعار والحسوم” مما كانوا عليه في السنوات السابقة.
فقدرتهم الشرائية تراجعت بفعل التضخم الذي شهدته البلاد مباشرة بعد جائحة كوفيد-19 قبل أن يشهد فرملة بطيئة.
وحتى لو عاد معدل التضخم إلى مستوى مقبول، فلن تعاود الأسعار الانخفاض، وهي راهنا أعلى بنسبة تزيد عن 20% في المتوسط عما كانت عليه في كانون الثاني 2020.
وبات المستهلكون يبحثون عن العروض الجيدة. وخلال السنوات الأخيرة، بدأت بعض الشركات منها “تارغت” تطرح عروضها الترويجية الخاص بـ”بلاك فرايداي” بدءا من تشرين الاول.
وقال بانديا “نلاحظ أنّ المستهلكين أصبحوا يولون أهمية أكبر للسعر، ويستجيبون بشكل كبير للعروض الترويجية أو المتعلقة بالمناسبات”.
ويشكل “بلاك فرايداي” الذي يلي يوم الخميس الذي يُحتفل فيه بعيد الشكر، انطلاقة لموسم التسوق الخاص بأعياد نهاية السنة في الولايات المتحدة.
ويمثل افتتاحا لعطلة نهاية أسبوع طويلة من العروض الترويجية، مع “سمول بيزنيس ساترداي” و “سايبر مانداي”.
ميزانية محدودة
يُعدّ استياء الأسر الأميركية من التضخم أحد أسباب فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في الخامس من تشرين الثاني.
وتعيّن على تجار التجزئة التكيف مع هذا الغضب.
وتنظم شركة “تارغت” أسبوعا من العروض الترويجية كل ثلاثة أشهر، مما يجذب عددا كبيرا من المستهلكين. وأوضح مديرو المجموعة أنّ المشتريات تكون أكثر انخفاضا في الأسبوع الذي يسبق وذلك الذي يلي هذه العروض.
وفي مطلع الشهر، قال الرئيس التنفيذي لـ”تارغت” براين كورنيل للمحللين، بعد فترة طويلة من التضخم “يقول لنا المستهلكون إنّ ميزانياتهم لا تزال محدودة”.
ويضيف “باتوا أكثر ابتكارا في سلوكهم الشرائي، إذ ينتظرون حتى آخر لحظة للشراء، ويركزون على العروض الجيدة ويخزّنون السلع عندما يجدونها”.
لكنّ أسعار البنزين انخفضت، وكذلك أسعار بعض المنتجات الغذائية، بحسب خبراء اقتصاديين يعتبرون ذلك بمثابة عوامل تساهم في تحسين ميزانيات الأسر.
ويتوقع الاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة (NRF) نموا في الإنفاق خلال نهاية العام بنسبة تتراوح بين 2.5 و5% مقارنة بالعام الفائت، ليصل إلى 989 مليار دولار خلال شهرين.
مبيعات أكثر تنافسية عبر الإنترنت
وفي حين كانت الأسر ذات الدخل الأدنى هي الأكثر تضررا من التضخم، يبدو أنّ الوضع يتغير.
وقال مايكل أوسوليفان، الرئيس التنفيذي لمتاجر الملابس ذات الأسعار المنخفضة “بيرلينغتون ستورز”، خلال مؤتمر عبر الهاتف هذا الأسبوع “للمرة الأولى منذ عام 2021 حين بدأ التضخم في الارتفاع، عاود دخلهم الفعلي الارتفاع أخيرا”.
وأشار إلى أن قسما من أهم المبيعات سُجّل في المتاجر الواقعة في مناطق يقطنها سكان من ذوي الدخل المنخفض.
وأضاف “على مدار هذا العام، لاحظنا أنّ إنفاق هؤلاء المستهلكين زاد مع استقرار مداخيلهم الفعلية ومعاودتها الارتفاع”.
وبدأ موسم الاعياد بقوة على صعيد المبيعات عبر الإنترنت، إذ حققت ارتفاعا بنسبة 9,6% خلال أول 24 يوما من الموسم، بينما كانت التوقعات تشير إلى نمو بـ8.4% فقط خلال الموسم بأكمله، على ما أفادت “أدوبي ديجيتال إنسايتس” الأربعاء.
ويمكن تفسير ذلك بأنّ موسم الأعياد بدأ متأخرا هذا العام، إذ وقع عيد الشكر في نهاية تشرين الثاني. لكنّ الأهم من ذلك، هو أنّ هذه النتيجة تعكس قدرة العناصر التنافسية للمنتجات عبر الإنترنت في خفض الأسعار، بحسب بانديا.
ويبقى معدل التضخم لكل السلع الاستهلاكية أعلى من 2%، لكن تقديرات شركة “أدوبي” تشير إلى أن أسعار السلع المباعة عبر الإنترنت انخفضت بنسبة 2.9% على أساس سنوي في تشرين الاول.