تعهد الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، بفرض زيادات جمركية تصل إلى 20% على السلع المستوردة كافة، و60% على السلع القادمة من الصين، و100% على المركبات الأجنبية، مما يهدد بتغيير جذري في ميزان التجارة العالمية.
هذه السياسات ستؤثر على العديد من الدول المصدرة، لكن الدول التي تجمعها اتفاقيات تجارة حرة مع الولايات المتحدة قد تجد فيها فرصة. من بين هذه الدول، هناك أربع دول عربية: الأردن، المغرب، سلطنة عمان، والبحرين، التي تتمتع بإعفاءات جمركية على صادراتها للسوق الأميركي.
في حال تنفيذ هذه الزيادات، ستتقلص واردات الولايات المتحدة من الصين وأوروبا، ما يخلق فجوة في السوق الأميركي. يمكن للدول التي لديها اتفاقيات تجارة حرة أن تسد هذه الفجوة، خاصة في قطاعات مثل الألبسة، المنتجات الزراعية، والأسمدة، مما يمنحها ميزة تنافسية في ظل السياسات الحمائية المتوقعة.
القطاعات المستفيدة
العديد من الصناعات ستكون مستفيدة من تطبيق تلك الرسوم، حيث من المتوقع أن تلجأ الشركات الأميركية إلى القطاعات في الدول التي لديها ميزة الإعفاءات الجمركية لتقليل سعر السلعة النهائي للمستهلك.
على سبيل المثال، سيستفيد قطاع المنسوجات والملابس في الأردن، وفي المغرب سيكون قطاع الصناعات الزراعية والمنتجات الزراعية المجهزة، وفي سلطنة عمان قطاع الصناعات البتروكيماوية والمعادن، وفي البحرين قطاع الألمنيوم والمنتجات الصناعية، حيث تمتلك هذه القطاعات في البلدان المذكورة بنية تحتية وشبكات تصدير متطورة تجعلها قادرة على المنافسة في السوق الأميركي.
وهناك فرص كبيرة أمام تلك البلدان الأربعة لتعزيز علاقاتها التجارية مع الولايات المتحدة للاستفادة من هذه الرسوم، حيث يمكنها زيادة الاستثمارات في الصناعات التي تستهدف السوق الأميركي، وتوسيع القطاعات التصديرية لتشمل منتجات وخدمات جديدة تلبيةً لاحتياجات السوق. إلى جانب ذلك، يمكنها تعزيز الحملات الترويجية لمنتجاتها في السوق الأميركي، مستغلةً الرسوم المفروضة على المنافسين.
بالإضافة إلى ذلك، هناك فرصة أمام تلك الدول لتصبح جزءاً من سلاسل التوريد البديلة التي تسعى الولايات المتحدة إلى إنشائها لتقليل الاعتماد على الصين، عبر إنشاء مناطق صناعية موجهة للتصدير، ومعززة باتفاقيات التجارة الحرة.
جلب الصناعات من الدول المتضررة
لا تقف فوائد تلك الدول عند التوسع في السوق الأميركي فقط، بل يمكنها أيضاً الاستفادة من الدول المتضررة من الرسوم. وعلى الرغم من أن اتفاقيات التجارة الحرة لا تشمل السلع المعاد تصديرها (على سبيل المثال، في حال استوردت الأردن سلعة من الصين، ورغبت في إعادة تصديرها إلى الولايات المتحدة، لن تكون معفاة من الرسوم الجمركية ما لم تخضع السلعة لعمليات تصنيع أو تحويل كبيرة تجعلها «منتجاً أردنياً» بموجب قواعد المنشأ).
يشجع ذلك العديد من المصانع على نقل عمليات تصنيع سلعها إلى تلك الدول، وإضافة مكونات محلية المنشأ وتصنيعها أو تجميعها محلياً، لتصبح محلية المنشأ وفقاً لقواعد اتفاقية التجارة الحرة.
ويمكن لتلك الدول الاستفادة من الحوافز التصديرية التي توفرها اتفاقيات التجارة الحرة مع الولايات المتحدة من خلال تعزيز الاستثمارات المحلية في البنية التحتية الصناعية، إلى جانب دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة لتكون قادرة على دخول السوق الأميركي.
ووفقاً لتقرير نشره معهد دول الخليج في واشنطن هذا الشهر، استشهد التقرير بالرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب في عام 2018 كمثال على استخدام المادة 232 لتبرير تعريفات استثنائية على الألومنيوم والصلب بسبب الأهمية المزعومة للمادتين في التصنيع العسكري. وزعمت الإدارة أن الصين كانت تُغرق الأسواق العالمية بالمعادن، ما يضعف قدرة الولايات المتحدة على إنتاجها محلياً، ويهدد قدرتها على الدفاع عن نفسها.
في ذلك الوقت، انكمشت تجارة الألمنيوم بشكل كبير بين البحرين والولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن تطبيق المادة 232 على السلع جميعها سيكون مهمة صعبة للغاية. علاوة على ذلك، فإن الأغلبية العظمى في الكونغرس قادرة على إلغاء الأوامر التنفيذية الرئاسية.
وهناك احتمال كبير أن تنجح مجموعة واسعة من الشركات في القطاعات المتضررة داخل الولايات المتحدة في الضغط لتقييد حرية ترامب في اتخاذ مثل هذه القرارات، ففي نهاية المطاف، ستتأثر جميع الشركات الأميركية التي تعتمد على الواردات في أي مرحلة من مراحل الإنتاج بارتفاع كبير في أسعار المدخلات. وفي الوقت نفسه، يواجه المصدرون الأميركيون خطر التعرض لرسوم جمركية انتقامية من الشركاء التجاريين، ما يزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي والتجاري. (ارم نيوز)