خطة نجاح..؟!

12 يوليو 2020
خطة نجاح..؟!
علي جيرو

لماذا يتعثر القسم الأكبر من الشباب في النجاح في حياتهم العملية؟

ما هو السبيل لتقليص نسب التعثر هذه؟ ما هي أنجع الطرق لذلك؟

هذا ما سنجيب عليه تباعاً لكن لا بد من إيراد بعض الحيثيات تتعلق بالموضوع لكي تتوضح الصورة. 

تعتبر مرحلة الشباب وهي المرحلة التي تلي فترة البلوغ _وغالباً ما يعتبر سن 18 سنة قانوناً مرحلة شباب_ هي المرحلة الأكثر حساسية وتأثيراً في حياة الفرد وخاصة فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، والسبب يعود في حساسيتها إلى التحولات والطرق التي يسلكها الفرد في اتجاه يغير مستوى الحياة بمقدار كبير يصل إلى 180 درجة بمقاييس أهل الرياضيات، أي تنقلب حياته رأساً على عقب بعد أن كان يعيش في نمط حياة مُرضي إلى حد كبير، والغالب يعود هذا الانتقال من تحت عباءة العائلة كشخص مستهلك إلى العراء كشخص منتج دون الحصول على مؤهلات هذا الانتقال، الأمر الذي يجعله عرضة للنكسات والازمات.

في البداية لا بد من الحديث عن حال الشباب في المحيط الاجتماعي على وجه الخصوص ربما في لبنان أو سورية، كونها ذات بيئة اجتماعية واقتصادية متقاربة في ظل الأوضاع الراهنة، _ليس فقط في فترة أزمة كورونا بل يمكن القول في العشر سنوات الأخيرة_ يتخرج القسم الأكبر منهم من الجامعة ويبدأ في رحلة البحث عن فرصة في العمل، وغالباً ما يفشل قسم كبير منهم فيلجأ إلى استقاء تجربة البحث هذه من الأجيال التي سبقته، في الهجرة وهي هروب إلى الأمام إلا في حالات قليلة، أو ربما في العمل في أشياء بعيدة عن الشغف والاختصاص في المطاعم كمرحلة أولى تسعى إلى سد احتياجاته الأساسية من مصاريف جامعية، في حين هذا المجال بعيد كل البعد عن اختصاصه الجامعي ربما، مما يؤدي إلى تقوقع طموحه في البحث عن أولويات العيش في ظل الضغط بين الجامعة والعمل، ولم يكن الحال أحسن لدى الفئة غير المتعلمة في هذا السياق، الأمر الذي يجعل الجيل بكامله ينظر بسوداوية إلى الواقع، ويبحث عن بصيص أمل للهجرة والاستقرار في الخارج، لكن ما السبيل إلى ايقاظ روح الابداع والابتكار في الحصول على فرصة جيدة في العمل والاستقلال المادي الذي يمكنه من العيش بأمان اقتصادي.

  في ظل هذا الواقع لا يمكن الوقوف موقف المتفرج، لابد من إيجاد أساليب وطرق تساعد جيلنا _الجيل الجامعي_ في تخطي هذه الازمات الاقتصادية، وذلك من خلال خطط نجاح ربما ثلاثية الأبعاد!! نعم ثلاثية الأبعاد وذلك عن طريق تداخل بين التخطيط الاقتصادي، مع ربطها بخرائط ذهنية للاحتمالات التي قد تنتج عن كل خطوة، وهذه الخطط على الصعيد الفردي تقود صاحبها إلى بر الأمان الاقتصادي بحيث يصبح الفرد عضو فاعل في المجتمع يحقق أمان اقتصادي، تجعل منه بعيد كل البعد بأن يكون عبئاً على المجتمع سواء الأسرة أو المحيط الاجتماعي المتمثل في أصدقاء العمل، بل على العكس يتحول هذا الفرد إلى عامل دفع ايجابي لدى البيئة المحيطة، فالفقر بشكل عام يؤثر بشكل سلبي على نفسية الفرد.

لكن ماذا عن آلية ايجاد خطة نجاح بأبعاد ثلاث؟؟! لشرح هذا المصطلح لابد من إيراد أمثلة لكي نقرب للقارئ ما نصبو إليه، فالأمر أشبه برسم خريطة حقيقية بأبعاد ثلاث لمتسلق وصل إلى صخرة ويريد الانتقال إلى المرحلة التالية فيلجأ إلى رسم احتمالات حركاته بصور وخرائط ذهنية ثلاثية الأبعاد مع حساب مخاطر كل احتمال منها، لحل أي مشكلة تواجه أي شخص لا بد من تحديدها بدقة ثم الغوص في أسبابها ومن ثم البحث عن أنجع الحلول لها، بعد أن حددنا المشكلة التي تكمن في التعثر في الوصول إلى الأمان الاقتصادي، فيما يلي ثلاث أمثلة لحالات مختلفة تمثل التعامل مع هكذا مشاكل. 

هبة طالبة في المرحلة الجامعية الأخيرة تدرس اللغة العربية وآدابها، ما هي الطرق والأساليب لوصولها إلى الامان الاقتصادي بعيداً عن التعثر والبطالة، بالدرجة الأولى التدريس الخصوصي وهو متوفر بكثرة إما في منزلها أو في معهد ضمن منطقتها أو ربما أونلاين، الخطوة الثانية قد تعمل على تقوية مهاراتها اللغوية للعمل في صحيفة أو موقع ينشر باللغة العربية كمدققة لغوية أو محررة، أو ربما معلق صوتي في البرامج الوثائقية التي لا تتطلب ظهورها على الشاشة وإنما فقط بصوتها، الأمر الثالث وهو التدريس في مدراس رسمية أو خاصة وهو الاحتمال الأكثر شعبية بحيث يلجأ إليه القسم الأكبر من الخريجين. 

وسيم شاب عمره 19 سنة يعمل في مجال دهان البيوت، لدى وسيم الكثير من الاحتمالات الأول والذي يسلكه القسم الاكبر هو البقاء على نفس الوتيرة في العمل دون تغير يذكر، لكن في المقابل هناك الكثير من الآفاق والطرق أمامه لكسب مهارات جديدة تجعل منه يقطع أشواط كبيرة مثل تعلم مهارات جديدة ربما عن طريق youtube في الديكور ومزج الألوان وتصميم رسومات جميلة بأدوات بسيطة، الأمر الذي يمكنه من تطبيقها على أرض الواقع كونه يمتلك اساسيات المهنة، وفي خطوة تسويقية لنفسه يلجأ إلى التكنولوجيا بإنشاء حساب على منصة instagram للتسويق لأعماله مما يجعله متفوق على أقرانه في نفس المجال، الأمر فقط يحتاج إلى رؤيا فضلاً عن خيال قادر على رسم صورة أو خريطة ذهنية ثلاثية الأبعاد للخطوات التالية، فالخريطة الذهنية جزء من عملية التخيل والتي يراها علماء النفس من الأسباب الرئيسة لتحقيق الأهداف.

بعد ايراد هذين المثالين لهبة ووسيم، فقد يلعب التخيل والبحث في الاحتمالات المتاحة دور كبير في الوصول إلى أفكار ابداعية لم يتطرق إليها إلا القلة القليلة، الأمر الذي يقودهم في المحصلة إلى النجاح، فقد كان لهم أن يبقوا في نفس الطريق الاعتيادي الذي سلكه من قبلهم لكن الأمر لن يقودهم إلى معجزة.

في المحصلة لا بد لكل فرد أن يصنع طريقه بنفسه دون المشي بعيون معصوبة على دروب الأخرين، لكن ليست كل الدروب توصل إلى نتائج ايجابية فقد يؤدي بعضها إلى مهالك وان كان الهدف نبيل، كما حصل مع عالمة الفيزياء البولندية ماري كوري التي توفيت نتيجة تعرضها للإشعاع بكميات كبيرة، مع العلم أنها تمتلك جائزتي نوبل، لكن في المقابل يقول ألبرت أينشتاين: “ليس لدي موهبة خاصة لدي فقط حبي للاستطلاع”، لذا كل فرد من جيل الشباب أن يقف في مكان وسط بين ماري وأينشتاين بإيقاظ حب الاستطلاع لديه في تخصصه أو شغفه لكي يكون نسخة مصغرة عن أينشتاين بخطى ثابتة.

المصدر خاص بيروت نيوز