قامت عالمة الفيروسات البروفيسور إيليس أوكارول من التحذر من أن وباء كورونا سيكون له تأثير طويل الأمد ودائم على الصحة العامة والسلوكيات في المجتمعات، بحسب ما نشرته صحيفة Irish Times الإيرلندية.
وعادت البروفيسور أوكارول، التي درست انتشار فيروس إيبولا وفيروس نقص المناعة البشرية، من أستراليا إلى مسقط رأسها دبلن لتقديم خبرتها دعماً للجهود المبذولة لمكافحة كوفيد-19 في إيرلندا.
وصرحت أوكارول بأن ما يحتاج إليه العالم حاليًا لا يقتصر على مجرد التغلب على هذا الوباء فحسب، وإنما الاستعداد لمواجهة آثار ما بعد الهزة الكبيرة، التي أحدثها تفشي الوباء“.
وتشرح البروفيسور أوكارول قائلة: إنه يجب، على سبيل المثال، النظر في كيفية إدراج دروس المناعة الإجبارية في المدارس، فـ”مثل تعلم عبور الطريق عندما كنت طفلاً، يجب أن تفهم كيف سيحارب جسمك المرض.”
الوباء كان محتملًا ومتوقعًا
بعدما درست البروفيسور أوكارول كيف تطورت فيروسات مثل سارس وميرس، فإنها تعتقد أن جائحة مثل كوفيد-19 كان أمر حدوثها محتملًا وممكنًا طوال الوقت، موضحة أنه عندما يكون “لديك (مثل هذا) العدد من السكان المقيمين بشكل متاخم للثدييات مباشرة، و(في ظل) الكثير من (مظاهر) العولمة؛ فإن البشرية كانت مُعدة (مسبقا لظهور) شيء ما.”
وقالت البروفيسور أوكارول إن التحضر أدى إلى زيادة الأسباب المواتية لظهور الأمراض “الحيوانية المنشأ” المنتشرة من الحيوانات إلى الإنسان، مؤكدة أنها ” تزايدت أكثر فأكثر مع انسكاب سكان (الكثير من البلدان) إلى موائل الحيوانات”.
وركزت أوكارول أبحاثها على كيفية قيام الفيروسات بالتسرب إلى داخل الخلايا البشرية، وتخطي جهاز المناعة ولماذا تكون البيولوجيا البشرية عرضة لعدوى معينة.
آلية القفل والمفتاح
وتقول البروفيسور أوكارول “عندما تنتشر الفيروسات من الأنواع إلى أنواع أخرى، أي من طائر إلى حيوان أو من حيوان إلى إنسان، فإن طريقة دخولها إلى خلية النوع الآخر يمكن أن تكون مشابهة لآلية القفل والمفتاح، مشيرة إلى أن جل الأمر يتعلق بالأشكال، عندما يفكر المرء في أي شيء يتعلق بالأجسام وعلم الأحياء، إذ يكون للفيروس شكل خارج قشرته، وعندما يرتبط ذلك الفيروس بأحد المستقبلات على خلية بشرية، فإنه يمكن أن يكون مشابهًا لآلية المفتاح الذي يدخل عبر فتحة القفل، ويسمح له بالعبور إلى داخل الخلية البشرية“.
المقاومة والمناعة
بشكل عام، تعتقد البروفيسور أوكارول أن البشر يتمتعون بمقاومة جيدة للعديد من الفيروسات، والتي يكون معظمها غير قادر على إصابة الخلايا البشرية، وتشرح قائلة: إنه “إذا تناول الإنسان ملليلترًا من مياه البحر، أعتقد أن هناك 10 ملايين فيروس، ولكن على الرغم من ذلك يمكننا القفز في البحر ولا تغمرنا أي عدوى فيروسية “.
وتردف أوكارول قائلة: لكن فيروس كورونا المُستجد كان ناجحًا بشكل لا يصدق في دخول خلايا البشر، والانتقال عن طريق العدوى من شخص لآخر. وتضيف شارحة: “إن آلية القفل والمفتاح تعد مناسبة تمامًا لتفسير سبب العدوى من إنسان إلى آخر بسهولة في الوقت الحالي، ولهذا السبب فإنه ليس لدينا طريقة لوقف ذلك حتى الآن“.
وتعتقد أوكارول أنه في نهاية المطاف، ستتم السيطرة على فيروس كورونا، ولكن ليس خلال مجرد بضعة أشهر، وأن كوفيد-19 سوف يؤدي إلى تغييرات عميقة في المجتمع. وتقول إن “البشر يتغلبون على أي شيء. وسبق أن عرفنا ذلك عبر سنين طويلة، فعلى سبيل المثال، أودى الجدري بحياة ما يصل إلى 500 مليون شخص، وتمكن الإنسان في النهاية من الوصول إلى علاج له. ولم يعد خطر الجدري موجودًا“.
ولكن حذرت أوكارول من عودة المجتمعات سريعًا إلى أنماط الحياة السابقة، قائلة: “أنا لا أفهم كيف يمكننا العودة بسرعة إلى حالة التجمعات والحشود الكبيرة، والتنقل في كافة الأنحاء، دون التأكد من أننا لسنا مرضى. قبل الجائحة، كان يمكنك التحرك كثيرًا أثناء إصابتك بمرض؛ لكن مستقبلا سيتم منع ذهاب أي مريض إلى العمل بشكل حاسم. أنا لا أفهم كيف سيشعر الزملاء في أي موقع عمل في العام القادم، بعد تجربة الجائحة، بشأنك وأنت تجلس في حالة سعال أثناء تأدية عملك بينهم!”.