كنت أشاهد مع ابني برنامج وثائقي ثقافي عن الكون،
على إحدى المحطات التلفزيونية، ولقد شاهدنا
كيف ان النحل مثلا يتصرف عند وجود طعام ما يغذيهم،
تأتي نحلة تستكشف وتتذوق، قبل إعطاء الفريق المعلومات عن مكان وجود هذا الطعام .وعند وجود خلل ما في الطعام كالخمر مثلا يقطعون ارجل هذه النحلة بداية لاعدامها لأنها كادت تلوث العسل بتهورها.
في حال أرادوا بناء مكان جديد لهم “قفير”، تنقسم فرق من النحل وتسمى المستكشفة للذهاب والبحث عن هذا المكان الذي يجب أن يكون مناسب تماما للجميع، وخاصة في فصل الشتاء حتى لا يهلكوا، وعند عودة المستكشفين كل واحد منهم يبدأ التفسير ماذا وجد واين خلال مؤتمر لهم.
ولكن رغم ذلك يذهب فريق اخر من المستكشفين
للتأكد من المعلومات المعطاة.
يتعامل النحل بصدق مع جماعته، لسبب وجيه وبسيط جدا، وهو في حال الغش او التلاعب بالمعلومات تكون النتيجة كارثية وقد تؤدي إلى هلاكهم جميعا مع قفيرهم.
حاولت مقاربة ما رأيت في المنظومة البشرية،
وكيف أن حب البقاء لدى عالم الحيوان والحشرات
أقوى من حب البقاء لدى بني البشر.
البشري يغش مثلا لمصلحته الخاصة.
البشري يكذب مثلا لمصلحته الخاصة.
البشري يسرق مثلا لمصلحته الخاصة.
البشري ينافق مثلا لمصلحته الخاصة.
البشري يقتل مثلا لمصلحته الخاصة.
ولكن لماذا هذا البشري، لا يفكر في حب البقاء
بطريقة إيجابية كالنحل مثلا؟
هل يستطيع البشري أن يعيش وحده؟
ألا يحتاج لبشر غيره من صنفه؟
كما حال النحل، هل نرى نحلة وحيدة؟
كل يفكر في غريزة البقاء ولكن ضمن القطيع
او الفريق الذي يعيش فيه.
إلا البشر، لا يفكرون إلا في أنفسهم.
ففي لبنان مثلا، لا نفكر في الوطن مثلا ككل وكشعب واحد،
بدل أن نفكر إن الوطن في حال الغش سينهار.
بدل أن نفكر إن الوطن في حال السرقة سيفلس.
بدل أن نفكر إن الوطن في حال الكذب سيتشتت.
بدل أن نفكر إن الوطن في حال النفاق سيُهد.
لا نحن لا نفكر إلا كيف نملي جيوبنا ولو على حساب غيرنا ولو اننا في وطن واحد، مما يعني مركب واحد في حال غرق سيغرق كل من فيه.
لا أحد يفكر أننا في حال غرقنا، سنغرق مع بعض.
لا طوائفنا ولا زعيمنا ولا مركزنا ولا كل مال الدنيا سيجعلنا نطفو، غير الصدق مع وطننا وعدم سرقة مدخراته وشعبه.
ولكننا بكل صراحة تربينا على الفساد، فأي حاكم لم يأت من الفراغ بل أتى من هذا الشعب وتمخض عنه. وهنا استذكر فضيحة تزوير الشهادات الجامعية، ولن ألوم المسؤول عن التزوير فحسب، ولكن علي لوم من طلب تزوير شهادة له.
فيا شعب وطني العظيم عذرا.
ولكن كما تكونون يولى عليكم..
وإن أردتم يوما الحياة،
بالتأكيد سيستجيب لكم القدر.